أقل ما يجب أن يفعله عضو مجلس الشعب نشأت القصاص الذي طالب باستخدام الرصاص عند التعامل مع المتظاهرين هو أن يتقدم باستقالته من مجلس الشعب ليجنب الحزب الوطني والمجلس الاحراج أمام الرأي العام..! فأيا كان التبرير الذي سيحاول النائب به تفسير تصريحاته والتهرب من قسوة العبارات التي استخدمها حتي وان حاول القول بأنه يدعو الي اطلاق الرصاص للدفاع عن النفس فقط فإن ما قاله تحت قبة البرلمان يعكس فكرا قمعيا دمويا لدي البعض الذين لا يدركون قيمة واهمية المظاهرات والمعارضة كإحدي الادوات المهمة للحكم الرشيد. فلولا مسيرات الاحتجاج، ولولا الاعتصامات، ولولا المظاهرات، ولولا حركات المعارضة عبر الانترنت، ولولا وجود شخصيات مؤثرة تتحدث عن التغيير ما كان ممكنا ان يكون هناك حديث عن الاصلاح، ولا دعوات لمحاربة الفساد، ولا حراك سياسي يستهدف مستقبل الامة ويبحث عن الافضل لها..! فالمعارضة بجميع اشكالها ووسائل تعبيرها هي الرقيب الحقيقي الذي يتصدي للتجاوزات والانحرافات، وهي الجانب الاخر للحوار الذي يجب ان يكون قائما ومستمرا بين طرفين بدلا من الاستماع للصوت الواحد والرأي الواحد وتأليه الاشخاص وعلينا ان نستجيب لإرادتهم وافكارهم وتصدراتهم دون نقاش ودون تفكير ودون احترام لعقولنا وواقعنا ايضا..! إن الامر المثير للدهشة هو ان هذا التحريض علي استخدام الرصاص في مواجهة المتظاهرين لم يأت من مسئول امني او حتي حكومي وانما اتي من احد النواب الذين يفترض انهم يمثلون الشعب ويدافعون عنه، والذين يفترض انهم اول من يجب ان يساند حرية الرأي وحق التعبير وحماية وصيانة حقوق المعارضين، وهو ما يعكس ويثبت ان الاختيارات والانتخابات لمجلس الشعب لا تأتي بافضل العناصر، واننا نستحق اللوم في ذلك لاننا نتقاعس عن استخدام حقنا الانتخابي في التصويت والمشاركة ولاننا نترك الفرصة لتجار الانتخابات واصحاب النفوذ والمال بان يدعموا مكانتهم ومصالحهم بالحصانة البرلمانية عن طريق الوصول الي مقاعد مجلس الشعب. وقد أثبتت الحوادث الكثيرة المتكررة من عدد من أعضاء مجلس الشعب التي أصبحت من الموضوعات المستمرة في صفحات الحوادث أن علينا ان ندقق كثيرا في اختياراتنا في الانتخابات البرلمانية القادمة، وأن ندرك ونتفهم أن اهمالنا وسوء اختياراتنا لن يجلب إلا المتاعب علينا، ولن يدفع الثمن إلا نحن، فيكفي للسخرية أن نقول إن المجلس الحالي هو الذي ناقش ووافق علي الضريبة العقارية وهو الذي أتي بعد ذلك ليطالب بتعديلات عليها، بما يعني ان الموافقة تحت دون استيعاب كاف للقانون ودون ادراك لجميع أبعاده وجوانبه وانعكاساته بشكل جيد وهو قصور انعكس علينا وعلي اقرار الضريبة وعلي صعوبة التراجع عنها. إن قيادات مجلس الشعب وقيادات الحكومة وقيادات الحزب الوطني كانت من الذكاء بحيث سارعت إلي استنكار واستهجان تصريحات النائب نشأت القصاص حتي لا تتورط في مواجهة خاسرة مع العالم.. ولم يعد باقيا إلا أن يدفع هذا النائب ثمن هذا التصريح المشين، ولا أقل في هذا من الاستقالة ان لم يكن التحقيق أمام القضاء والاقالة!