بإعلانها المشاركة في مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي، الذي يعقد في الفترة من 13 إلى 15 مارس الجاري، لدعم وتنمية الاقتصاد المصري، تكون مملكة البحرين من أول الدول التي أعلنت وقوفها بجانب مصر، من أجل دعم الاقتصاد المصري، في تجسيد لمعاني الأخوة المتبادلة بين الشعبين، ولإدراك قادة المملكة الحكماء حتمية التعاون بين الدول الأشقاء أمام التحديات التي يواجهونها، لتعلقها بالأمن القومي العربي كله، وليس أمن كل دولة على حدها. ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي تعبر فيها مملكة البحرين عن دعم الشعب المصري ومساندة القيادة المصرية في تحديات اللحظة، حيث بادر العاهل البحريني جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، بزيارة مصر عقب ثورة30 من يونيو ، للتأكيد على وقوف المملكة مع خيارات الشعب المصري، حيث اعتبر بذلك أول قائد عربي يزور مصر في غضون ثورتها على فساد نظام الإخوان. كما بادر العاهل البحريني بزيارة مصر في أكتوبر 2011 عقب ثورة 25 يناير، حيث التقى برئيس المجلس العسكري وقتها المشير محمد حسين طنطاوي وبحث معه أوجه التعاون ودعم البحرين لمصر، ومساندتها القيادة المصرية التي انضمت لإرادة الشعب المصري. ولعل كل هذه المواقف، ومثلها كثير من زيارات ومواقف تعبر بوضوح عن موقف البحرين الداعم دائما لمصر، والتي أيضا تؤكد تلاحم العلاقة بين الشعبين المصري والبحريني، كانت ولا زالت تشكل واحدة من دعائم الأمن القومي للبلدين، لاسيما أمام التهديدات الإقليمية المباشرة وغير المباشرة، ذلك أن أمن البحرين، التي تواجه الخطر الإيراني في شرق المنطقة العربية، ينعكس بالضرورة على أمن مصر بل وجميع شعوب المنطقة، ولعل الجميع قد شعر بالفجوة الهائلة في منطقة الخليج العربي بعد الغزو الأمريكي على العراق وتسليمه لإيران، حتى أن العراق أصبح يمثل تهديدا على الأمن القومي العربي بأكمله، حتى الدول العربية الأخرى التي تقع في أفريقيا؛ وها هو "داعش" يبدأ من العراق ثم يتحول إلى سوريا ثم ينتقل إلى ليبيا ومصر في قارة أخرى، وكل هذا بسبب التعامل مع العراق كحالة مفردة وليس جزء من الجسد العربي، ربما لأن التهديدات لم تكن مباشرة وتصل إلى جميع الدول وقتها، لكن مع الوقت أصبح الأمر يمثل تهديدا مباشرا للأمن القومي العربي كله، كما هو الحال مع تنظيم "داعش"، الذي خرج من العراق الذي تقاسمته إيران وأمريكا في غفلة من العرب. إذن فتهديد الأمن القومي لبلد عربي، يعتبر تهديدا للمنطقة بأسرها، وهو ما يفرض مواجهة التحديات بشكل جماعي، في زمن أصبح فيه الأمن القومي للدول يشمل كل شيء حتى الموقف الاقتصادي للدولة واستقرارها السياسي ومدى تنعهما بحالة السلم الاجتماعي، وهو ما يعني أن دعم الأشقاء العرب للاقتصاد المصري، يعتبر بمثابة حماية الأمن القومي العربي، فسقوط مصر أو ليبيا يعني انفتاح ثغرة جديدة في الجسد العربي. ونفس الأمر بالنسبة لمملكة البحرين، إذ أن وقوف الدول العربية بجوارها أمام الخطر الإيراني القريب، هو سد ثغرة تحاول إيران من خلالها التسلل للمنطقة العربية، وهو أمر حتما سينعكس على جميع الدول من المحيط للخليج، وقد حدث هذا بالفعل في لبنان الذي مزقه "حزب الله"، وفي اليمن الذي فتته تنظيم "الحوثي". ويجب أن يكون التعاون بين الدول العربية في صورة التكامل، فإذا كان الخليج هو العاصمة الاقتصادية للمنطقة العربية، ومصر هي العاصمة السياسية لها، فهذا يعني ضرورة مساندة مصر لدول الخليج عسكريا وسياسيا، وهو ما أكد عليه الرئيس السيسي أكثر من مرة بأن أمن الخليج خط أحمر ، وفي المقابل تلتزم دول الخليج بضخ الاستثمارات ودعم الاقتصاد المصري، كعادتها دائما، وهو التكامل الذي سيخلص شعوب المنطقة من المؤامرة عليها، ومن الكيانات الوهمية التي لا تعبر عن الشعب العربي الواحد، مثل الإخوان في مصر أو الحوثيين في اليمن أو حزب الله في لبنان أو الوفاق في البحرين.