رئيس جامعة القاهرة يستقبل رئيس المكتب الثقافي الكويتي لبحث التعاون ودعم الطلاب الوافدين    افتتاح توسعات جديدة بمدرسة تتا وغمرين الإعدادية بالمنوفية    بالتعاون مع «الدواء المصرية».. الجامعة الألمانية بالقاهرة تنظم ورشة عمل عن «اليقظة الدوائية»    رئيس جامعة كفر الشيخ يتسلم نسخا من المشروعات التدريبية لشعبة الصحافة بكلية الآداب    البنك التجارى الدولى يحافظ على صعود المؤشر الرئيسى للبورصة بجلسة الاثنين    ماذا ينتظر أسعار الذهب؟.. توقعات صادمة للفترة المقبلة    برلمانية: وحدة الصف الداخلي والالتفاف الشعبي حول القيادة السياسية باتت ضرورة وطنية    وزير الخارجية يبحث مع نظيره الفلسطيني تطورات غزة وتداعيات التصعيد الإقليمي    إيران تعلن إسقاط 3 طائرات مسيرة إسرائيلية    مفوض الأونروا: يجب ألا ينسى الناس المآسي في غزة مع تحول الاهتمام إلى أماكن أخرى    الرئيس النمساوي يبحث مع زيلينسكي سبل إنهاء الحرب "الروسية الأوكرانية"    مباريات أفضل الأندية في العالم : أبرز إنجازات الأندية المصرية    وزيرا الشباب والعمل يشهدان احتفال مرور 10 سنوات على انطلاق «مشواري»    تقرير يكشف موعد خضوع فيرتز للفحص الطبي قبل الانتقال ل ليفربول    ضبط قائد سيارة "ربع نقل" وضع إشارة خلفية عالية الإضاءة حال سيره بالجيزة    تفاصيل القبض علي المتهم بتقييد نجلته وسحلها بالشارع في حدائق أكتوبر    المشدد 10 سنوات لسائق توك توك خطف طفلة بالشرقية    انقلاب سيارة محملة بمادة ك أو ية على طريق السنطة - طنطا دون حدوث إصابات (صور)    كشف ملابسات فيديو وضع سائق إشارة خلفية عالية الإضاءة بالجيزة    وزير الثقافة يشارك في إزاحة الستار عن "استديو نجيب محفوظ" بماسبيرو    مجانا حتى 21 يونيو.. فرقة بني مزار تقدم "طعم الخوف" ضمن عروض قصور الثقافة    إلهام شاهين توجه الشكر لدولة العراق: شعرنا بأننا بين أهلنا وإخواتنا    عضو ب«مركز الأزهر» عن قراءة القرآن من «الموبايل»: لها أجر عظيم    الجامعة الألمانية تنظم ورشة عمل مع هيئة الدواء والمهن الطبية عن اليقظة الدوائية    رئيس جامعة المنوفية والمحافظ يدشنان قافلة طبية متكاملة بمنشأة سلطان    بعد عيد الأضحى‬.. كيف تحمي نفسك من آلالام النقرس؟    وفود دولية رفيعة المستوى تتفقد منظومة التأمين الصحي الشامل بمدن القناة    إيراد فيلم ريستارت فى 16 يوم يتخطى إيراد "البدلة" في 6 شهور    «حسبي الله في اللي بيقول أخبار مش صح».. لطيفة تكشف تفاصيل اللحظات الأخيرة قبل وفاة شقيقها    اليوم .. محاكمة 15 متهمًا بالانضمام لجماعة إرهابية في مدينة نصر    ما هي علامة قبول الطاعة؟.. أستاذ بالأزهر يجيب    كيف تنظم المرأة وقتها بين العبادة والأمور الدنيوية؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    تخفيف عقوبة 5 سيدات وعاطل متهمين بإنهاء حياة ربة منزل في المنيا    إسرائيل تستعد لإطلاق رحلات جوية لاستدعاء العسكريين والعاملين في الصناعات الدفاعية من الخارج    تنسيق الجامعات.. 