المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر هي القاطرة التي اخذت بيد معظم الدول النامية إلي مصاف الدول الكبري ويؤكد ذلك تجارب اليابان والصين وألمانيا وكوريا وماليزيا وغيرها.. ورغم ذلك مازالت هذه المشروعات مكبلة ومشلولة نتيجة لاحجام عدد كبير من البنوك التجارية عن تمويلها إلي جانب غياب البيئة التشريعية المناسبة، مع ضعف خبرة أصحاب تلك المشروعات في الإدارة. وتقوم حاليا مؤسسات تمويلية غير هادفة للربح بدعم المشروعات المتناهية الصغر في مصر التي تتلقي بدورها التمويل من جهات أجنبية مانحة كالوكالة الأمريكية للتنمية، والمعونة الأمريكية، ويناقش "الأسبوعي" في هذا التحقيق مشكلة البنوك في تمويل هذه الشركات والتجارب الناجحة في هذا المجال! بداية يكشف تقرير اصدرته مؤخرا شبكة التمويل الاصغر للدول العربية "سنابل"، أن هناك زيادة في عدد المنتفعين من القروض متناهية الصغر في مصر ما بين عامي 2005 و2008 من 550 ألفا إلي 3.1 مليون عميل، بنسبة سنوية قدرها 47% مما يضع مصر في المرتبة الاولي من حيث عدد العملاء المستفيدين من التمويل متناهي الصغر في العالم العربي. وجاءت مجموعة سيتي بنك في مقدمة الجهات التي تدعم المشروعات الأصغر في مصر وتعمل المجموعة بشراكة مع سنابل، كشبكة للتمويل الأصغر في البلدان العربية ومصر. وأوضح التقرير أن إجمالي محفظة القروض الصغري لتمويل المشروعات المتناهية الصغر وصل إلي 324 مليون دولارخلال الفترة نفسها، بما يضع مصر في المرتبة الثانية عربيا بعد المغرب، فيما يتوقع أن يقفز إجمالي الطلب بشكل متسارع إلي نحو 9.6 مليون عميل مصري في السوق المحلي. كما أشار التقرير إلي أن تدني معدل القروض متناهية الصغر في مصر يرجع إلي عدم وجود بيئة تشريعية مختصة بتنظيم قطاع التمويل الأصغر، بحيث تخضع الكيانات الناشطة في هذا القطاع "مؤسسات غير ربحية، بنوك أو شركات تجارية" لرقابة الجهات التي تمنحها رخص مزاولة العمل كما أن أحد أهم المعوقات التي تواجهها مؤسسات التمويل متناهي الصغر في الوصول إلي عملاء جدد هو ضعف مصادرهم من التمويل التجاري وعدم قدرتهم علي الاستحواذ علي الودائع المالية وتمثل المنح المالية المقدمة من قبل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية والصندوق الاجتماعي للتنمية المصدر الاساسي لهذا التمويل. وحدد التقرير أكثر من 200 جهة في مصر توفر القروض متناهية الصغر منها أربعة مصارف تجارية فقط مرخصة لتقديم تلك القروض إلا أنها لا تقدم منتجات الودائع أو حسابات التوفير لهذه الشريحة من العملاء وعلاوة علي ذلك، فإن معظم التسهيلات متناهية الصغر يجري تقديمها من قبل مؤسسات غير ربحية لا يمكنها قانونا تقديم خدمات الايداع لعملائها، بحيث يكاد يكون البريد المصري الجهة الوحيدة التي تقدم هذه الخدمات لأصحاب الأعمال الصغري.