تسعى إسرائيل دائما لتحقيق تفوق نوعى جوي في منطقة الشرق الأوسط، فخلال ستينيات القرن الماضي كانت الدعاية الإسرائيلية تروج لنظرية الذراع الطويلة بفضل القوة الجوية المتفوقة لإسرائيل في مواجهة جيرانها العرب، إلى أن جاء نصر أكتوبر 1973، واستطاعت العسكرية المصرية كسر هذا الذراع الذي كان "طويلا" وتحطيم نظرية التفوق العسكري الإسرائيلي. وبرغم ذلك لم تفقد إسرائيل الأمل في استعادة "ذراعها الطويلة" مرة أخرى مستغلة في ذلك التطورات الإقليمية الأخيرة في المنطقة، فقبل أربعة عقود، كانت إسرائيل في مقدمة دول الشرق الأوسط التي زودتها الولاياتالمتحدة بمقاتلات "إف - 16" المتطورة وهى المقاتلات التي تحتفل مؤسسة لوكهيد مارتن الأمريكية الشهر القادم بمرور 40 عاما على إنتاجها بإجمالي 4000 طائرة حتى الآن، ومثلما احتكرت إسرائيل في ستينيات القرن الماضي الحصول على النسخ الأولية لتلك الطائرات المتقدمة وكانت تعرف باسم "فانتوم" تسعى إسرائيل الآن لمعاودة نفس السياسة بالنسبة للجيل الخامس من تلك الطائرات"إف – 35" المعروفة بال"الشبح". وأعلن البيت الأبيض عدم ممانعته في أن تتمتع إسرائيل بوضعية "المشتري الحصري الوحيد والدائم" في منطقة الشرق الأوسط للمقاتلات الأمريكية الأكثر تطورا "إف – 35"، وذلك في مواجهة أي تهديدات إيرانية محتملة ضد تل أبيب، وأبلغ وزير الخارجية الأمريكي جون كيري أعضاء الكونجرس بذلك مشيرا إلى أن مقاتلات الشبح من الجيل الخامس "إف – 35" ستبدأ إسرائيل في استلامها العام القادم وهى من إنتاج مؤسسة لوكهيد مارتن الأمريكية. ويقول المراقبون إن إسرائيل بدت غير مقتنعة بكل تلك الترضيات الأمريكية لكي تبارك تل أبيب بالاتفاق النووي مع إيران الذي تم إبرامه في مطلع يوليو الماضي، والذي يرفع العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها، ويرى بعضهم أن تل أبيب بدأت تمارس نوعا من الابتزاز للحصول على مكاسب أكبر من الجانب الأمريكي الذي بدا راضخا لكل ما تطلبه إسرائيل حتى ترضى عن التفاهمات الأمريكيةالإيرانية الجديدة. لكن دوائر صنع القرار في لجنة الدفاع في الكونجرس الأمريكي، وعدد من الخبراء في مراكز اقتصاديات الإنتاج الدفاعي الأمريكية ترى أن من مصلحة الولاياتالمتحدة اقتصاديا التوسع في بيع مقاتلات الجيل الخامس "إف – 35 " لدول الشرق الأوسط الأخرى التي تسعى لامتلاكها وليس إلى إسرائيل وحدها. وينصح الخبراء الإدارة الأمريكية بعدم الرضوخ للمطالب الإسرائيلية، وتكرار تاريخ "الفانتوم" الذي ظلت إسرائيل محتكرة لامتلاكها في الشرق الأوسط لسنوات طويلة، ويرون كذلك أنه ليس من مصلحة صناعة الدفاع الأمريكية تجاهل دول الشرق الأوسط الطالبة لشراء مقاتلات الجيل الخامس، وما يعنيه ذلك من تفويت مكاسب كبيرة تكفل انتعاشا للاقتصاد الأمريكي وإهداء فرص بيع لمصدري نظم القتال الجوى من منافسي المقاتلات الأمريكية الكبار في العالم لا سيما روسيا وفرنسا والصين. ولا يستبعد المراقبون أن تتوصل واشنطن إلى صيغة وسط مع إسرائيل تحقق الفائدة الاقتصادية للولايات المتحدة، وتحقق في الوقت ذاته تفوقا نوعيا لإسرائيل تعهدت الولاياتالمتحدة بدعمه لها كحليف استراتيجي وهو ما قد يكون أحد محاور مباحثات نتنياهو - أوباما الشهر القادم في واشنطن. وتوضح الخبرة التاريخية أن إسرائيل كانت تمارس ضغوطا على الإدارات الأمريكية المتعاقبة كي لا تبيع مقاتلات الجيل الرابع "إف - 15" لبلدان أخرى في الشرق الأوسط بخلاف إسرائيل، لكن ذلك لم يحل دون قيام واشنطن ببيع هذا النوع المتطور من المقاتلات إلا أن هناك العديد من دول المنطقة تمكنت من الحصول عليها.