تساؤلات حول جدوي الاتفاقيات النظرية وملاءمة البيئة التشريعية للربط بعد الإعلان عنه بين بورصتي مصر وتركيا

بدأت البورصة المصرية في اتخاذ الخطوات العملية لتفعيل اتفاقية الربط بين بورصتي مصر وتركيا؛ حيث قال الدكتور محمد عمران رئيس مجلس ادارة البورصة المصرية إن وفدا من بورصة إسطنبول سيقوم بزيارة مصر في ديسمبر المقبل لمناقشة وسائل التداول المشتركة بين البورصة المصرية وبورصة إسطنبول، مشيرا إلي انه بموجب مذكرة التفاهم التي تم توقيعها من قبل البورصتين في يونية الماضي سيكون المستثمرون الأتراك قادرين علي التجارة بشكل مباشر في البورصة المصرية من خلال شركات السمسرة التركية والأمر نفسه بالنسبة للمستثمرين المصريين، حيث سيكونون قادرين علي التجارة في بورصة إسطنبول أيضا.
أثارت هذه الخطوات العديد من التساؤلات حول جدوي هذه الاتفاقيات ومدي ملاءمة البيئة التشريعية للتنفيذ خاصة أن هيئة الرقابة المالية كانت قد منعت شركات السمسرة مؤخرا من التعامل في الاسواق العالمية.
كما تساءل الخبراء حول مصير البورصة العربية الموحدة التي يتم مناقشتها منذ عقود دون أن تكون هناك جدية في التنفيذ، وكانت البورصة المصرية قد قامت أيضا بتوقيع اتفاقية تعاون مع شبكتي تداول عالميتين لربط مصر بنحو 175 بورصة عالمية.
أيد خبراء أسواق المال هذه الخطوات بشرط أن تكون هناك آليات للتنفيذ حيث ستعمل علي ضخ سيولة جديدة في السوق المصري.
البيئة التشريعية
في البداية قال معتصم الشهيدي عضو مجلس ادارة شركة هوريزون إن هناك تضاربا في القرارات التي تتخذها الحكومة.. فمن ناحية يتم وقف شركات السمسرة المصرية عن التعامل في الاسواق العالمية إلا بعد توفيق أوضاعها.. ومن ناحية أخري نشهد اتفاقيات تعاون وربط مع بورصات خارجية.
أضاف أن اتفاقيات الربط يتم توقيعها منذ سنوات طويلة دون أن يكون لها صدي علي السوق لعدم وجود آليات للتنفيذ.. وأبرز مثال علي ذلك البورصة العربية الموحدة التي ظلت علي الورق حتي وقتنا هذا.
وتساءل الشهيدي عن كيفية السماح لشركات السمسرة المصرية بالتعامل في الاسهم التركية في الوقت الذي تعاني فيه بقوة نقصا في الكوادر نتيجة لظروف السوق المحلية، وطالب بأن يسبق هذه الاتفاقيات وضع آليات قابلة للتنفيذ حتي لا تظل مجرد اتفاقيات علي الورق فقط.
ويختلف عمرو صابر خبير أسواق المال مع الرأي السابق مؤكدا أن هذا الربط سيجعل المستثمرين قادرين علي البيع والشراء في بورصة تركيا من خلال اعطاء اوامر البيع والشراء لشركات السمسرة المصرية كما صرحت بذلك الهيئة العامة للرقابة المالية في يونية الماضي.
أشار إلي أن الحكومة وافقت علي تعديل بعض أحكام قانون سوق المال لمنع شركات السمسرة وإدارة المحافظ المالية من التعامل علي الاسهم الاجنبية.
وقالت الهيئة إنه يتعين علي شركات السمسرة وادارة المحافظ المالية توفيق أوضاعها طبقا لأحكام القرار خلال 6 أشهر علي الأكثر.
وأوضح أشرف الشرقاوي رئيس هيئة الرقابة المالية: "لن نحتاج إلي تعديل قانون سوق رأس المال مرة أخري شركات السمسرة لن تتعامل علي أسهم أجنبية بل سيتم توفير شاشة للاسهم التركية وأسعارها بجانب الشاشة المصرية وسينفذ من خلالها للعملاء الراغبين في شراء الاسهم التركية، سيتم التعامل معها علي انها شاشة أسعار أسهم محلية".
