تفاقمت مؤخرًا خسائر النظام السورى، وفقد العديد من المدن الإستراتيجية المهمة أمام التقدم الملحوظ لقوات المعارضة المسلحة، الساعية للسيطرة على مدينة اللاذقية، أهم مواقع النظام الإستراتيجية، والمعقل الرئيسى للطائفة العلوية التي ينتمى إليها الرئيس بشار الأسد وغالبية المحيطين به. يأتى هذا في الوقت الذي أشارت فيه تقارير غربية إلى تعرض النظام السورى لمشكلات داخلية وأنباء عن وقوع انقلاب عسكري لقادة علويين ضد بشار، الذي اختفى من دمشق إلى مكان غير معلوم، ومحاولتهم إنقاذ الطائفة من مصير مجهول حال سقوط الأسد، إضافة إلى التذمر من النفوذ الإيرانى المتزايد في الجيش. ورأت صحيفة «ديلى تليجراف» البريطانية في افتتاحيتها أن التحولات الأخيرة التي شهدتها سوريا، وتهاوى قوات الأسد أمام ضربات المعارضة المسلحة، جاء بصورة أساسية بسبب الدعم السعودى القوى، وأكدت أن السعودية قررت ضرب إيران بقوة في سوريا، ويعنى هذا زيادة التدخل على الأرض والدعم للمعارضة المعتدلة التي تحارب الأسد من أربع سنوات ولم تحقق النتائج المرجوة، فكان التحرك الفعال مؤخرًا ورفع سقف الدعم العسكري واللوجستي، ما مكنها من تحقيق الانتصارات الأخيرة. ونجحت المعارضة السورية المعتدلة، التي لا تضم التنظيمات الإسلامية المتطرفة مثل جبهة النصرة أو "داعش"، في تكبيد قوات الأسد وحزب الله اللبنانى وإيران خسائل كبيرة، والسيطرة على مدن مهمة مثل «جسر الشغور» الإستراتيجية، وإحكام السيطرة على إدلب، والصراع الآن يتجه نحو اللاذقية، شمال غربى البلاد، مسقط رأس الأسد وغالبية أركان نظامه. وفى محاولة من النظام لتدارك الموقف أرسل وزير دفاعه وكبار قادته العسكريين وكذلك قادة حزب الله إلى طهران في زيارة طارئة لبحث الأزمة الحالية وكيفية الخروج من المأزق الحالى وإنقاذ ما بقى من النظام. واعترف إعلام النظام السورى بوصول قوات المعارضة إلى اللاذقية، وذكرت وكالة سانا الرسمية للأنباء أن طائرات الجيش السورى قصفت مواقع للمعارضين في ريف اللاذقية الشمالي، وتضم المدينة الساحلية المهمة ميناء طرطوس، الذي يعد المنفذ البحري الرئيسي للنظام، ويعتمد عليه في الحصول على الإمدادات الخارجية سواء من الوقود أو الأسلحة التي تأتيه من إيرانوروسيا. وتشير الصحيفة البريطانية إلى أن السعودية تحت حكم الملك «سلمان بن عبدالعزيز»، وأركان النظام الجديد قررت الضرب بقوة والاعتماد على التدخل المباشر والقوى في كل الملفات الساخنة في المنطقة وعلى رأسها الملف السوري، لضرب النفوذ الإيراني. فضلًا عن استمرار السياسة التي انتهجتها منذ فترة في أسواق النفط والتي قلبت موازين القوى إلى حد بعيد، وأدت إلى تراجع أسعار النفط بصورة ملحوظة الأمر الذي أثر سلبًا على الاقتصاد الإيرانى المتهالك، وكذلك على روسيا ودول أخرى أيضًا، ويوضح موقع «فويس أوف أمريكا» الأمريكى أن الموقف السعودي الجديد زاد من المخاطر المحيطة بالنظام السورى والتي قد تعجل بسقوطه وأبرزها حدوث انقلاب عسكري يطيح بما تبقى من النظام، فالكثير من قادة الجيش ساخطون على السياسات العسكرية الحالية وتدخل إيران في سير العمليات وسيطرة جنرالات الحرس الثورى على قيادة أركان الجيش السوري، بل وحتى مراقبة القادة السوريين والتعامل معهم بشكل غير لائق. وكشفت مصادر إسرائيلية للموقع أن احتمالات الانقلاب واردة بقوة، ما دفع الأسد لفرض رقابة صارمة على قادة الجيش، كما أنه يستعين الآن بقوات خاصة إيرانية لتأمينه وتأمين عائلاته ومقرات إقامتهم وتحركاتهم، خوفًا من الاغتيال على يد الجيش. وتداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعى أنباء عن الكثير من محاولات الانقلاب على الأسد. ووفقًا للأنباء المتداولة فإن هناك عميدا علويا يدعى «سهيل الحسن» الملقب بالنمر انقلب على النظام، وأن دمشق شهدت مواجهات بين قواته وقوات موالية للأسد، وأشارت التقارير إلى أن الحسن كان على خلاف مع الأسد منذ فترة، وحمله مسئولية هزيمة الجيش السورى في مواجهات مع المعارضة وتنظيم داعش، وذلك لنقص الذخيرة والإمدادات وسوء إدارة المعركة. من النسخة الورقية