سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الكويت تحيي أيامها الوطنية وتواصل بث رسائل الإخوة والتضامن.. الشيخ صباح والسيسي يؤكدان السعي المشترك لتطوير العلاقات العربية ودفعها لافاق جديدة.. ورؤية موحدة في مواجهة التطرف ودعم الأشقاء في سوريا
تحيي دولة الكويت الشقيقة هذه الايام ذكريات طيبة في تاريخها في مقدمتها الذكري الرابعة والخمسين للعيد الوطني والذكري الرابعة والعشرين للتحرير علاوة على الذكري التاسعة لتولي سمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح مسئولية حكم البلاد في اواخر يناير عام 2006. وتوفر هذه المناسبات فرصة للوقوف على عدد من المحطات التي ارتبطت بالعلاقات الاخوية المتميزة بين مصر والكويت وما ينتظرها من مستقبل مشرق تسعي اليه قيادتي البلدين وتعملان سويا على أن يأتي امتدادا لتاريخ عريق وحافل يستحق أن تعرفه الاجيال التي لم تعايش هذه المحطات المشرقة. واذا اردنا أن نتعرف على افاق المستقبل فلا بد من اطلالة سريعة على الماضي، فالتاريخ يكشف عن اتفاق تام بين البلدين على المستوي الرسمي والشعبي وعلي مستوي النخبة أيضا ويؤكد أن العلاقات الثنائية تتسم بخصائص مميزة تؤكد عمق الترابط الإستراتيجي بينهما وإدراك كل طرف لأهمية الطرف الأخر، فما يحدث في الكويت يؤثر في مصر وما يحدث في مصر يجد صداه على الفور في الكويت، وهي حقيقة لا تتطلب أي برهان، ويكفي للتدليل عليها العودة للسلوك التصويتي للبلدين في المنظمات الدولية مثل الاممالمتحدة والمنظمات التابعة لها وغيرها من المنتديات الاقليمية للتيقن من الاتفاق التام في المواقف والتوجهات حيال كل القضايا المطروحة، وقد لا يعرف البعض أن أول زيارة لمسئول كويتي لمصر كانت في عام 1919 بالتزامن مع الحراك الشعبي في مصر من ناحية ومع نهاية الحرب العالمية الأولى من ناحية أخرى، حينما زار المرحوم الشيخ أحمد الجابر الصباح القاهرة والتقى بالسلطان حسين كامل ملك مصر وقتها وأجري الجانبان مباحثات ثنائية شكلت أولى معالم علاقات متميزة ومتنامية امتدت وازدادت رسوخا جيلا بعد جيل، ثم جاءت الدفعة التي اكتسبتها علاقات البلدين مؤخرا عقب زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي للكويت في يناير الماضي لتكون علامة جديدة على رسوخ وتطور هذه العلاقات، ويسعي الجانبان إلى مزيد من التطور والارتقاء عبر حزمة من برامج التعاون تشمل كل الميادين الاقتصادية والتجارية والثقافية، بما يؤكد أن هناك الكثير والكثير الذي ينتظر علاقات البلدين في الفترة المقبلة. شراكة إستراتيجية دائما ما كانت الكويت تنظر إلى مصر باعتبارها اخ وشقيق أكبر وقلب الوطن العربي النابض ويحرص البلدان على وصف العلاقات بينهما بأنها علاقة بين شريكين إستراتيجيين بما يعنى مشاركة متعددة الأبعاد منها السياسية والثقافية والإعلامية والاقتصادية، ومنها المشاركات الرسمية وغير الرسمية على المستوى الشعبي، وهى علاقات قامت على أسس مكنتها من تجاوز كل التحديات لتصبح راسخة في الجذور الدبلوماسية ،وبالتالي فان استقرار وازدهار مصر يصب تلقائيا في صالح الكويت ودائما ما كانت مصر حاضرة بمكانتها ودورها ليس في الكويت وحدها ولكن في منطقة الخليج والوطن العربي قاطبة، وكانت توظف استقرارها وتطورها لصالح القضايا العربية، وبالنسبة لابناء الكويت الاشقاء فانهم يذكرون بكل الخير وقفة مصر عام 1961 عندما تصدت لاطماع حاكم العراق عبد الكريم قاسم من خلال الوقفة الصلبة للرئيس جمال عبد الناصر، كما يذكرون وقفتها الحاسمة عام 1990 عندما تصدت لغزو صدام حسين وشاركت في تحرير الكويت، وكانت هذه مجرد علامات في سلسلة متصلة ومتبادلة من التعاون المشترك، لا تزال مستمرة في الحاضر والمستقبل، كل هذا يجعل الدور المصري قائما ومطلوبا ومرحب به دائما ليس فيما يتعلق بأمن منطقة الخليج وحدها بل في سائر ارجاء الوطن العربي، وهو ما يؤكد عليه المسئولون في البلدين من أن أمن الكويت والخليج مسألة مهمة لمصر ومرتبطة بشكل مباشر بالأمن القومي لمصر والعكس صحيح. تدفق استثماري تؤمن الكويت أن