حذرت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية من مخاوف من الانتقام في ليبيا، خاصة مع ظهور نشاط سياسي أمازيغي في البلاد، وقالت إن الناس في مدينة يفرن غربي ليبيا بدؤوا يرسمون على الجدران ويكتبون بحروف لغة قديمة كانت محظورة قبل الثورة. وأشارت نيويورك تايمز إلى بعض أهالي يفرن في الجبل الغربي ممن عادوا إلى المدينة التي يسيطر عليها الثوار شوهدوا وهم يحملون علب الدهان ويكتبون على الجدران بحروف اللغة الأمازيغية التي كان يمنع استخدامها في فترة ما قبل الثورة. وتعرف اللغة بالاسم "تمازيغت" أو اللغة الأمازيغية أو لغة البربر الذين بدؤوا بالظهور قوة سياسية في ليبيا بعد عقود من القمع والاضطهاد. وفي حين قالت الصحيفة إن الأمازيغ في ليبيا يسعون للحصول على اعتراف محلي وإقليمي بقوميتهم وثقافتهم، نسبت إلى المهندس الميكانيكي الأمازيغي والمقاتل مع الثوار أسامة غرابر (36 عاما) القول "إننا كنا في الظلام في ما مضى، وكنا غير مرئيين"، وأضاف أنه "يمكن الآن رؤيتنا، ويمكن أن نتذوق الحرية". وما أن انسحبت الكتائب الأمنية التابعة للعقيد معمر القذافي من مدينة يفرن حتى نهض أهلها يؤكدون على وجودهم وعلى هويتهم رغم وجود قوات العقيد في الجوار. وبدأ الأمازيغ في ليبيا تدريس لغتهم وتعليمها للنشء، وبتشكيل قوات أمنية أمازيغية وبإصدار صحيفة أسبوعية تدعى "تاموسنا" أو "الحكمة" بثلاث لغات هي تمازيغت والعربية والإنجليزية. كما صاغ القادة السياسيون والثقافيون الأمازيغ مجموعة من المطالب العامة لمرحلة ما بعد الصراع في ليبيا، وذلك كجزء من رؤيتهم المستقبلية. حيث يتم التعامل مع اللغة الأمازيغية على قدم المساواة مع اللغة العربية، وتصبح ليبيا دولة ديمقراطية برلمانية تقوم على أساس العمل بدستور وعلى أساس التسامح واحترام حقوق الإنسان. وبعد انسحاب قوات القذافي من مدينة يفرن في يونيو/حزيران الماضي، تعرضت منازل قبيلة المشاشية الأمازيغية -التي ساند رجالها القذافي- للإحراق، لدرجة أن سكانها اختفوا من الجبل وفروا بأرواحهم. ونسبت الصحيفة إلى الكثير من الأمازيغ في المدينة القول إن المشاشية لم يعد مرحبا بعودتهم إلى المدينة التي يبلغ عدد سكانها قرابة 25 ألفا، حيث يشكل فيها المشاشية الأقلية. وفي ظل هذا المطامح العالية للأمازيغ في ليبيا وغير ذلك من المتناقضات التي تجري على الساحة، يخشى من ردود الفعل ومن اضطرابات وعمليات انتقام في مرحلة ما بعد القذافي في ليبيا، خاصة في ظل الاختلافات والنزاعات التي أوجدها القذافي بين مختلف الأعراق والقبائل.