لا جدال في أن هناك اصلاحات جمركية مهمة شهدتها مصر في الفترة الاخيرة.. ولكن الارقام والواقع يؤكد أنها لا يكفي. ما زال الزمن والوقت هو العنصر المفقود في خطة الاصلاح الجمركي.. ففي الوقت الذي يبلغ متوسط زمن الافراج الجمركي في مصر نحو 10 أيام نجد ان هناك دولا حولنا تحسبها بالساعات وتعمل بحق بالشعار المهيمن علي فكر التجارة الدولية حاليا Just in Time وتترجمه الي حقيقة تقاس بالدقائق في عملية الإفراج. حول الوقت والجمارك تدور هذه السطور! المؤكد ان اغلب الدول المنافسة لمصر بالمنطقة اهتمت بعنصر الوقت في عملية الافراج الجمركي وخاصة ما يتعلق بمستلزمات الانتاج او تلبية طلبات التصدير وقد كان ذلك الفكر هو المهيمن علي خطة الاصلاح الجمركي في مصر حيث تم في اطاره خفض عدد فئات التعريفة في التعديل الاخير من 27 فئة الي 6 فئات وهو ما قلل من فرص نشوب النزاعات كما صدر قرار بإعفاء بعض انواع الصادرات من القطاعات الغذائية والدوائية من اجراءات فحص الهيئة العامة للرقابة علي الصادارات والوارزات لشحناتها والتي كانت تهدر وقتا طويلا وذلك علي ان تصدر الشحنات علي مسئولية المصدر كما اعلنت مصلحة الجمارك مؤخرا عن تطبيق برنامج اصلاحي لميكنة جميع الاجراءات الجمركية خلال 3 شهور لاختصار زمن اجراءات التخليص الجمركي المقدر في بعض الدراسات بمتوسط 10 ايام في اغلب المنافذ الجمركية والاعتماد بشكل كبير علي تبادل المعلومات بين العملاء ومصلحة الجمارك من خلال شبكة الانترنت بديلا عن التواجد مباشرة لتقليل فاقد الوقت في اعمال التخليص.. علي الرغم من ذلك الا ان هذه الانجازات مازالت تمثل قدرا بسيطا من الخطوات الكبيرة التي قطعتها الدول المجاورة لمصر إزاء هدف توفير وقت الاستيراد والتصدير وهو ما يجعلنا بالضرورة نقارن هذه الدول بمصر لمعرفة موقعنا من المنافسة الدولية فعلي سبيل المثال نجحت كوريا الجنوبية بناء علي معلومات موقعها الحكومي علي الانترنت من ان تحرر جميع صادراتها من الاجراءات الرقابية عدا صادرات الاسلحة والمنتجات النووية وكذلك سبقتنا الكثير من الدول المجاورة في تعميم اجراءات الميكنة وتقليص اجراءات التخليص حتي اصبحت منافستها مع جيرانها تحسب بفارق الساعات وليس بفارق الايام.. كما ان خطوات التطوير السابقة كشف الخبراء عن تطبيق بعض خطواتها بفكر بيروقراطي مازال لا يراعي توفير عنصر الوقت من وجهة نظرهم. الفلسفة الجديدة توضح دراسة لمركز الدراسات الاقتصادية بجامعة القاهرة اعدها د. عمر العيسوي ود. احمد غنيم ان كلمة Just in Time اصبحت الشعار الذي اصبح مهيمنا علي فكر التجارة الدولية والمعيار الذي تقاس عليه تنافسية العروض التصديرية للدول الاجنبية وتري ان تقليل الوقت في اجراءات الاستيراد والتصدير يكون من خلال تقليل فاقد الوقت في أعمال التخليص الجمركي وتطوير البنية الاساسية للموانئ لاستيعاب كمية اكبر من الشحنات المستوردة في وقت اقل وكذلك تطوير نظم النقل لتحقيق سرعة اكبر وتعديل قانون الجمارك الحالي كما اشارت الي مدي تأثير هذه التطويرات علي تنمية تدفق التجارة الخارجية ودللت علي ذلك بدراسات دولية اثبتت ان تحسين نسبة 1% من اجراءات استيراد وتصدير الشحنات يساهم في زيادة تدفق التجارة الخارجية بمعدل 55% في الوقت الذي يساهم في تحسين هذه النسبة في نظام التعريفة الجمركية -تخفيض التعريفة- بزيادة التجارة بنسبة 9.59% كما ان تحسين هذه النسبة في ظروف الاستثمار يساهم في زيادة التجارة بنسبة 7.20% وتحسين نفس النسبة من التجارة الالكترونية يساهم بزيادة 3.8%. عنصر الوقت وترصد دراسة اخري للمركز المصري للدراسات الاقتصادية عن تطوير الادارة الجمركية موقع مصر في توفير وقت الاستيراد والتصدير وتشير الي ان المتوسط العام لتخليص الشحنات المستوردة فيها نحو 10 ايام وذلك حسبما تقول د. أمنية حلمي استاذة الاقتصاد في الدراسة وتدلل علي ذلك بطول فترة فحص الهيئة العامة للرقابة علي الصادرات والواردات علي الشحنات المستوردة الذي يعتبر من الاسباب الرئيسية للوصول لهذا المعدل وهو معدل مرتفع في التخليص مقارنة بالمتوسط السائد في الدول النامية وهو يومان ونصف اليوم وهو الزمن الذي تجاوزته الكثير من الدول المجاورة لمصر حيث وصل زمن التخليص في الامارات والمغرب وقطر وتركيا الي يومين فقط واستطاعت بعض الدول النامية ان تصل الي معدل اقل من يوم مثل الفلبين التي وصل زمن التخليص فيها للبضائع غير الخاضعة للكشف الي 6 ساعات!