التضامن الحقيقي بين الاشقاء يقوم على معاني التساند والتوظيف للقدرات والموارد بما يخدم التنمية المشتركة ويسهم في تطوير مقدرات الشعوب الشقيقة ولأن الله قد حبا الكويت بثروة نفطية فقد بادرت بتبني عدد من مشروعات وبرامج الدعم للدول الشقيقة وكان القرار بانشاء الصتدوق الكويتي للتنمية العربية عام 1961 والذي تزامن مع استكمال الكويت لاستقلالها معبرا عن هذا التوجه ومجسدا له وفي ضوء ذلك فأن الدعم الكويتي لمصر لم يتوقف طوال العقود الماضية، والتعاون بينهما قائم على قدم وساق في كل المجالات خاصة في المجال الاقتصادي، وتنظر الكويت للعلاقات الاقتصادية على انها علاقات متطورة وتحظي بنفس القدر من الأهمية الذي تتمتع به العلاقات السياسية، حيث تشير التقديرات إلى أن نسبة الاستثمارات الكويتية في مصر تبلغ نحو %25 من حجم الاستثمارات العربية في مصر وهناك نحو 1000 شركة كويتية تعمل بمصر في مجالات مختلفة ومتنوعة بشكل يعكس تطور القدرات الكويتية في قطاعات عديدة، كما زادت الاستثمارات الكويتية المباشرة في السوق المصرية في السنوات الأخيرة، وهناك ترتيبات لإعطاء دفعة جديدة في هذا الصدد سوف تظهر اثارها خلال الفترة المقبلة وقد بدأت ملامحها عبر توقيع اتفاق في مجال البتروكيماويات بقيمة 8، 6 مليار دولار قبل عدة ايام بحضور المهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء، والسفير الكويتيبالقاهرة سالم الزمانان، ويتوقع أن تتدفق المزيد من الاستثمارات عقب مؤتمر شرم الشيخ في مارس المقبل والذي تشارك فيه الكويت بوفد كبير يرأسه سمو امير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، ويواكب ذلك نموا في حجم التبادل التجاري بين مصر والكويت الذي يقترب في الوقت الراهن من 3 مليارات دولار وهناك امكانية خلال المرحلة المقبلة على المدى المتوسط والبعيد لتحقيق زيادة إلى مستوى اعلى، علاوة على ذلك تفتح الكويت ابوابها للكوادر المصرية وهو نوع آخر من التعاون الاقتصادي والدعم غير المباشر للاقتصاد المصري حيث وصل حجم الجالية المصرية في الكويت إلى المرتبة الثانية بالنسبة للعمالة غير الكويتية يساهمون في مجالات التنمية المختلفة وتقترب قيمة تحويلاتها من 4 مليارات دولار سنويا وتعد الجالية العربية الأولى في الكويت، وفي المقابل هناك جالية كويتية في مصر من الدارسين في الجامعات المصرية فضلا عن المستثمرين وأصحاب الإعمال تقدر بنحو 20 ألف كويتي وتزيد قيمة إنفاقهم على مليار دولار سنويا، وكلها ملامح تؤكد الاهتمام الرسمي والشعبي الكبير بتطوير العلاقات الثنائية في مجال الاستثمارات المباشرة وغير المباشرة ويؤكد المسئولون في الكويت سعيهم لمزيد من التعاون وترحيبهم بتواجد الشركات المصرية في الكويت التي تقوم بعضها بتنفيذ بعض المشاريع حيث يتميز الاقتصاد الكويتي بتعدد الفرص والانفتاح على كل الاستثمارات الخارجية. ترحيب بالدور العربي لمصر تؤمن الكويت أن مصر لا يمكن أن تغيب عن دورها العربي والإقليمي مهما كانت الظروف والتحديات، باعتبار أنه دور مطلوب ومرحب به لأن قوة مصر قوة للعرب وقوة العرب هي بالتأكيد إضافة لقوة مصر، وهذه القاعدة محورية في مسيرة العمل العربي المشترك منذ انشاء جامعة الدول العربية، وعندما شهدت مصر تطورات داخلية حالت دون أداء هذا الدور احترمت الكويت الإرادة الشعبية في مصر، وكان موقفها المعلن انها تقف في صف خيارات الشعب المصري، وأصدرت الحكومة الكويتية بيانا أكدت فيه دعمها للخطوات الإيجابية للشعب المصرى وللحكومة المصرية على طريق ترسيخ دعائم الديمقراطية، ودعم عزم الحكومة المصرية على الاستمرار في خارطة الطريق التي رسمتها وفقا لبرنامج زمنى يكفل الاستقرار، ثم أعلنت الكويت في يوليو 2013 عن تقديم حزمة مساعدات اقتصادية عاجلة لمصر، وأعقب ذلك عدد من الزيارات المتبادلة التي تؤكد مساندة الكويت التامة للشقيقة مصر من بينها زيارة المستشار عدلى منصور إلى الكويت اواخر أكتوبر من العام نفسه لدعم العلاقات الثنائية وتقديم الشكر للكويت لموقفها الداعم للشعب المصري، واتبعها بزيارة أخرى في