رصد الكاتب الأمريكي آرون ديفيد ميلر تساؤل اللجنة الوطنية الجمهورية بالكونجرس عما كان يفعله الرئيس باراك أوباما على مدى الأشهر العشرة الماضية؟، في إطار الانتقادات الموجهة له بعد اعترافه الإثنين في قمة مجموعة السبع الصناعية، بعدم امتلاك استراتيجية شاملة لمكافحة تنظيم "داعش". وأكد ميلر - في مقال نشرته صحيفة ال (وول ستريت جورنال)- استشراء الإحباط في صفوف الجمهوريين جراء توسع "داعش" على الأرض، وقال إنه على الرغم من كل النقد الموجه لسياسات إدارة أوباما، إلا أن التحدي الحقيقي هو السؤال الخاص بماهية أفضل الطرق لمكافحة داعش، ولا يبدو أن أيًا من خصوم أوباما أو أنصاره يعرف له جوابًا. وأوضح أن المسألة لا تقف عند حد معرفة المطلوب لتغيير معادلة المعركة عسكريًا وسياسيًا ضد "داعش"، وإنما تمتد لتشمل معرفة ما يمكن تنفيذه عسكريًا وسياسيًا في السياق العراقي السوري وفي واشنطن، لاسيما عندما يتعلق الأمر بزيادة نطاق الالتزام الأمريكي عسكريًا. وشدد ميلر على أن أية استراتيجية أمريكية إنما تحتاج إلى التفكير في القيود التي قد تعوق أي تحرك أمريكي ديمقراطي وجمهوري على السواء على صعيد إلحاق الهزيمة بتنظيم داعش. وأومأ ميلر إلى شبح الفشل في حربي العراق وأفغانستان، والذي يلوح في الأفق إبان الحديث عن أي استعداد من جانب واشنطن لمواجهة "داعش"، وقال إن أساس أي التزام عسكري أمريكي إزاء العراقوسوريا منغرسٌ في حمأة الفشل في هاتين الحربين الأطول في تاريخ أمريكا ومرتويٌ من الإحباط من قدرات العراقيين والسوريين سياسيا قبل أن يكون عسكريا على تلك الجبهة ضد داعش. ورأى ميلر أن الرئيس أوباما محق في أن يتوقع من رئيس الوزراء العراقي الحالي حيدر العبادي ما لم يكن يستطيع أن يتوقعه أو ما لم يكن يمكنه أن يطلب من سابقه (نوري المالكي)، وهو مزيد من الاحتواء للسُنة وخصوصا تمكين الميليشيات المحلية في مجابهة داعش، وقال ميلر إنه ما لم تفعل أمريكا ذلك، فمهما كانت تحركاتها العسكرية فسيستمر تنظيم داعش في العزف على أوتار أحزان العراقيين السُنة، ولن ينعم العراق باستقرار. واستبعد الكاتب أن يكون ثمة إمكانية لوضع حلول سريعة للوضع الراهن؛ ذلك أن مكافحة داعش تتطلب أعواما، فبعد ما يقرب من 14 عاما من هجمات الحادي عشر من سبتمبر لم تستطع أمريكا إنزال الهزيمة بتنظيم القاعدة أو مشتقاتها، ثم إن "داعش" ليس مجرد تنظيم إرهابي؛ لقد حاز مقومات تجعله قريب الشبه بالدولة. وطالب ميلر إدارة الرئيس أوباما ومنتقديها في الكونجرس بالكف عن استخدام لفظة "هزيمة"؛ ذلك أننا لسنا في الحرب العالمية الثانية، كما أن القضاء على داعش يتطلب إصلاح الأوضاع في سورياوالعراق، والتمكين لنظامي حكم جيدين، ودولتين وظيفيتين، وليست صقور الكونجرس مستعدة لتوفير الموارد اللازمة لعمل كل ذلك. ولفت ميلر إلى ما وصفه بحالة من التوازن الأمريكي بين "الانخراط الكلي" و"الابتعاد الكلي" في مضمار الحرب على داعش، موضحا أن أيا من الجمهوريين أو الديمقراطيين لا يطالب بدفع عشرات الآلاف من الجنود الأمريكيين المقاتلين إلى تلك الحرب لإنزال الهزيمة بداعش. وأضاف أن إدارة أوباما تبدو مترددة في تعزيز الوجود العسكري الأمريكي بإضافة المزيد من القوات الخاصة والزجّ بها مع القوات العراقية المقاتلة لإرشاد الضربات الجوية أو للمساعدة في توجيه العمليات العراقية على مستوى الألوية والكتائب. ونوه ميلر عن أن أعضاء بارزين في الحزب الجمهوري على غرار السيناتور جون ماكين يبدون راغبين في فعل ذلك وفي تعزيز الضربات الجوية الأمريكية، لكن لا يبدو واضحا على الإطلاق أن الكونجرس بأكمله مستعد لقبول المخاطرة بتعريض جنود أمريكيين للقتل أو الوقوع في أسر الدواعش في حرب تنذر مقدماتها بأنها مفتوحة النهاية. وخلص ميلر في نهاية مقاله إلى أن عوامل كثيرة، كالعزوف عن المخاطرة من جانب الأمريكيين سواء في الكونجرس أو بين الجماهير، والفوضى التي تعم العراقوسوريا - هذه العوامل وغيرها تشكل قيودا ثقيلة على أي رئيس أمريكي يحاول أن يفكر في تدخل عسكري ضد تنظيم داعش للحيلولة دون قيام الأخير بتنفيذ عمليات هجومية على الأراضي الأمريكية مستقبلا .. وهذا بدوره يجعل من أي جهد للتصدي لداعش أو إجباره على الانسحاب من أراض سيطر عليها أو استئصال شأفته كلية - يجعل منه أمرا أكثر صعوبة.