صرح الأمين العام لجامعة الدول العربية سابقا عمرو موسى لإذاعة صوت لبنان، أن هناك اعتبارات إستراتيجية أساسية وراء التحرك العربى الإقليمى في اليمن وأن مشاركة مصر -في رأيه- جاءت لضمان أمن مضيق باب المندب وتأمين حوض البحر الأحمر ومنع تهديد الملاحة في قناة السويس، إضافة إلى اهتمامه بأمن المملكة العربية السعودية ويؤسس لدور مصر في الترتيبات الإقليمية القادمة، مؤكدًا أن العمل العربى المشترك كان من الضرورى حدوثه حتى ولو تأخر الوقت، وأن الحل السياسي له شروطه وأسسه العربية، موجهًا رسالته إلى الولايات المتّحدة الأمريكية وإيران بأن العالم العربى لن يقبل بأن تكون هناك ترتيبات إقليمية من وراء ظهره وهو الطرف الأساسى في منطقة الشرق الأوسط على اتساعها وصاحب مصلحة أساسية فيها. أضاف موسى أنه كان لا بد من تحرك ملموس لتغيير الأوضاع العربية والإقليمية المضطربة والمتعرضة لاعتداءات مختلفة وأن الأمر تتطلب بالفعل خلق سياسات إقليمية جديدة ومبادرات حاسمة ترسل رسائل واضحة إلى من يهمه الأمر دوليًا وإقليميًا بأننا جادون في الإقدام على أي خطوة أو سياسة يتطلبها الأمر بصرف النظر عن أي مواقف أخرى غير عربية، خاصة بعد أن تم التلاعب بمصالح الدول العربية لقصورِ في فهم قوتهم الاستراتيجية والتي تمتلكها مصر والسعودية بالأخص والدول العربية فى مجموعها بصفة عامة "وهو ما أوضحه موقف القمة العربية الأخيرة". وأكد موسى أنه كان من الضرورى قيام مصر بالتدخل عسكريا في ليبيا، وذلك بعد قيام المنظمات الإرهابية هناك بذبح مواطنين مصريين، وأوصلت مصر رسالة واضحة وهي أنها لن تقف مكتوفة الأيدى أمام السياسات الإرهابية التي تستهدف أمن واستقرار السيادة المصرية ومواطنيها، وهو ما حدث بشكل آخر في اليمن بمحاولة زعزعة الاستقرار وإشعال نيران الحرب الأهلية التي لن تنتهى إلا بالتقسيم والتفتيت إضافة إلى السيطرة على مضيق باب المندب وحرية الملاحة في البحر الأحمر وقناة السويس. وأوضح موسى أن الوضع اليمنى لا يهدد فقط المملكة العربية السعودية وإنما يهدد كل الدول المجاورة لها بريًا أو بحريًا، مؤكدًا أن التهديدات المباشرة للسعودية ومصر وعدد من الدول الأخرى أعطت أهمية لضرورة اتخاذ قرارات حازمة لوقف هذا الوضع الخطير والمتدهور. واستنكر موسى التصريحات التي صدرت عن بعض المسئولين الإيرانيين بشأن سيطرتهم على أربع عواصم عربية واعتبار بغداد عاصمة غير عربية واعتبر هذه التصريحات إهانة للدول العربية واستهانة بها وهو ما يستحق الرفض بكل حسم مشددًا على أنه يجب توقف هذه اللغة، ودعا السياسة الإيرانية تجاه العربِ أن تتعدل، وعلى كل الدول العربية الوقوف وقفة رجل واحد لضبط الأوضاع في المنطقة، فمن يحاول السيطرة على اليمن هم أصحاب هذه التصريحات. وأضاف موسى أن مصر والدول العربية شعروا أنه حان الوقت لتعديل فكرة العمل العربى المشترك وتقويته بتشكيل قوة عسكرية لحفظ السلام والتدخل السريع، وأن هذا التطور في مسار النظام العربى جاء وقته الآن. وقال موسى بأن من يريد أن يلعب دورًا إقليميًا في المنطقة العربية عليه أن يختار الدور الإيجابي وليس السلبى المدمر ولذلك لا بد من الحذر من القبول بأى دور إقليمى لأى طرف يدفع نحو الفوضى الإقليمية أو إلى الهيمنة واستعداء العرب الذين يشكلون أغلبية سكان هذه المنطقة، وهذا التحذير يجب أن يوجه إلى الدول الكبرى بأن العرب لن يسمحوا بوضع إقليمي جديد يتشكل على حساب مصالحهم وكرامتهم. وأشار موسى إلى أن فكرة إنشاء قوة عربية مشتركة في الوقت الحالى من شأنها إطلاق عملية بناء منظومة جديدة للأمن الإقليمي وأن أي تفاهم في موضوع الأمن الإقليمى لا بد أن يأخذ في الاعتبار المصالح العربية، وأكد أن مصر الآن تستعيد دورها وقدرتها على حسن إدارة الأمور والتصرف الحكيم تجاه الوطن العربى وهذا في ذاته قوة، ولفت موسى إلى أنه لا يمكن تجاهل دور المغرب العربي في إعادة رسم الملامح والأوضاع العربية، فالتهديد موجه للعرب جميعًا وهو ما دفع القمة العربية لاتخاذ قرارات جادة وعملية. وأكد موسى أن الدول العربية حاليًا تقوم باتخاذ مواقف حاسمة طبقًا لمصالحها وبصرف النظر عن محاولات الإملاء والتوجيه التي تأتى من خارج المنطقة وخير مثال على ذلك هو الموقف المصرى في يونيو يوليو 2013 والذي تم بصرف النظر عن مواقف قوى عالمية وإقليمية، مضيفا بأن قرار السعودية والإمارات والكويت في مساعدة مصر كان قرارا عربيا أيضًا، بالإضافة للموقف الذي اتخذته الدول العربية للتدخل العسكري في اليمن، مؤكدا أنه علينا اتخاذ خطوات ضرورية تنبع من قرارنا نحن وليس طبقا لآراء تأتى من الخارج وتعبر عن مصالح ربما تكون متناقضة معنا. وأوضح موسى قائلا: "أرى أن هذا العام سوف يشهد بدايات لسياسات مختلفة خاصة بعد موقف اليمن، فالترتيبات الإقليمية لن تقبل كأمر واقع يفرض علينا.