ماذا عن موقفنا من الدعوة إلى حزب يسارى واسع ؟ في خضم المناقشات ، التي اعقبت اسقاط مبارك مباشرة ، بين الجماعات السياسية التي شاركت في الثورة ، طرح الكثيرون فكرة انشاء حزب يساري واسع ، و تمت بالفعل الدعوة الى اجتماع موسع حضره عدة مئات من كل الوان الطيف اليساري بدءا من يسار الوسط و حتى اليساريين الراديكاليين ، و شاركت المجموعة التي كنت انتمى اليها في ذلك الوقت : " الحزب الديموقراطي الاجتماعي تحت التأسيس " في هذا الاجتماع بعد مناقشة عاصفة كنت فيها من المنحازين للحضور او بالاحرى لعدم التخلف عن اي دعوى تهدف الى لم الشمل رغم ان القارئ سيعرف بالتأكيد انني لم اكن اتوقع للمحاولة النجاح ، ولكن لا احد يستطيع ان ينكر ان حضورنا هذا الاجتماع كان امرًا مهمًا و مفيدًا جدا لأنني في هذا الاجتماع الحاشد الذي لم اتحدث فيه واهتممت به ، او بالاحرى حرصت على الانصات ، اعدت تجديد الصلة بكثير من الحضور من بينهم مثلا الدكتور ايهاب الخراط و اتفقنا سريعا على ان هناك تيارًا داخل هذا الاجتماع لا يمكننا ان نعمل معه ، واننا يجب ان نحاول معا ، ومع آخرين بعضهم كان من بين الحضور ايضا . بناء حزب ديموقراطي اجتماعي وفي السطور القادمة يمكنك ان تتعرف عزيزي القارئ ليس على موقفي من فكرة بناء حزب يساري واسع و شروط بناء مثل هذا الحزب فحسب ، ولكن يمكنك ايضا ان تتعرف على ما اعتقد انه الشكل التنظيمي المناسب لحزب ديموقراطي اجتماعي ، و اخيرا يمكنك ان تعرف ان الفكرة الديموقراطية الاجتماعية طرحت في الساحة السياسية قبل تأسيس الحزب المصري الديموقراطي الاجتماعي بعدة سنوات وان الحزب المشار اليه في السطور القادمة كان لا يزيد على مجموعة من الرواد الذين حافظوا على وجودهم في الايام الصعبة ونجحوا بعد ذلك ومن خلال الالتقاء بآخرين في الانطلاق من زخم الثورة في تقديم مساهمة مهمة في تأسيس و بناء الحزب الذي اشرف بالانتماء اليه ، و اليكم في النهاية ما كتبت في 19/2/2011 : " كان التيار الديمقراطى الاجتماعى ومن خلال كل محاولاته السابقة لتنظيم صفوفه، التيار الأبرز بين كل قوى اليسار، الحريص، كل الحرص، على بناء حزب يسارى واسع، بل وحاول هذا التيار أيضاً بناء – أو المشاركة فى بناء - مؤسسات تبنى على نفس هذه الفكرة التعددية، وبكل أسف، يمكننا القول إن تيارات يسارية أخرى كانت تحارب هذه الفكرة، بل وتحارب دعاتها ورموزها، بكل دأب وإصرار، وهذه التيارات اليسارية المعادية للتعددية انتهجت أساليب وممارسات استبعادية شديدة الاستفزاز، لا تثير لدينا إحساسًا بالمرارة فحسب، بل إنها تثير لدينا أيضاً شكوكًا عميقة تتعلق بقدرة اليسار على بناء حزب واسع، بالاستناد إلى نفس العقليات ونفس الممارسات التى دمرت من قبل أكثر من تجربة مشتركة، بالذات وأننا لم نسمع أن أحداً قد انتقد نفسه على هذه الممارسات الاستبعادية التى أهدرت معايير النضالية والكفاءة والموهبة واستبدلتها بمعايير شكلية وخلافية تحول دون إمكان بناء حزب تعددى، بل والأهم أن أحداً لم ينتقد نفسه على أنه كان يتبنى نموذجًا محددًا للحزب اليسارى يستند على مركزية ديمقراطية فى مواجهة ما قدمناه مراراً وتكراراً من نموذج يبنى على التعدد. لسنا فى مجال تصفية حسابات ولكننا فقط نود أن نؤكد على : - نحن نعمل على بناء حزبنا الديموقراطى الإجتماعى ، برؤية واستراتيجية واضحة تستهدف أن يكون حزباً لكل فئات التيار الديموقراطى الإجتماعى فى مصر ، سواء من قوى اليسار التاريخية ، أو خارجها من الرموز والمجموعات والأفراد التى عبرت عن نفسها خلال ثورة 25 يناير ، كجزء أصيل من هذا التيار . - أننا منحازون لأى إطار سياسى يسارى تعددى على غرار تجربة حزب العمال البرازيلى الذى يعتبر مظلة واسعة لمجموعة من المؤسسات النقابية والمدنية والجماعات السياسية والأحزاب ... الخ. - أننا رغم إحساسنا الهائل بالمرارة، ورغم كل ما لدينا من أسئلة وتساؤلات حول مدى تمثل الأطراف اليسارية المختلفة لفكرة حزب يسارى واسع تعددى، سنتفاعل مع المحاولة المطروحة الآن لفكرة بناء هذا الحزب وسنراهن على أن تفاعل حزبنا ( الديموقراطى الإجتماعى ) ربما يكون الضامن والضمانة لبناء مثل هذا الحزب لما يتوفر لدينا – ربما أكثر من أى اتجاه أو فريق آخر – من إيمان عميق بالديمقراطية والتعددية، وستكون درجة تفاعلنا فى هذه التجربة متوقفه أولاً وأخيراً على مواقف الأطراف المختلفة من المبادئ الديمقراطية التى ينبغى أن نستند عليها وأهمها هى أن يكون هذا الشكل إطاراً تنظيمياً سياسياً يضم تحت مظلته مؤسسات حزبية ، ونقابية ، ومدنية ، وأن يدار بلجنة تنسيق تصيغ التوافقات السياسية وتخوض على أساسها معارك موحدة محددة بالاضافة الى الانتخابات ( الرئاسية والبرلمانية والنقابية) ولا يتم اللجوء إطلاقاً إلى التصويت إلا فى الأمور الإجرائية ولا يتم البحث عن اتفاقات سياسية وفقاً لمبدأ الإقناع والاقتناع الذى ينتهى الى التصويت. - ونرصد هنا بكل وضوح أن الجماعات أو الأحزاب المنخرطة فى هذه التجربة لن تنجح إلا فى بناء هذه المظلة المقترحة وأى حديث يتجاوز ذلك لن نشارك فيه ولا نتوقع – ولا نقول : لا نتمنى – نجاحه. - وسوف يتم التفاعل مع هذه المحاوله فى المرحلة الحالية من خلال ممثلين يختارهم حزبنا ؛ لمتابعة تطورات هذه المحاولة ، ومدى نجاحها فى الإلتزام بالأسس التى أشرنا إليها ."