6 أقسام متاحة لطلاب الثانوية ب حاسبات حلوان    النائب حازم الجندي: مبادرة «مصر معاكم» تؤكد تقدير الدولة لأبنائها الشهداء    حقيقة استبعاد محمود تريزيجيه من مباراة بالميراس البرازيلي    المصرف المتحد سابع أكبر ممول لإسكان محدودي ومتوسطي الدخل ب3.2 مليار جنيه    وزير الزراعة يفتتح ورشة العمل الأولى لتنفيذ استراتيجية إعلان كمبالا للبحث والتطوير الزراعي في أفريقيا    شوبير يكشف سبب تبديل زيزو أمام إنتر ميامي وحقيقة غضبه من التغيير    توقيع عقد ترخيص شركة «رحلة رايدز لتنظيم خدمات النقل البري»    الثانوية العامة 2025.. أبرز المعلومات عن كلية علوم الرياضة للبنات بالجزيرة    بدء تسليم دفعة جديدة من وحدات مشروع جنة بالمنصورة الجديدة.. 6 يوليو    أحمد السقا يرد برسالة مؤثرة على تهنئة نجله ياسين بعيد الأب    الدخول ب 5 جنيهات.. 65 شاطئًا بالإسكندرية في خدمة المصطافين    محافظ أسوان: 14 ألف حالة من المترددين على الخدمات الطبية بوحدة صحة العوضلاب    أسعار الفراخ اليوم.. متصدقش البياع واعرف الأسعار الحقيقية    الينك الأهلي: لا نمانع رحيل أسامة فيصل للعرض الأعلى    إيران تنفذ حكم الإعدام فى مدان بالتجسس لصالح إسرائيل    إعلام إسرائيلى: تعرض مبنى السفارة الأمريكية في تل أبيب لأضرار جراء هجوم إيرانى    انتصار تاريخي.. السعودية تهزم هايتي في افتتاحية مشوارها بالكأس الذهبية    "عايزة أتجوز" لا يزال يلاحقها.. هند صبري تشارك جمهورها لحظاتها ويكرمها مهرجان بيروت    ارتفاع قتلى الهجوم الإيراني على إسرائيل إلى 16 قتيلا    النفط يرتفع مع تصاعد المخاوف من تعطل الإمدادات    3 أيام متواصلة.. موعد إجازة رأس السنة الهجرية للموظفين والبنوك والمدارس (تفاصيل)    مجموعة الأهلي| شوط أول سلبي بين بالميراس وبورتو في كأس العالم للأندية    هل الزيادة في البيع بالتقسيط ربا؟.. أمين الفتوى يرد (فيديو)    أمين الفتوى: الله يغفر الذنوب شرط الاخلاص في التوبة وعدم الشرك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدراما التليفزيونية فقدت رومانسية منى نور الدين وسط جدل حول المسلسلات الرمضانية
نشر في البوابة يوم 19 - 07 - 2015

فقدت الدراما التليفزيونية المصرية كاتبة كبيرة من فرسان الكتابة الراقية في وقت تبدو فيه الحاجة ماسة لإبداعاتها التي انتمت للرومانسية بقدر ما تشكل نقيضًا لبعض المسلسلات التليفزيونية ذات اللغة الهابطة، والتي أثارت انتقادات حادة خلال شهر رمضان الأخير.
وفيما كانت منى نور الدين بصدد تقديم مسلسل تليفزيوني جديد مع المخرج أحمد صقر بعنوان "كحل الهوانم" فإنها رحلت في أواخر شهر رمضان الفضيل وسط جدل حول مسلسلات رمضان التليفزيونية هذا العام، وهذا الجدل الذي شارك فيه العديد من المثقفين المصريين يؤشر أيضا لأهمية الدراما التليفزيونية والحاجة لنقد تاريخي موضوعي.
وبرحيل منى نور الدين تكون الدراما التليفزيونية المصرية قد فقدت كاتبة كبيرة ومنيت بخسارة جديدة تضاف لخسارتها في الأعوام الأخيرة لكبار الكتاب، مثل محمد صفاء عامر وأسامة أنور عكاشة، الذي كان يثير إعجاب منى نور الدين، لأنه كما قالت "صادق ويكتب من القلب وقارئ جيد وواثق من أدواته".
كانت منى نور الدين قد قضت يوم الثلاثاء الماضي بعد صراع مع المرض، فيما بدأت رحلتها مع الكتابة الدرامية للتليفزيون منذ عام 1980 بقصة "النساء يعترفن سرا" لتتوالى أعمالها التي تشكل علامة في الأدب التليفزيوني وهي:"جواري بلا قيود" و"الحرملك" "وبلاغ للنائب العام"و"همسات في العاصفة" و"العزف على اوتار ممزقة" و"كلمات" و"هوانم جاردن سيتي" وهو من اشهر ماكتبته للشاشة الصغيرة.
