ترنحت كلمة "المسئولية الاجتماعية" علي أفواه العديد من رجال الأعمال لسنوات طويلة، ومنهم من قام بتلك المسئولية في السر ومنهم من قام بها في العلن. ولكن الأمر المؤكد أن الإحساس بأن رجال الأعمال قد قاموا بمسئولياتهم الاجتماعية كاملة لم ينتشر في المجتمع المصري، إلي أن شاهدت منذ أسبوعين رجل الأعمال منصور عامر علي شاشة أوربت وهو يعلن عن الوقف المصري، وأنه خصص من رأسمال مجموع شركاته ما تركه له الشرع ليتصرف فيه وهو نسبة الثلث. وكيف أنه وضع في أحد البنوك هذا العام قرابة المائة مليون جنيه من أجل انفاقها في أوجه احتياج المجتمع لها. وأنه قرر مع شركائه بناء جامعة علي أحدث طراز علمي ليلتحق بها المتفوقون من أبناء هذا الشعب غير المقتدرين، ووعد بأن تنافس في مستواها العلمي هذا الصرح الذي يفخر به المصريون وهو "الجامعة الأمريكية" علي الرغم من أن ترتيب تلك الجامعة بين الجامعات الأمريكية يأتي بعيدا بعض الشيء عن جامعات التاج الأمريكية مثل هارفارد أو بيركلي أو ييل. ولكن أن يعد منصور عامر بجامعة في مستوي الجامعة الأمريكية فهذا أمر مرغوب ومحبوب. طبعا كعادتنا في عدم تصديق ما يقال، اتصلت علي الفور بالزميل حمدي رزق، وكان يقدم في ذلك اليوم قراءته للصحف بعيون ومشاعر عميد الصحفيين المصريين مكرم محمد أحمد، وقلت لحمدي هل يمكن أن ترجو الأستاذ مكرم كي يطلب من منصور عامر المشاركة في تكلفة تغيير كبد الروائي الذي لا نظير له محمد ناجي. ضحك حمدي ليخبرني بأنه شاهد النقيب مكرم وهو يشكر منصور عامر لأنه أمد حملة جمع تكلفة عملية تغيير كبد محمد ناجي بمائة ألف جنيه. وطبعا كان لابد من شكر كل من مكرم محمد أحمد ومنصور عامر. وتذكرت ماذا يمكن أن يفعله ثلث رأس مال منصور عامر والذي أسس به ما سماه بالوقف المصري كي يشمل كل أوجه القصور فيما يحتاجه المصريون، ورأيت بعيون الخيال أنه يستطيع أن يفعل الكثير . وحين سمعت أرقام الفقر في بر مصر المحروسة، وكيف زادت، أيقنت أننا أمام هوة يمكن ردمها بأن تتسع دائرة الوقف المصري فلا تشمل منصور عامر وشركاته ولكن أن تنضم لها شركات أخري لرجال أعمال آخرين، ولو أن تلك النسبة تم جمعها وتوزيعها علي الارتقاء بالتعليم أو القضاء علي العشوائيات، لكان في مثل هذا السلوك صيانة لمصر من أي انفجار اجتماعي متوقع، نظرا لأن هناك أجيالا جديدة تشعر أنها قد تمت خديعتها بتعليم لا يعلم شيئا، ويجعلها أجيالا زائدة عن حاجة المجتمع ، وهي في حاجة لإعادة تأهيل لسوق العمل. وأثق أنه لو انضم خمسون رجل أعمال إلي الوقف المصري من المصريين المسلمين والأقباط، لوضعنا حدا لكل تلك المشكلات التي تتفاقم دون أن تجد الدولة حلا لها. شكرا منصور عامر وفي انتظار انضمام عديد من رجال الأعمال إلي الوقف المصري .