تأتي تصريحات المعارضة البحرينية منيرة فخرو، رئيس اللجنة المركزيّة بجمعية العمل الوطني الديمقراطي "وعد"، أحد الجمعيات السياسية في البحرين، والتي أدلت بها الأسبوع الماضي، مشيرة خلالها إلى "وقوع المعارضة في أخطاء مع ولادة حراك فبراير/ شباط 2011" لافتة إلى صمت الجمعيات السياسية المرخصة في البحرين عن هذه الأخطاء وعدم مواجهتهها، قائلة "لقد سكتنا كجمعيّات سياسيَّة مرخَّصة عن الأَخطاء، وتركنا زمام الأُمور بيد الشباب المتحمّس"، لتمثل شهادة شاهد من أهل المعارضة البحرينية، إذ أنها المرة الأولى التي تعترف فيها جمعية سياسية بأخطاء المعارضة أبان حراك فبراير 2011. هذه التصريحات والتي أبدى بعض الكتاب ترحيبا بها، من حيث أنها تعبر عن موقف وطني محترم يجب مساندته، لكنها تبقى تصريحات غارقة في التفاؤل ولا تعبر عن حقيقة واقع المعارضة البحرينية، إذ أن الخطأ هو التعامل مع جميع المعارضة في البحرين على أنها توجه واحد، وبالتالي فتصريحات أحد أقطاب المعارضة البحرينية لا تعبر في الواقع عن كل المعارضة وتوجهها. من هنا يجب أولا قراءة الخلفية الفكرية للجمعيات السياسية في البحرين قبل الحكم على نجاح أي مبادرة من عدمها، إذ أن المعارضة في البحرين تنقسم إلى قسمين أولهما: الجمعيات ذات المرجعية الدينية وتحديدا "الاثنى عشرية" مثل جمعية الوفاق المكون الرئيسي لهذا القسم، والأخر: المعارضة ذات التوجه العلماني، بما تشمله من اتجاهات يمينية أو يسارية، والتي تمثل جمعية "وعد" أحد أقطابها. وعند قراءة تصريحات فخرو، يجب قبلها قراءة المرجعية الفكرية للجمعية السياسية التي تمثلها، ومقارنتها بالمرجعية الفكرية التي تقوم الوفاق على أساسها، حيث نجد أنه في حالة جمعية "وعد" التي هي اختصار لجمعية العمل الوطني الديمقراطي، تقوم مرجعيتها على أساس مدني، وبالتالي فهي ليست مشبعة بقيم طائفية مفروضة عليها من أحد الدول، رغم أخطائها في حق الشعب البحريني بوقوفها في خندق "الوفاق"، لكن هذه المرجعية الفكرية لن تكون عائقا أمام محاولات مراجعة الأخطاء، كما بدأت رئيس اللجنة المركزية بالجمعية منيرة فخرو باعترافها بالأخطاء التي وقعت فيها المعارضة، بينما في حال جمعية "الوفاق" ومن على شاكلتها، فنجد أن المرجعية الفكرية تمثل عائقا أمام محاولة إصلاحها وتنحيتها عن الطريق الخطأ الذي تسلكه، بسبب عدم وطنيتها من الأساس، إذ أنها لم تقم منذ البداية على القيم الوطنية، وإنما تأسست من مدينة قم في إيران ويرأسها "علي سلمان" المرجع الشيعي، وليس الشخصية الوطنية أو السياسية، التي تتمتع بالمرونة السياسية المطلوبة، كما أنه في ظل هذه المرجعية الفكرية فلا يمكن القول باستقلالية القرار الداخلي للمعارضة، فأي قرار سياسي للوفاق لا يتم اعتماده قبل عرضه على المرجعيات الشيعية في إيران، ولعل التطور الأخير في إنشاء منظمة حقوقية أو حلف إيراني جديد بالاشتراك مع الوفاق، والتي أعلن عنها في لبنان بحضور حقوقيين من العراقولبنان وسوريا والبحرين، لهو دليل دامغ على عدم تمتع "الوفاق"بالقرار الداخلي بقدر ماتتسول الأوامر من طهران. أيضا فإن هذا الارتباط الفكري بين "الوفاق" وإيران يجعل الأولى ليست حريصة على مستقبل البلد، وبالتالي فهي سترفض أي مبادرات حتى لو خرجت من رحم المعارضة ممثلة في جمعية العمل الوطني الديمقرطي "وعد"، وبالتالي فهي لا تسعى للتهدئة وهي التي دعيت طوال مراحل الحوار الوطني الذي رعته الحكومة منذ 2011، وظلت تراوغ حتى انسحبت منه، وبالتالي فلا يمكن الحديث عن قبول المعارضة بأي مبادرة أو اعتراف بأخطائها، وهي التي لا تسعى إلا لإثارة الوضع في البحرين. أخيرا فإن تصريحات منيرة فخرو واعترافها بضرورة مراجعة أخطاء المعارضة، يجب البناء عليها في مساندة الجمعيات السياسية الوطنية، والتي يمكن إعادة دمجها في قالب الدولة البحرينية لصالح العملية السياسية في البحرين، لكن في المقابل يجب الفصل بين الجمعية ذات المرجعية الفكرية الوطنية والأخرى ذات التوجه الطائفي التي لا يمكن لها القبول بإجماع القوى السياسية في البحرين، وبالتالي فلا يجب إضاعة الوقت معها، كماحدث سابقا في جلسات الحوار الوطني.