" إذا وجدتم فقيراً فى ارض المسلمين فاعلموا ان هناك غنياً قد اخذ حقه "،بالفعل تلك المقولة صحيحة تماماً وتعبر عن حال مصر وشعبها،والفقير غير معرف،أى لا ينظر لدينه او عقيدته أو انتمائه لاى فكر،فالغنى الفاسد الذى كون ثروته من أموال الآخرين وبكل الطرق دون النظر إلى الدين أو الأخلاق أو القيم،لا يفرق،فكم من رجل غير مؤمن أدرك أن للإنسانية حق،وأننا خلقنا جمعياً متساوون،وفضلنا الله على بعض لكى تستقيم الحياة وليس لإذلال الخلق،وكم من اخر لم يعتنى إلا بنفسه وعظم نفسه على الآخرين،وشعر انه فوق تلك المقولة،ان الإسلام يتيح حرية التملك ولا يضع قيوداً على الثراء،ولكن بحدود وضعها ان يراع الأثرياء حقوق الفقراء الذين يخدمونهم،فكان فرض الزكاة،وكانت حقوق الدولة المتمثلة فى الضرائب،حتى يمكن للجميع أن يتعايشوا فى سلام،لكن هذا الوضع المثالى لم يحدث أو بالقرب منه فى مصر،فعقود طويلة من الفساد السياسيى والمالى أنتجت فقراء ومعدومين،وأثرياء بالمليارات،ففى إحصائيات منشورة ذكرت ان مصر تستحوذ على اعلى نسب المليارديرات فى الشرق الأوسط وعلى أعلى نسب الفقر أيضا،فهناك فارق شاسع للغاية،ولا يوجد حدود العدالة الدنيا،والتى تتعلق بالاحتياجات الأساسية للبشر،مأكل ومسكن وملبس وعلاج،ففى مصر ملايين لا يجدون العلاج واخرين يجدون المأوى والمأكل بالذل والقهر،وبلا شك أن من أنتج هؤلاء سوء إدارة الحكام وغض النظر عن رعاياهم والاهتمام فقط بالمقربين،كأنهم ملوكاً،بل ان الملوك لا يذلون خدامهم،حتى لا يستعصوا عليهم،أن النظام السابق أجرم فى حق الشعب المصرى فخلق فى مصر ثالوث التخلف " الجهل والفقر والمرض "،وخلاصة ذلك إننا أمام فقراء بالملايين و"حرامية " يمتلكون المليارات،وإذا كان الرئيس د,.محمد مرسى قام بعمل ديوان للمظالم،وهذا جهداً عظيماً فالحقيقة ان فى كل بيت مصرى شكوى،ومطلب،فهناك ملايين العاطلين والفقراء ينتظرون ان يجدوا مكاناً مع الرئيس الجديد،وتلك مهمة صعبة خاصة فى وسط أعداء التغيير من الإعلام الفاسد الذى يقوده أقلام ونخب للأسف لا تتقى الله ولا تعرف المصداقية والصدق بل يحترفون النفاق والكذب ونشر الإشاعات وتقاوم بشراسة التغيير ،ويساند تلك " إلا-نخب " أموال الفاسدين وهى فى الأصل أموال الشعب،فهم يحاربون الشعب بأموال الشعب،فهم " كذابون وحرامية " درجة أولى . ويزيد المشهد تعقيداً ان الرئيس محاصر بنقص صلاحياته وقوة العسكر الذى لا يريدون إعطاءه كل صلاحياته،رغبة فى بقائهم فى السلطة فى الخلف،فأصبح رئيساً محاصراً بين فكين ..العسكر والحرامية،إلا أن تلك المرة لا يلعب العسكر والحرامية معا،بل اتفقوا على اللعب مع الرئيس الجديد،فإننا نؤمن والشعب يدرك ان هذا الرئيس لو أعطى له الصلاحيات الكافية ولقى المساندة الكافية من مؤسسات الدولة لاحدث تغييرات جوهرية وسريعة وشعر بها المواطن البسيط،وأننا أيضا ندرك أهمية أن الرئيس لا يريد التصادم مع العسكر والحرامية ويعمل بهدوء،لكن الشعب الفقير صبره قد نفذ ولا يستطيع تحمل الانتظار أكثر من ذلك،ولذلك على الرئيس ان يصدر قرارات جريئة قوية بتطهير الإعلام ومحاربة الفساد ومحاكمة المجرمين وتطهير مؤسسات الدولة من المناهضين للتغيير،مصر تحتاج لقرارات شجاعة جريئة قبل ان يفترسها "الحرامية"وينقضون على السلطة مرة أخرى،وتعود مصر إلى الخلف ..حمى الله مصر ورعى شعبها ..وأننا واثقون من أن الحق لابد أن ينتصر مهما بلغ الظلم المدى . د.سرحان سليمان الكاتب الصحفى والمحلل السياسى والاقتصادى [email protected]