ولئن اتفق العديد من النقاد على أن لغة منى نور الدين كانت "راقية" واعتبرت الكاتبة الراحلة أن كتاباتها تنتمي للأدب الإنساني وتتناول فيها احاسيس المرأة ومشاعرها من الداخل فان ابداعاتها المكتوبة للتليفزيون إنما تنتمي للاتجاه الرومانسي.
وإن كانت منى نور الدين قد رحلت بالجسد فهي باقية في عيون وقلوب الكثيرين كايقونة مصرية للأدب الرومانسي التليفزيوني بل يحق وصفها بأنها كانت "الرومانسية تمشي على قدمين" وتشكل أعمالها المتلفزة "واحة رومانسية" للكثير من المشاهدين الذين يشدهم الحنين لمرحلة ذهبية في الفن المصري.
وواقع الحال أن الرومانسية المصرية متجذرة وتجلت في اوجه عديدة على مستوى الأدب والفن وطرحت العديد من الأفكار وعلى سبيل المثال فإن "مدرسة الديوان" في الشعر التي كان من إعلامها العقاد والمازني وشكري أكدت على ضرورة أن تعبر القصيدة عن ذات صاحبها بعد أن القصيدة القديمة تبتعد كثيرًا عن ذات قائلها.
وهذا الزمن مازال يشد بالحنين أكثر من جيل من المصريين الآن حتى أن بعضهم يبحث في أعمال مثل مسلسلات منى نور الدين عن أشياء شخصية تخصه في مرحلة من عمره و"يختلي بالذاكرة وقد يحاورها بحميمية" فيما يتوزع مابين المسرات والأسى وهو يستعيد مشاهد من حياته ويستبطن لحظات كثيفة مترعة بالأفراح والأحزان معًا!.
إنه "زمن منى نور الدين" الذي ينساب على الشاشة كعطر الأحباب ورائحة باقية ونفاذة في القلب تستدعي قصص حب وعالما بأكمله من وجوه تشكل كل منها قصة اقوى من الزمن والنسيان، وفي سديم الصخب والعنف في الظاهر ربما لمدىاة الصمت الموحش في الأعماق في الباطن هناك من يعود دوما لأعمال هذه الكاتبة على الشاشة الصغيرة كرمز للرومانسية وصوت يسيل بعذوبة مصرية.
ويبدو جليا أن منى نور الدين كانت من أنصار "الكيف لاالكم" في الدراما التليفزيونية فهي التي قالت:"المطلوب أعمال متميزة حتى يصبح هذا هو الطابع العام ومسألة الكيف مهمة جدا" ومع ذلك فقد المحت قبل رحيلها إلى وجود عدة مشاريع لمسلسلات تليفزيونية لديها ومن بينها عمل بعنوان:"اصحاب المقام الرفيع" وعمل آخر اختارت له عنوان "الجحيم رجل".
ورحلت منى نور الدين في وقت احتدم فيه الجدل حول نحو 50 عملا دراميا عرضتها شاشات التليفزيون خلال شهر رمضان وتساءل البعض حول "جدوى هذا الكم الهائل من الأعمال" فيما اعتبر البعض الآخر من الذين تعرضوا لهذه الظاهرة في الصحف ووسائل الإعلام أن "غالبية هذه الأعمال تشوه صورة الدراما المصرية".
وانتقد الكاتب والشاعر الكبير فاروق جويدة الكثير من مسلسلات رمضان التليفزيونية هذا العام معتبرا انها تقدم صورة سيئة للمجتمع المصري وتشجع على تعاطي المخدرات والادمان فيما رأى الكاتب الدكتور عمرو عبد السميع أن "مسلسلات رمضان في الغالبية جاءت دون مستوى النقد".
كما اعتبر الفنان اشرف زكي نقيب المهن التمثيلية أن "دراما رمضان تقتحم البيوت بالعديد من الألفاظ الخارجة والمصطلحات السيئة التي يتم اقحامها في العمل الفني"، موضحا أن "الفن جمال وهناك أهمية لتحقيق التوازن بين النظرية الجمالية والواقع".
وفي الاتجاه ذاته تحدث الفنان محمد صبحي وكذلك انتقدت الفنانة هالة صدقي ماوصفته "بالألفاظ البذيئة وغير اللائقة في عدد من المسلسلات" بينما رأى الكاتب محفوظ عبد الرحمن في مقابلة تليفزيونية أن هناك "تيارا واضحا في الوسط الفني ينتج دراما معادية للغة والمجتمع ويدمر تقاليده بشراسة منذ أربع سنوات".
