بعد 4 سنوات من الإصلاحات المصرفية المحدودة قررت إسبانيا إصلاح بنوكها بشكل جذري لأنها أيقنت أن عمليات "الترقيع" لن تكون مجدية.. وفي يوم 28 نوفمبر الماضي أقرت المفوضية الأوروبية خطة إعادة الهيكلة الإسبانية.. وبعدها بأقل من أسبوع وتحديدا يوم الاثنين 3 ديسمبر اجتمع وزراء مالية منطقة اليورو مقررين الاستجابة لطلب إسبانيا الحصول علي مساعدات مالية قيمتها 5.39 مليار يورو "51 مليار دولار" لصالح البنوك الإسبانية الأربعة الكبري المتعثرة. وتقول وكالات الأنباء إن حزمة المساعدات تشمل نحو 18 مليار يورو "5.23 مليار دولار" لمجموعة بنكيا التي تعد أكبر بنوك إسبانيا ثم 9 مليارات يورو لمنافستها كاتالونيا بنك ثم 4.5 مليار يورو لبنك نوفا غاليسيا بانكو وأخيرا 5.4 مليار يورو لبنك بانكو دي فالينسيا.. وفور أن تمت الموافقة علي هذه المساعدات انخفض العائد علي السندات العشرية السيادية الإسبانية إلي 25.5% وهو أدني سعر من نوعه منذ ثمانية أشهر وهذا سيخفض تكلفة الاقتراض علي الحكومة الإسبانية.. كذلك ارتفعت أسعار الأسهم الأوروبية فصعد مؤشر يورو فرست 300 لأسهم الشركات الأوروبية الكبري 8.0% وارتفع اليورو ارتفاعا طفيفا لكنه الأعلي منذ شهر ونصف الشهر ليصبح 3075.1 دولار. ومن جانبها قالت مجلة "الإيكونوميست" إن هذا الدعم الأوروبي سيتم استخدامه في تنظيف دفاتر البنوك الإسبانية الأربعة من القروض المعدومة والمتعثرة.. وهي القروض التي حصل عليها المثمنون العقاريون أثناء رواج القطاع العقاري الإسباني وعجزوا عن سدادها مع انهيار هذا القطاع في غضون الأزمة المالية العالمية في أواخر عام 2007.. وقد ظلت الحكومة الإسبانية لفترة طويلة تكابر وترفض الاعتراف بوجود أزمة في بنوكها وهو أمر هز بشدة ثقة الناس بالحكومة والبنوك علي حد سواء.. وحتي الآن يحلو لوزير المالية الإسباني أن يصف الأموال التي حصلت عليها حكومته بأنها قروض وليست مساعدات ولكنها علي أية حال لن تبدأ في السداد إلا بعد فترة سماح مدتها 10 سنوات وسيكون السداد في غضون عام ونصف العام بعد انتهاء فترة السماح وبسعر فائدة يقل عن1% في فترة السداد وحدها ومن دون فترة السماح.. وقال لويس دي جيندوس وزير المالية الإسباني إن هذا القرض الميسر سيمكن حكومته من إعادة هيكلة القطاع المصرفي ومعالجة مشكلاته.. وغني عن الذكر أن وزراء مالية دول اليورو سبق أن وافقوا في يونية الماضي علي تقديم مساعدات لإسبانيا قيمتها 100 مليار يورو "130 مليار دولار" لإخراج البنوك الإسبانية من أزمتها الطاحنة.. ولا أحد يعرف هل ستحتاج إسبانيا لكل هذا الدعم أم ستكتفي بالشريحة التي حصلت عليها يوم 3 ديسمبر. وقد تعهدت البنوك الإسبانية ببعض التعهدات مقابل الحصول علي هذا الدعم الأوروبي، منها خفض الموازنات والكف عن إقراض المثمنين العقاريين ذوي المخاطر العالية وتقديم القروض بدلا من ذلك إلي الشركات الصغيرة والمتوسطة. ومن جانبها تعهدت المجموعة المصرفية بانكيا التي أممتها الحكومة الإسبانية بالفعل وقدمت لها في سبتمبر الماضي 5.4 مليار يورو بخفض شبكة فروعها بنسبة 40% إلي جانب الاستغناء عن 28% من العاملين لديها.. بل إن المستثمرين في ديون هذه المجموعة المصرفية سيضارون هم أيضا وهو أمر سيتكرر مع المستثمرين في ديون البنوك الثلاثة الأخري حيث ستبلغ جملة خسائر هؤلاء في البنوك الأربعة مجتمعة 10 مليارات يورو.