"امبراطور السجون المصرية" ذلك اللقب الذي أطلق علي أقدم سجين في مصر وهو الشيخ محمد الأسواني الذي قضي 30 عاما متجولا بين عدة سجون من القلعة إلي العقرب إلي طرة، وقد القي القبض عليه عام 1981 بعد اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات حيث اتهم بقيادة تنظيم لقلب نظام الحكم في مصر بالقوة والقتل العمد مع سبق الاصرار والترصد لافراد الشرطة في القضية التي حملت رقم "426" وحكم عليه بالاشغال الشاقة المؤبدة لمدة 25 سنة ثم حكم عليه بسبع سنوات اضافية في قضية الهروب الكبير، حيث ألقي القبض عليه مع زملائه بعد 21 يوما من هروبهم، مورست ضد الأسواني عمليات تعذيب مستمرة علي أيدي أفراد من أمن الدولة فأصيب جراءها بالعديد من الأمراض شلل نصفي وجلطة بالمخ وارتفاع شديد بالضغط والسكر وتضخم بالكبد وضمرو بالكلية اليمني - بناء علي تقرير طبي تم اطلاعنا عليه - وقد تم الافراج عن الأسواني في منتصف يوليو الماضي افراجا صحيا وهو يحمل علي كاهله سنوات عمر بلغت 54 عاما والعديد من الأمراض بالاضافة إلي أربع شهادات جامعية وماجستير، لكنه وبعد نشوة تنسم رياح الحرية افاق ليدرك انه بلا مأوي وبلا عمل، وبلا زوجة وأولاد، حيث دخل السجن يافعا في الرابعة والعشرين وخرج كهلا في الرابعة والخمسين ولم يتح له الوقت أو الفرصة حتي يتزوج. التقت "الأسبوعي" مع محمد الأسواني ذلك القادم من أعماق الجنوب من النوبة حيث السحر ومنبت الحضارة.. كنت ضيقة علي مضيفته شقيقته الصغري عبير التي ترعاه حاليا، والتي كانت في العاشرة من عمرها حين دخل السجن وكانت حينئذ تصطحب والديهما الكفيفين لحضور جلسات محاكمته، كما تم اعتقالها بل وتعذيبها وهي طفلة علي أيدي ضباط أمن الدولة لاجبار أخيها علي الاعتراف أو التسليم نفسه، طرحت عليه العديد من الأسئلة القليل منها علي الماضي والكثير حول المستقبل ورؤيته السياسية لما يجري علي الساحة. لماذا فشلنا * تفصل بينكم وبين شباب 25 يناير ثلاثون عاما وتتشابهون معهم في المستوي الثقافي والطبقي أي نفس مقدار التعليم العالي والانتماء لذات الطبقة المتوسطة أو المتوسطة العليا إلا أن وسيلتكم للتغير قد اختلفت تماما عن طريقتهم حيث لجأتم للعنف، ولجأوا هم للسلمية كوسيلة وحيدة للتغيير كيف تقيم هذه الفكرة؟ ** منذ شبابي تمنيت أن يتم التغيير سلميا وحلمت بالمدينة الفاضلة تتحقق علي أرض مصر إلا أن العنف الذي عوملنا به من قبل ضباط أمن الدولة جعلني أؤمن بالعنف كوسيلة وحيدة للتغير ورد الظلم، وفي فترة شبابنا كانت القيود أشد وأقوي كما أن وسائل الاتصال بيننا كأفراد في الجماعة صعبة بل وتكاد تكون مستحيلة، أما شباب يناير كان يسهل عليهم تنظيم أنفسهم من خلال الفيس بوك كما ان النظام حينئذ قد منحهم قدراً من حرية التعبير إلا أنني أعرف بأن شباب يناير قد نجح فيما فشلنا نحن في تحقيقه، إلا أنه لا يمكن انكار أن محاولاتنا كانت بمثابة الشرارة الأولي التي دفعت بهؤلاء الشباب نحو النجاح. * ظهر في الفترة الأخيرة ما عرف بالمراجعات الفكرية والتي تبناها الكبار من المعتقلين السياسيين في المعتقلات أمثال عبود الزمر وغيره ألم تتبن هذا الاتجاه قبل خروجك من المعتقل؟ ** الأسواني: لم اتبني هذا الاتجاه علي الاطلاق لأن هذه المراجعات لم تكن سوي محاولات من أمن الدولة لغسل الأدمغة واذا اطلعت عليها تجدينها ضحلة وغير موثرة ولا تعكس ثقافة وعلم مؤلفيها، ولم تأت عن قناعة تامة بالتغيير. * ألن تسعي إلي تأسيس حزب جديد أو حتي إلي الانضمام إلي أي من الأحزاب الناشئة سواء أكانت دينية أو غير دينية؟ ** الأسواني: بداية أنا لا أحب التحزبات واتمني أن تصبح مصر حزبا واحدا، كما أنني لن أفكر في انشاء حزب خوفا من أن أعد ولا اتمكن من الوفاء بالوعود التي قد ترد في البرنامج الحزبي. لا طموح سياسي