أدانت اللجنة الدينية للجبهة الوسطية، في دراسة لها، نشرتها اليوم الأربعاء، حادث حرق الطيار الأردني "معاذ الكساسبة"، مفندة الشبهات التي يروج لها تنظيم "داعش"، والأحاديث التي استندت عليها لتبرير قتل الأبرياء. وقالت اللجنة إن "داعش"، قتل الكساسبة، لحجتين، أولاهما الردة، وثانيهما القصاص لقتلى الأطفال والمسلمين من ضربات التحالف وقنابلها التي حرقتهم، على الرغم من عدم ثبوت الردة على "الكساسبة"، سواء قبل وقوعه بين أيدي داعش، أو بعدها، كما لم يثبت أنه هو الذي قتل المسلمين وأطفالهم، حتى يتم القصاص منه كما يدعي "داعش". وأشارت اللجنة الدينية إلى تعامل النبي "صلى الله عليه وسلم"، مع الأسرى حينما أطلق سراحهم في بدر، وأخذ منهم "الفداء"، ووكل لمن لا يملك منهم تعليم صبيان الميدان القراءة كفداء له، ومعلوم أنهم مشركون كفار كفر أصلي، كما أن على رضي الله عنه، أطلق سراح أعدائه الذين أسرهم في معركة الجمل، وفي معاركه مع معاوية، ولم يأخذ منهم سبيا، أو يضرب عنق أحد. ورفضت اللجنة التأصيل الشرعي الذي أصدره "داعش" لحرق "الكساسبة" استدلالًا بالآية: "وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ به"، بحجة أن القنابل العنقودية والصواريخ الثقيلة والمواد المشعّة التي يطلقها الأمريكيون على المسلمين تحرقهم، قائلةً إن الكساسبة لم يطلق تلك القنابل العنقودية الحارقة، وإنما كانت مهماته استطلاعية لأماكن الدفاع الجوي. وأكدت أن الحرق ليس عقوبةً إسلامية، وأن أقصى حد في الإسلام هو الحرابة، الذي ورد في سورة المائدة لم يشمل الحرق: "إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ". وأضافت أن النبي صلى الله عليه وسلم، نهى عن التحريق بالنار، وقال: "لا يعذب بالنار إلا رب النار"، وأنه نسخ في حديث له في آخر حياته، بعد الانتهاء من فتح مكة أمره بحرق رجلين، حيث قال أبوهريرة: بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ في بَعْثٍ، وَقَالَ لَنَا إِنْ لَقِيتُمْ فُلاَنًا وَفُلاَنًا -لِرَجُلَيْنِ مِنْ قُرَيْشٍ سَمَّاهُمَا- فَحَرِّقُوهُمَا بِالنَّارِ، قَالَ ثُمَّ أَتَيْنَاهُ نُوَدِّعُهُ حِينَ أَرَدْنَا الْخُرُوجَ فَقَالَ: إني كُنْتُ أَمَرْتُكُمْ أَنْ تُحَرِّقُوا فُلاَنًا وَفُلاَنًا بِالنَّارِ، وَإِنَّ النَّارَ لاَ يُعَذِّبُ بِهَا إِلاَّ اللَّهُ، فَإِنْ أَخَذْتُمُوهُمَا فَاقْتُلُوهُمَا"، وقال ابن مسعود، أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى قرية نمل حرقناها فقال من حرق هذه، قلنا: نحن، قال: إنه لا ينبغي أن يعذب بالنار إلا رب النار". وقالت إن استدلال "داعش" بأن أبا بكر، رضي الله عنه، حرق شخص فعل فعلة قوم لوط، وحرق على قومًا ألهوه، وحرق خالد الأسرى، ومالك بن نويرة لمنعه الزكاة وقوله في النبي، على أن ما حدث بين صحابة النبي كان مظنة وليس يقينا، مشيرةً إلى أن الصحابة اختلفوا في مسألة جواز الحرق بسبب معرفة بعضهم بالحديث وعدم معرفة الآخرين به لظروفهم الحياتية. وقالت إن حرق داعش ل"الكساسبة" بعيد عن الدين، وإن داعش يعلم ذلك، ويهدف منه إلى مخاطبة الأماكن التي تحت نفوذهم بأنهم اقتصوا لهم، ولبث الرعب داخل نفوسهم ونفوس معارضيهم في تلك الأماكن، كما يهدف لبث الرعب بين الدول التي تقاتلهم، وهي أمور لا علاقة لها بالدين من قريب أو بعيد، وتهدف لفرض السيطرة والنفوذ والقضاء على المعارضين في الداخل والخارج. وأكدت "الجبهة الوسطية" أنه لا عقوبة في الإسلام بالحرق، حتى للحيوانات والحشرات، فضلا عن الناس، وهو أمر لم يأت به أو يفعله أعتى فرق الخوارج، مطالبة الأزهر الشريف والأوقاف بالتصدي لمثل هذه الأفكار المنحرفة التي تسيء للإسلام، لحماية الشباب من تلك الأفكار المنحرفة، عبر فتح حوار ديني وثقافي وتأهيلي لهم، حتى لا يتحولوا إلا جمادات تسوقها التنظيمات الإرهابية سوقا إلى الدمار والخراب.