نوفمبر من نفس العام لحضور مؤتمر القمة العربى الأفريقي واستقبل بكل حفاوة وترحاب دبلوماسيا وشعبيا ،وختمها بزيارة في مارس من العام الماضي للمشاركة في الدورة الخامسة والعشرين للقمة العربية، وفي المقابل كان سمو امير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح على رأس المهنئين للرئيس عبد الفتاح السيسي في حفل التنصيب الذي اقيم بالقاهرة بمناسبة انتخابه رئيسا لمصر في يونيو الماضي، وتواكب مع ذلك العديد من اللقاءات والزيارات الرسمية من بينها اللقاء الذي جمع الرئيس عبد الفتاح السيسي مع رئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر مبارك الحمد الصباح في الاممالمتحدة بنيويورك في سبتمبر الماضي، كما تمت عدة لقاءات بين النائب الأول لرئيس الوزراء وزير الخارجية الشيخ صباح خالد الحمد الصباح مع الوزير سامح شكري في القاهرة والرياض، وكان احدث هذه اللقاءات ما تم في يناير الماضي خلال الزيارة التاريخية التي قام بها الرئيس عبد الفتاح السيسي للكويت وما تلاها من زيارة مماثلة اوائل فبراير للمهندس إبراهيم محلب للكويت.. كل هذه الفعاليات تبرهن على الثقة الكاملة في قدرة مصر على المضي قدما إلى الامام وتنفيذ خارطة الطريق على افضل وجه وتظهر في الوقت نفسه الارادة المشتركة لدعم وتعزيز التعاون الثنائي ودفعه إلى افاق ارحب واعمق. معا ضد التطرف تعرضت مصر في الأونة الأخيرة لسلسلة من الأعمال الإرهابية وكان لها موقف قوي وحاسم في مواجهة هذه الأعمال وكالعادة، فقد كان للكويت موقف واضح ومساند لمصر في هذه المواجهة، فاظهرت الالتزام التام بمكافحة ظاهرة التطرف وما يرتبط بها من أعمال إرهابية ومحاصرة مصادر تمويله واتخاذ خطوات مستمرة وجادة في ذلك، كما أعلنت أن مكافحة الإرهاب مسئولية دولية ولا يجوز ربط هذه الظاهرة بأمة معينة أو دين أو حضارة اذ أن ذلك من شأنه تعميق الخلافات السياسية والثقافية وتأزيم الأوضاع وتحويلها إلى صراع حضارات، وقد حذر امير الكويت الشيخ صباح الأحمد في الكلمة التي القاها في افتتاح دور الانعقاد العادي الثالث من الفصل التشريعي الرابع عشر لمجلس الأمة اواخر العام الماضي من ظاهرة الإرهاب العابر للحدود وأوضح أنه خطر يهدد بتفكك الدول ونشر الفوضى وغياب الأمن والأمان، وقد كانت الكويت من اوائل الدول التي حذرت من خطورة التطرف بجميع اشكاله الديني والفكري وغيره، وهي تري أن هذا الخطر يتطلب التنسيق المتواصل لتعزيز التحالف لمواجهة التنظيمات المتطرفة عبر عمل إستراتيجي متكامل يتصدى للفكر الهدام الذي تحمله تلك التنظيمات في كل مناحي الحياة. معاناة السوريين تتفق مصر والكويت في رؤيتهم للوضع في سوريا الشقيقة وتدعوان دائما إلى ضرورة ايجاد حل سلمي للأزمة بعيدا عن العمل العسكري الذي يزيد الأمور تفاقما، وقد اختطت الكويت لنفسها دورا مشهودا جنبا إلى جنب مع ادوارها السياسية والدبلوماسية فعمدت إلى قيادة الجهود الدولية للتعاطي مع الجانب الإنساني للأزمة وحظي هذا الدور باشادة دولية وعربية حيث تم تكريم الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح في الاممالمتحدة وفي جامعة الدول العربية بعد اختياره قائدا للعمل الإنساني مع تسمية الكويت مركزا انسانيا عالميا من جانب الاممالمتحدة وجاء ذلك متوجا لمسيرة طويلة من عطاء إنساني ممتد يعد معلما وصفة لصيقة بالكويتيين منذ القدم، حيث سعت الكويت بالتنسيق مع دول مجلس التعاون الخليجي وبكل الوسائل المتاحة إلى العمل على تفادي الوضع المأساوي الذي يواجه الشعب السوري حاليا، وقادت جهود الاغاثة لللاجئين السوريين الذين يعانون من ظروف قاسية، وبادرت بتوجيه قوافل طبية وغذائية لتجمعاتهم في لبنان ودول الجوار الاخري، كما استجابت للنداءات الدولية لمساعدتهم عبر استضافة مؤتمرين للدول المانحة وسارعت بتخصيص 800 مليون دولار لهذا الغرض مما ساهم في إنقاذ قرابة المليوني لاجئ وتستعد حاليا لاستضافة المؤتمر الثالث للمانحين اواخر مارس المقبل لتؤكد من جديد على ايمانها العميق بالجانب الإنساني وضرورة التساند بين الاشقاء وقت المحنة.