وإذا كان الدكتور محمد السيد سليم قد ذهب في العام الماضي إلى أن الفن المصري بلغ مرحلة "الجنوح الاجتماعي الأخلاقي الشامل" كما تجلى في المسلسلات التليفزيونية لشهر رمضان، فقد رأت الفنانة آثار الحكيم في العام ذاته أن "ماحدث في دراما رمضان كارثة" غير انها اشادت بأداء الفنانة نيللي كريم في مسلسل "سجن النسا".
وثمة اتفاق عام بين جمهرة المثقفين المصريين على أن الدراما التليفزيونية اضحت من أهم العوامل التي تشكل "العروبة الثقافية الشعبية" فيما يرى البعض أن الدور الذي كانت السينما المصرية تنهض به على هذا المضمار قد انتقل للدراما التليفزيونية التي يشاهدها العرب من المحيط إلى الخليج ومن ثم فهي لابد أن تقوم "بأدوار ثقافية ناعمة" لخدمة الأمة العربية والتفاعل مع هموم رجل الشارع في العالم العربي ككل.
وبينما تحتفظ الذاكرة الثقافية بالجدل الذي أثير حول مسألة الدراما التليفزيونية التركية، فقد رأى مثقفون وكتاب أن الاهتمام بالدراما التليفزيونية كان ضمن حسابات تركيا عندما ارادت تعظيم نفوذها السياسي والاقتصادي والثقافي في المنطقة العربية دون تناسي أن الأعمال الدرامية كانت جزءا من القوة الناعمة المصرية وادوات التأثير الثقافي في المنطقة الأمر الذي يتطلب الاهتمام بمستوى هذه الأعمال لاستعادة الرسالة الثقافية-الحضارية لمصر.
ومع أن الكاتب والشاعر فاروق جويدة يؤكد على أن "المنافسة حق مشروع" فإنها لفت إلى أنه "امام الجمال التركي هناك حسابات أخرى " فيما واجهت الدراما المصرية مشاكل حجم الانفاق الذي تراجع امام الظروف الاقتصادية الصعبة، وهذه الدراما هي التي شكلت الوجدان المصري والعربي لسنوات طويلة".
وفي الوقت ذاته فان رهان اللحظة المصرية في صناعة الدراما تثير تساؤلات مثل:كيف عجزت الثورة المصرية عن التأثير على الدراما؟..ولماذا بقى المشهد السينمائى والتليفزيوني الدرامي المصرى بعد ثورة 25 يناير دون تغيير.
ويوما ما قيل بحق في سياق مقاومة التطبيع أن مصر لايمكن أن تخشى من الثقافة الإسرائيلية وان العكس هو الصحيح بحكم التفوق الحضاري-الثقافي المصري واصالته الضاربة في جذور التاريخ ولاجدال أن الدراما المصورة المصرية كانت دوما صاحبة السبق في تلك المنطقة.
ومن هنا يقول المطرب الجزائري الأصل والعالمي الشهرة "الشاب خالد" أن مصر هي المدرسة الكبيرة التي يتعلم منها كل المطربين والفنانين العرب" منوها بأنه "تعلم الكثير من الموسيقى المصرية خلال مسيرته الفنية".
إن النظرة العميقة للدراما التليفزيونية التركية- التي تراجع مداها الآن بصورة واضحة في المنطقة العربية- تكشف عن تأثر واضح بمسألة الشكل كما يتبدى في رموز تلك الدراما:"مهند وفاطمة" ومسلسلات مثل "حريم السلطان" و"زينب" غير أن تلك النظرة تكشف أيضا عن سبق مصري في هذا الاتجاه مع السنوات الأولى للسينما المصرية العريقة فهو أسلوب تبناه شيخ المخرجين المصريين محمد كريم.
ومحمد كريم هو أول من اشتغل بالإخراج السينمائي من المصريين وعرف بالعناية الفائقة "بالمنظر ولوازمه ومحتوياته " وكان يقدم الطبيعة في اجمل صورها وهو مايتجلى في افلام مثل "زينب" و"الوردة البيضاء" ودارت اغلب افلامه حول مواضيع عاطفية وغنائية.
والسينما المصرية دراميا كان لها فضل السبق في ادخال "الواقعية" في الفن السابع بالمنطقة كلها بابداعات المخرج كمال سليم منذ عام 1939 وظهور فيلم "العزيمة" ليدشن مدرسة الواقعية في مواجهة الرومانسية المغرقة لشيخ المخرجين المصريين محمد كريم.
