رغم ما تفعله السلطات الأمريكية من محاربة لجوء مواطنيها وشركاتها اتخاذ ملاذات ضريبية في الخارج وما يتبع ذلك من ضياع حقوق الدولة من ضرائب مستحقة إلا أن الشركات واصلت رغم ذلك اخفاء جزء كبير من سيولتها وأرباحها بالخارج. فحسب تقرير لوكالة "بلومبرغ" الذي تابع 304 شركات تأكد ارتفاع أرباح تلك الشركات بالخارج 8%عام 2014 الماضي بالمقارنة مع عام 2013 لتصل إلى 2.1 تريليون دولار فيما حصدت ثماني شركات كبرى للتقنية بينها "مايكروسوت" و"أبل" خمس تلك القيمة وحدها. ولأن شركات التكنولوجيا تعتمد في جزء كبير من المبيعات على الخارج فإن ذلك يعد بمثابة فرصة لإخفاء السيولة الضخمة بعيدا عن عيون السلطات الأمريكية حيث تمكنت الشركات الثمانية الكبرى من إضافة 69 مليار دولار في الوقت الذي اضطرت فيها شركات أخرى كبرى لإعادة أرباحها إلى الولاياتالمتحدة. وجاء ابقاء تلك السيولة الضخمة في الخارج تشجيعًا من الضرائب المنخفضة التي تفرضها بعض الدول لجذب الاستثمار فيما يحاول الرئيس أوباما وفريقه الاقتصادي مع المشرعين في الكونجرس وضع خطط لعمل إصلاح ضريبي يستهدف إعادة تلك الأموال. ولا يبدو أن ذلك ربما يغري شركة بحجم "أبل" و"جوجل" و"مايكروسوفت" مع تعزيز تراكم الأرباح خارج الولاياتالمتحدة بنسبة 20%، وهو معدل لافت للنظر مع إضافة 16 مليار دولار على الأقل بالمقارنة مع 4 مليارات دولار لكل من "أي بي ام" و"كوالكوم" و"اتش بي" و"سيسكو سيستمز". والأرباح التي حققتها شركات التكنولوجيا تستدعي التوقف والتأمل حيث ناهزت 45%، من قيمة ما حققته الشركات التي شملها مسح وكالة الأخبار، فيما يوضح الشكل السابق مدى ضخامة تلك الأموال عند مقارنتها بميزانيات تمويل مؤسسات ووكالات كبرى في الولاياتالمتحدة مثل وكالة "ناسا" ووزارة التجارة والمواصلات والضمان الاجتماعي وغيرها. وتربعت مجموعة "جنرال ألكتريك" على رأس قائمة تلك الشركات للعام الخامس على التوالي بسيولة ضخمة ناهزت 119 مليار دولار بنمو ناهز 8% على أساس سنوي خلال عام 2014 الماضي وارتفاع 27% منذ سنة 2010. ولكن ارتفاع ما لدى "مايكروسوفت"، بأكثر من ثلاثة أضعاف منذ عام 2010، قد يفسر قليلًا سبب استحواذ شركات التكنولوجيا على نصيب الأسد من الأرباح الضخمة خارج موطنها الأصلي وكذلك "آبل" التي رفعت نصيبها خلال تلك الفترة من 12.3 مليار دولار إلى 69.7 مليار دولار عام 2014. وتمكن أحد مسئولي "مايكروسوفت" في شهادة أمام مجلس الشيوخ عام 2012 من تبرير ما تفعله الشركة بأن أنشطتها تتسم بالعالمية في حين أن الولاياتالمتحدة وضعت قانونًا مثبطًا للاستثمار على أراضيها.