جماعة ياسر برهامى أخطر على مصر من «الإخوان».. و«الإرهابية» أشطر منا فى توصيل صوتها للخارج قال مظهر شاهين، إمام وخطيب مسجد عمر مكرم، إن الخطاب الدينى يشهد تحسنًا بعد رحيل جماعة الإخوان عن الحكم، إذ أبُعدت السياسة والخلافات الطائفية والحزبية عنه، وتم تنقيته من كل ما يمس بمصلحة شخصية أو سياسية، وأصبح له رجال متخصصون فى شئون الدعوة من الأزهر والأوقاف، بعد أن كان من حق العشرات أن يمارسوا الدعوة ومعهم تصاريح خطابة وليسوا أزهريين، مشيرًا إلى أن الجماعات الدينية حاولت استخدام الخطاب الدينى فيما يحقق مصالحها، وهذا الاستخدام أساء للخطاب الدينى وللإسلام. ■ كيف تقيّم الخطاب الدينى القائم الآن؟ - الجماعات الدينية حاولت استخدام الخطاب الدينى فيما يحقق مصالحها، وهذا الاستخدام أساء للخطاب الدينى وللإسلام، ورأيناهم فى الانتخابات البرلمانية والرئاسية يستخدمون الشعارات الدينية لحصد الأصوات، وصوروا أنفسهم كأنهم وكلاء عن الله، لدرجة أن أحدهم قال: «هنخلى كل حاجة إسلامية حتى الصرف الصحى»، وهذه الأفعال جعلت هناك حالة من العزوف الشعبى عن كل ما له علاقة بالدين، لصدمة الناس فيهم، وبالتالى كان من الواجب على المعنيين بالخطاب الدينى بعد 30 يونيو، أن يتلافوا أخطاء من كانوا قبلهم ويصححوها، ويستقطبوا الناس مرة أخرى للخطاب الدينى، وهذه مهمة ثقيلة جدًا، لكن الأزهر والأوقاف بذلا مجهودًا كبيرًا لإعادة الثقة مرة أخرى بين المؤسسة الدينية ورجل الشارع، من خلال خطبة جمعة موحدة، لإبعاد المساجد عن السياسة، وإنهاء حالة الشقاق التى ضربت المجتمع بسبب من يرون أن ما حدث ثورة أو انقلاب، وهؤلاء لهم مساجد وهؤلاء لهم مساجد، ولا يجب تكون المؤسسة الدينية طرفا ومرتعا لكلا الفريقين. وبعد رحيل الإخوان تحسن الخطاب الدينى، وأبُعدت السياسة والخلافات الطائفية والحزبية عنه، وتم تنقيته من كل ما يمس بمصلحة شخصية أو سياسية، وأصبح له رجال متخصصين فى شئون الدعوة من الأزهر والأوقاف، بعد أن كان من حق العشرات أن يمارسوا الدعوة ومعهم تصاريح خطابة وليسوا أزهريين، فالأوقاف منعت كل ذلك وشكلت لجانا لاختبار من يصلح منهم. ■ قلت إن الخطاب الدينى يشهد حالة من التحسن لكن الإلحاد فى تصاعد.. كيف تفسر هذا التناقض؟ - الإلحاد موجود من لدن آدم، ولن ينتهى، هذه طبيعة بشرية فالعقول الإنسانية متفاوتة، لكن إلقاء الضوء على مثل هذه القضايا لم يكن موجودا من قبل. الملحدون موجودون طيلة الوقت «لكن محدش كان شايفهم»، واليوم أصبح من الطبيعى أن نراهم فى التليفزيون، وهذا التفشى يعود لصدمة بعض الشباب فى الإسلاميين من خلال ممارستهم الخاطئة أو تأويلات فاسدة لقضايا فقهية، مما جعل البعض منهم ينفر من الدين.. الناس استبشرت بوصول الإخوان للحكم، وتصوروا فيهم عدل عمر ابن عبدالعزيز، وسيحكمهم من يخافون الله، وإذا بهم يفاجئون بالعنف والخوف والكذب والخيانة والتجسس. ■ أليس من الأولى تطوير الأزهر الشريف قبل البدء فى مشروع الخطاب الديني؟ - الأزهر كمؤسسة لا تحتاج لتطوير، بل يحتاج إلى إعادة صياغة ما يعتمد عليه فى الخطاب الدينى، وفى المناهج الأزهرية، وبعض الهيئات المشكَّلة من عدد من الأعضاء، هناك البعض منهم ينتمى للسلفيين أو الإخوان، بالإضافة إلى إعادة النظر فى آلية توصيل الخطاب الدينى إلى المتلقى. ■ لماذا لا نجد ردا واضحا من الأزهر بتكفير داعش؟ - الأزهر خرج ورد على كل تأويلات داعش، لكنه مؤسسة ومن هيبته ألا يتدخل إلا بحساب، ووصف فى أكثر من عشرين بيانا أفعال داعش بأنها لا تمت للإسلام بصلة، لكنه رفض أن يكفرهم، حتى لا يفعل مثلهم، فالأزهر عندما يفتى لا يفتى بهوى شخصى، ولا لمجاملة لأحد، وهؤلاء يشهدون بأن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وهذه تحول دون تكفيرهم، لكنه يقول إن أعمالهم بعيدة عن الإسلام، وإذا فعل مثلهم ف«هيبقى إداله السلاح اللى يقتله بيه، هم كفرونا وإحنا كفرناهم، واللى يقدر على التانى يقتله وخلاص»، لكن عدم تكفيرهم، يجعل عليهم الحجة، إنكم تكفرون المسلمين من غيركم، وهم يشهدون بالله ورسوله. ■ الأحداث العنيفة التى ضربت جامعة الأزهر من بعض الطلاب، ووجود انشقاقات دينية فى الهيئة التدريسية.. هل نستطيع القول إن سور الجامعة يؤوى بداخله نشئًا إرهابيًا؟ - لا بد من الإشادة بالدور الذى يقوم به رئيس الجامعة الدكتور عبد الحى عزب، وأنا أعتبره أسدا من أسود الأزهر الشريف، لتمكنه من العمل على استقرار الأوضاع، وفضله فى الحيلولة بين طلبة العلم وطلبة الإرهاب.. الجامعة بها نصف مليون طالب، ومن المنطقى أن يكونوا مختلفين فى انتماءاتهم السياسية والدينية، إلا أنه من غير المقبول أن يكون لهذا الدور السياسى تأثيرا على الحياة العلمية داخل الجامعة، فالانتماء السياسى يكون خارج سور الجامعة، وهذا أيضا ينطبق على الهيئة التدريسية، فكل أستاذ حر فيما يعتقده، طالما أن ذلك لا ينعكس على مادته العلمية، أو طريقته داخل الجامعة. ■ هل المناهج الأزهرية بها ما يكرس للأفكار الإرهابية؟ - المناهج التاريخية قد يكون من بينها بعض الوقائع التى تتحدث عن المعارك بين المسلمين وغير المسلمين، فيأخذها الطالب ويسقطها على واقع مغاير تماما، ونعم كانت هناك بعض الأمور التى قد يعتمد عليها الإرهابيون فى أفعالهم الإجرامية، لكن الأزهر الآن والدكتور سالم أبو العاصى شكل لجنة لتنقية المناهج من كل الثغرات التى تفتح بابا للالتباس، مثل بعض الفتاوى الشاذة، وبعض الآراء الفقهية التى تعبر عن رأى فقهى فى زمن أو مكان ما، والفقه بطبيعته يتغير من زمن لزمن ومن مكان لمكان، لذا نحن فى حاجة لفقه يتناسب مع زمننا الحالى. ■ هل تم تسييس الأزهر؟ - هو فى الأصل مؤسسة علمية وأيضا وطنية، وليس من الممكن أن يكون الأزهر بمعزل عن الحياة السياسية، وهو يعانى من إشكالية بسبب عدم تفهم الناس لحقيقة دوره، فإذا سكت الأزهر ولم يشارك فى أى حدث، فنجد من يتهمه ويصفه بالسلبية، وإذا شارك فى الأحداث يخرج من يتهمه بأنه مسيس ويعمل لصالح النظام. الأزهر يجب ألا يكون بمعزل عن الحياة، ويتدخل فى المسائل التى تمس الأمن القومى من ناحية أو الوطن من ناحية أخرى، ففى 30 يونيو كان للأزهر موقف عندما حرّم الإخوان الخروج فى مظاهرات سلمية فخرج الأزهر ببيان قال فيه إن المظاهرات السلمية ليست بخروج على الحاكم ومن يعتدى على الناس هو مجرم وآثم. ■ أنت ترفض الدمج بين السياسة والدين، وكنت أيام الثورة «خطيب الثورة» وكانت لك خطبك السياسية.. ما هذا التناقض؟ - لم يحدث يوم أنى اتخذت منبرى لأى ممارسة سياسية، ولم أدع أحدا لانتخابى أو لأى غرض سياسى، إنما مارست ما كنت أراه وقتها محاولة للإصلاح العام، و«النهارده لما بطلع أقول للناس ادعموا قناة السويس والجيش المصرى، دا مفيهوش مصلحة شخصية أو سياسية ليا». نضطر أحيانًا للعب مع الإرهابيين فى نفس ملعبهم، فهم اليوم عندما يخلطون الدين بالسياسة و«ميلاقوش حد يرد عليهم»، سيؤدى ذلك لإقتناع عدد كبير من الناس بهم، لذلك نضطر لمواجهتهم، لنفند حججهم ونصلح للناس ما أفسدوه، ثم أنى كنت حريصا على أن أكون خطيب التحرير طيلة وقت الثورة حتى لا يعتلى المنبر شخص له أهداف غير وطنية، فيتحدث بما لا تحمد عقباه، فكان من الممكن أن يصعد أحد من الإخوان أو السلفيين ويشعل الوطن فى لحظة، ويحرض كل هذه الملايين على ارتكاب أى جريمة. ■ هل نحصد خطأ الرئيس السادات عندما أخرج الإخوان من السجون؟ - نحن نحصد 60 عامًا من السياسة، لا يمكن تحميل السادات وحده، فهو يتحمل مسئولية، ومبارك، ونحن كثورة علينا تحمل المسئولية، السادات من أعطاهم قبلة الحياة بعدما قضى عليهم عبدالناصر، ليقتلوه هم وينقضوا عليه، السادات قتل نفسه بسلاح الإخوان الذى أحياهم بعد موت، ليأتى مبارك وأفسح لهم الطريق، وكأنما جرى اتفاق بينه وبينهم، بأن يبتعدوا عن السياسة مقابل أن يتوغلوا فى المجتمع المدنى ومؤسساته، وهم استغلوا ذلك جيدا، وانتشروا فى كل ربوع البلاد، وكونوا ثروات طائلة تحت مسمى الزكاة، إضافة إلى الامتيازات التى حصلوا عليها فى السجون، ثم قامت الثورة، والشعب المصرى فى غالبه لم يكن يعرف عن هذه الجماعات شيئا، ونحن ساعدناهم أيضا فى الوصول للحكم، لكن ما أن عرفناهم حتى سحقناهم. ■ كيف أساء مبارك للمؤسسة الدينية؟ - فتح للسلفيين قنوات فضائية، وسمح لرموز السلفية العمل فيها والدعوة، وبعض القنوات كانت تظهر فيها رموز إخوانية الناس لم تكن تعرفها مثل عبدالرحمن البر والدكتور محمد عمارة، ووجدى غنيم ووجدى العربى، ومبارك استخدم السلفيين لمواجهة الإخوان، إلا أن السلفيين انضموا إليهم بعد يناير وشكلوا الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح. ■ هل شيوخ السلف يقدمون الدين الصحيح للناس؟ - السلفيون أخطر على مصر من الإخوان، داعش أقرب للسلفيين، ولا يمكن أن نختار بين السرطان والكبد الوبائى، فكلاهما يقتل الإنسان، و«الاتنين أنيل من بعض»، مصر يجب أن تتخلص من أى أحزاب تنطق باسم الدين، وأطالب بمنع أى شخص من الحديث فى أى وسيلة مسموعة أو مقروءة أو مرئية من الحديث إلا بعد خضوعه لاختبارات الأوقاف وحصوله على تصريح الخطابة ويجب تطبيق القانون الرادع بتحجيم العمل فى الدعوة من غير المختصين، وتطبيق عقوبة رادعة ضده، مثلما حدث مع الشيخ حسين يعقوب، وهناك قضية ضده من الأوقاف. ■ لا توجد مواجهات فكرية ضد الإرهاب حتى الآن.. ما تعليقك؟ - نحن نواجه، لكن الإخوان والإرهابيين ما زالوا «أشطر» فى توصيل صوتهم للخارج، وصوتنا لم يصل بعد لأوروبا وأمريكا، و«أنا مش عارف هيئة الاستعلامات بتعمل إيه، وشفنا الفضيحة اللى حصلت فى الحادث الأخير فى سيناء، وكم الشائعات من وسائل إعلام داخلية وخارجية، وإحنا مكنش عندنا بيان واضح، حتى إعلان القوات المسلحة آخر النهار الذى أوضح حقيقة ما يحدث هناك»، ولذلك نحن فى حاجة لمساحات فى برامج أوروبية وأجنبية، وصفحات فى جرائد دولية، ويكون لهيئة الاستعلامات صوت خارجى، للأسف الإعلام المصرى «بيكلم نفسه». ■ هناك هجوم عليك بسبب تقربك من الفنانين.. ما ردك؟ - هذا شرف لى، أليس الفنانون مصريين؟ هل فيهم أحد متأمر أو خائن أو عميل؟ كون أحدهم يمتهن الفن فهذا ليس سببا يجعلنى أرفض علاقتى بهم، بالعكس أنا أعرف فنانين وفنانات أكثر تدينا من بعض السلفيين، مثل سامح الصريطى وسامح حسين وأشرف عبدالباقى وحسين الشربينى وجمال إسماعيل، لكن للأسف الناس تحكم بالظاهر على الفنانات وكانت تدور بيننا أحاديث فى مسائل دينية كثيرة، ويسألونى عن أموال الزكاة أو مشروعات خيرية، مثل الراحلة معالى زايد، كانت خيرة للغاية، وكذلك إلهام شاهين تسألنى فى أمور خاصة بالصلاة والصيام والعمرة وهى أكثر تدينا من كثير من شيوخ السلفيين.