سيولة جديدة
أضاف صابر أن تلك الاتفاقية سوف تؤثر علي السوق المصري بشكل مباشر حيث انها ستعمل علي ضخ أموال أجنبية جديدة وزيادة السيولة في السوق، ولذلك يجب أن يصاحب ذلك اجراءات من الهيئة والبورصة لزيادة الشفافية والافصاح للشركات وزيادة الرقابة علي التداول ويجب عليهم أيضا انشاء قاعدة بيانات للمتعاملين عن الشركات التركية وتدريب بعض العاملين بشركات السمسرة علي التداول في السوق التركي والاسواق العالمية، فضلا عن انشاء قنوات اتصال معها حتي تصل الاخبار في وقت حدوثها سواء في البورصة المصرية أو في البورصة التركية لحماية أموال المستثمرين سواء المصريون الراغبون في استثمار أموالهم في سوق تركيا أو الأتراك الراغبون في استثمار أموالهم في السوق المصري وذلك في خطوة لنقل البورصة المصرية إلي مصاف البورصات العالمية خاصة أن البورصة التركية أقرب ما تكون للبورصات الاوروبية وتجذب كثيرا من المستثمرين لما يحققه الاقتصاد التركي من معدلات نمو مرتفعة.
الخبرة التركية
ويري أحمد عبدالعال مدير قسم البحوث بشركة العمالقة لتداول الأوراق المالية أن هذا الربط سيساعد علي تدفق رءوس أموال أجنبية إلي السوق المصري مما سيكون له أثر كبير في زيادة السيولة بالسوق.
ويشير إلي انه لا بد من فتح قنوات اتصال بين السوق المصرية والشركات التركية للاستفادة من الخبرة التركية في مجال أسواق المال، موضحا أن دخول المستثمرين الاتراك السوق المصري سيزيد من جاذبية الاسهم المصرية.
وقال وائل أمين خبير أسواق المال إنه يجب علي شركات الوساطة والعاملين بها الاستعداد وبشكل كافٍ من خلال الدراسة الوافية للشركات المدرجة ببورصة تركيا، فضلا عن ضرورة وجود حد أدني من الوعي والثقافة لدي المتعاملين بالسوق المصري لهذه الشركات التي سيتعاملون عليها شراء وبيعا ولن تتوافر هذه الثقافة سوي من خلال العاملين بالمجال.
وأضاف أمين: هذا الربط يعد فرصة جيدة للسوق المصري يجب أن نستفيد منها بشكل كبير نظرا لما يعانيه السوق المصري من نقص في السيولة، حيث تراجعت احجام التعاملات مؤخرا إلي ما دون نصف المليار جنيه يوميا.
أشار إلي أن السوق يعاني ضعف السيولة، موضحا أن ربط البورصة المصرية بالبورصة التركية سيزيد من حجم السيولة وهذا يتطلب البدء في تطبيق بعض الآليات المهمة ومنها آلية T+O ?? ???? T+1 بما سيزيد من سرعة دوران السيولة بشكل أكبر لاننا بحاجة إلي ضخ سيولة جديدة بداخل البورصة المصرية في الفترة الحالية.
وأوضح أن هناك استفادة لا يمكن أن نغفلها تعود علي شركات الوساطة بداخل السوق تلك الشركات التي عانت الكثير من المشكلات خلال العامين الماضيين.
نشاط كبير
كما انه سيتيح الفرصة لوجود فروع لشركات الوساطة التركية بمصر والعكس بالنسبة لشركات الوساطة المصرية أيضا سيكون لها فروع داخل تركيا وهذا سيفتح آفاقا كبيرة لتوسع العديد من الشركات في كلا البلدين.
كما أن المستثمر المصري سوف يستفيد من آلية الربط بين البورصتين لانه عندما اصاب الركود البورصة المصرية اتجه الكثير من متعامليها إلي أسواق أخري مثل الفوركس ونجد أن ثقافتهم بتلك الاسواق وطريقة التعامل معها ليست كافية، اضافة إلي أن تلك الاسواق تعد عالية المخاطر ولكن مع تفعيل الربط المزمع العمل به سيكون امام متعاملي السوق المصري شركات أخري داخل اقتصاد قوي ينمو بطريقة جيدة وهو الاقتصاد التركي ويجب ألا نغفل الحماية.. ففي تلك الحالة المستثمر المصري يتعامل تحت مظلة القانون بعكس تعاملاته مع الاسواق الاخري سابقة الذكر.
وطالب بضرورة سرعة عمل مؤشر للشركات التركية نبدأ بالتعامل من خلاله علي شركات السوق التركي وكذلك إطلاق مؤشر مصري يتم التعامل عليه داخل البورصة التركية وهذه الخطوة تسير جنبا إلي جنب مع زيادة الوعي لدي متعاملي البورصة المصرية بهذا السوق الجديد.
أشار إلي أهمية عمليات الترويج وبشكل جيد للشركات المدرجة داخل السوق المصري ليعرف متعاملو السوق التركية قوة المراكز المالية لكثير من الشركات المدرجة بالبورصة المصرية.