اما كمال سليم بواقعيته فهو يعالج مشاكل اجتماعية من صميم الواقع المصري عن طريق تقيم "شخصيات مصرية نعرفها تماما لأنها تعيش معنا ونلتقي بها كل يوم في حياتنا اليومية" وفي عام 1965 اختار الناقد والمؤرخ السينمائي الفرنسي جورج سادول في كتابه "قاموس الأفلام" فيلم العزيمة لكمال سليم كواحد من الأفلام العالمية في تاريخ السينما.
بل أن سادول اعتبر هذا الفيلم المصري الذي ظهر عام 1939 "يفوق الأفلام الفرنسية والإيطالية التي ظهرت في الفترة ذاتها" فيما جاء صلاح أبو سيف ليمسك كمخرج مصري كبير بخيط الواقعية من جديد ولتعبر افلامه مثل "الأسطى حسن" وريا وسكينة" و"الفتوة" عن اللحظة التاريخية المصرية.
وتبلور هذا الاتجاه بمزيد من الوضوح في "القاهرة 30" و"بين السماء والأرض" و"بداية ونهاية" و"القضية 68" وكان هذا الفيلم الذي دشن ماعرف "بالواقعية النقدية" يتحدث وقتها عن ضرورة الثورة بعد أن تهدم كل ماعداها "فالثورة ضرورة من أجل النمو والتقدم".
وهناك كمال الشيخ صاحب أسلوب الاثارة والتشويق فيما لاحاجة للافاضة في إنجازات يوسف شاهين للفن السابع المصري والعالمي وحرفية المخرج نيازي مصطفى وتمكنه من ادواته في افلام المغامرات والصراعات وتميز افلام المخرج فطين عبد الوهاب المفعمة بروح الضحك والمرح و"استاذية" حسن الامام في افلام الميلودراما.
وسيبقى اسم المخرج توفيق صالح طويلا في ذاكرة السينما فيما عرف بأسلوب الواقعية الجديدة المتأثر بالمدرسة الإيطالية مع ابداع مصري خالص واصيل كما تبدى في "صراع الأبطال" و"درب المهابيل" واستحق هذا المخرج الذي قضي مؤخرا اعجاب وتقدير كل عشاق السينما لابداعاته الرفيعة المستوى والتي دخلت على الرغم من قلة عددها في قائمة افضل 100 فيلم مصري.
وذهب بعض النقاد والمعلقين في الصحف ووسائل الإعلام المصرية إلى أن الدراما التليفزيونية باتت الأكثر أهمية بعد تراجع المسرح والسينما داعين الدولة لرصد ميزانيات مناسبة للإنتاج الدرامي التليفزيوني وعدم ترك الساحة لشركات الإنتاج الخاصة التي كثيرا ماتقدم أعمالا رديئة.
كانت الكاتبة الراحلة منى نور الدين قد ذكرت في مقابلة صحفية انها كتبت للسينما عملا بعنوان "همس الجواري" من إخراج نادية حمزة غير انها تشير لعدم نجاح هذا الفيلم بقولها أن الفيلم لم يصادفه الحظ "لأنه عرض في موجة افلام المخدرات والأكشن ولم تقدم الدعاية المناسبة له".
ورأت منى نور الدين أن "التليفزيون اخذها لأنها تكتب فيه باستفاضة وهو يعطي فرصة للاستغراق في المشاعر أكثر من السينما" موضحة انها تركز في ادبها التليفزيوني على قضايا مصرية تتعلق "بمشاعر المرأة وعلاقتها بالرجل وحاجاتها ونوع القهر المعنوي الذي قد تتعرض له وكيف تتلافاه".
لكن المصارحة تقتضي التسليم بأن ثمة أزمة في الدراما المصرية في راهن اللحظة طالت المسلسلات التليفزيونية كما تبدى في شهر رمضان الحالي وتثير قلق العديد من المثقفين المصريين كما أن دواعي الانصاف تقتضي القول بأن الدراما التليفزيونية المصرية واجهت في السنوات الأخيرة مشكلة حجم الانفاق الذي تراجع امام الظروف الاقتصادية الصعبة.
واذا كانت هذه الدراما هي التي شكلت الوجدان المصري والعربي لسنوات طويلة فمن المفيد الآن استعادة ماقاله المؤرخ الأمريكي هوارد زن في كتابه "قصص لاتحكيها هوليوود ابدا" أن مهمة المبدع سواء كان يكتب أو يخرج أو ينتج أو يمثل في افلام أو يعزف موسيقى ليست فحسب الهام الناس وتقديم السعادة لهم وانما تعليم الجيل الصاعد أهمية تغيير العالم.
واذا كان المخرج الإيطالي "انطونيني" هو صاحب مقولة أن "أكثر مايثير انتبهي في هذا العالم هو الإنسان وتلك هي المغامرة الوحيدة لكل منا في الحياة" فللدراما المصرية أن تركز على هذا الإنسان وان تتطور أكثر خاصة وان الجماهير المصرية والعربية تؤازرها.
ومن يتأمل مليا كلمات منى نور الدين يخلص لتركيزها على عنصر الصدق و"عدم الافتعال" فيما أوضحت رؤيتها بقولها:"أن ما يصدر من القلب يصل إلى القلب" فيما ترى الكاتبة مريم نعوم أن القصة مهمة في أي مسلسل تليفزيوني غير أن نجاح العمل يعود للمخرج في المقام الأول موضحة أن عملها المقبل سيعتمد على رواية "واحة الغروب" للكاتب الكبير بهاء طاهر.
وقد تتبدى العلاقة بين الأدب والتليفزيون والسينما في مقولة للمؤرخ الأمريكي هوارد زن في كتابه "قصص لاتحكيها هوليوود ابدا" جاء فيها أن مهمة المبدع سواء كان يكتب أو يخرج أو ينتج أو يمثل في افلام أو يعزف موسيقى ليست فحسب الهام الناس وتقديم السعادة لهم وانما تعليم الجيل الصاعد أهمية تغيير العالم.
ولئن كانت منى نور الدين قد اشادت أيضا بدراما الكاتب محفوظ عبد الرحمن التي تحمل متعة فنية وادبية وتمنت تقديم عمل عن الأديبة اللبنانية الراحلة مي زيادة فان فيلم "جاتسبي العظيم" الذي تألق على الشاشة الكبيرة والمأخوذ عن رواية كتبها فرانسيس سكوت فيتزجيرالد يعيد للأذهان العلاقة الوثيقة بين الأدب والسينما والدور الذي يمكن أن تقوم به الرواية في رفد الفن السابع بكل ماهو مثير للدهشة ومحقق للنجاح حتى بالمعايير التجارية التي باتت مهيمنة بشدة على السينما المصرية بينما تبدو هذه السينما وقد فقدت ذاكرتها وتناست أن أعمالا لأدباء مثل نجيب محفوظ ويوسف ادريس واحسان عبد القدوس حققت لها المجد بطرفيه.
فرواية "جاتسبي العظيم" التي نشرت لأول مرةعام 1925 هي تحفة على مستوى روائع الأدب الخالد سواء داخل الولايات المتحدة أو خارجها كما هي تحفة في عالم الأطياف التي تبدت في مهرجان كان السينمائي بينما الدراما المصرية سواء على مستوى الشاشة الكبيرة أو الشاشة الصغيرة تبدو أحيانا حيرى وعاجزة ثقافيا وابداعيا عن التكيف مع متغيرات ومتحولات مابعد ثورة يناير.
أن تاريخ الفن السابع والدراما التليفزيونية معا لن ينسى اسماء مصرية مثل يوسف شاهين وشادي عبد السلام وصلاح أبو سيف ومحفوظ عبد الرحمن وأسامة أنور عكاشة ومنى نور الدين وسعيد مرزوق وصلاح مرعي الذي كان أحد اعظم مهندسي الديكور في السينما المصرية أن لم يكن السينما العالمية وعرف بديكوراته شديدة الواقعية والعظيمة الخيال وهنا بالتحديد يكمن الحل لأزمة الدراما الراهنة التي تذهب احيانا بالنفوس حسرات!.
فهل تفعلها الدراما المصرية وتعود ثقافيا للجمال والواقعية الفنية والخيال الخلاق أم تترك الساحة للآخرين ليفعلوا أفاعيلهم منفردين بالساحة والشاشة كبيرة كانت أم صغيرة؟!..في مفترق الطرق لا بد من وضوح الرؤية لتبقى مصر دوما منارة للإبداع والجمال.. أنها مصر التي أنجبت كاتبة كبيرة مثل منى نور الدين لتنتصر في إبداعاتها لقيم الحق والخير والجمال.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.