وفقا للسيناريوهات العالمية المطروحة الآن سوف تتأثر مصر تأثرا شديدا بسبب التغيرات المناخية، التي ستهدد أجزاء منها بالغرق مما يجبر الملايين من سكانها علي مغادرة أماكن عملهم وإقامتهم الأصلية، ويعتبر قطاع الزراعة من أكثر القطاعات التي سوف تتأثر سلبيا بهذه الظاهرة، بالإضافة لتأثره الشديد يتقلب السياسات الزراعية والتي يعتبرها الخبراء أخطر من تقلبات المناخ، الأمر الذي ينذر بكارثة، فبدلا من دعم الزراعة والبحث عن حلول للمواجهة للوصول إلي حلم الاكتفاء الذاتي خاصة أن المعلومات الرسمية تشير إلي أننا نستورد 40% من احتياجاتنا الغذائية نلاحظ أن المخاطر المتعلقة بالتغيرات المناخية المرتقبة أو المحتملة سواء علي الصعيد العالمي أو المحلي تطاردنا، لتنضم إلي زيادة الضغط السكاني علي الموارد المائية والغذائية في الوقت الذي تقل فيه الرقعة الزراعية، حيث تشير كل المعلومات إلي أن عدد السكان سوف يزيد بمعدل نحو 1،9% سنويا خلال العقدين القادمين، بحيث يصل عام 2030 إلي أكثر من 111 مليون نسمة، في حين يتوقع ألا تتجاوز الرقعة الزراعية 11،5 مليون فدان وهو إجمالي الرقعة الزراعية القابلة للزراعة في مصر. ملامح التغيير د. شريف فياض، باحث بمركز بحوث الصحراء أعد دراسة متخصصة في مجال المناخ وتأثيره علي الزراعة، وقال في تصريحات ل"العالم اليوم": إن التغيرات المناخية ترتبط ارتباطا وثيقا بقضية الأمن الغذائي، وأهم ملامحه تغير في أصول إنتاج الغذاء، وكذلك التغير في التخزين، والنقل، والتسويق، وأصول الحيوانات المزروعة، هذا بالإضافة إلي الهجرة، التي سوف تزداد الهجرة من الأماكن المتأثرة بالتغيرات المناخية إلي الأماكن التي لم تتأثر بتلك التغيرات بشكل كبير. وقدم فياض ل"العالم اليوم" دراسة له تحدثت عن "أثر التغيرات المناخية علي وضع الزراعة والغذاء في مصر" تحتوي علي عدد من السيناريوهات لعام ،2030 مع الأخذ في الاعتبار احتمال غرق نحو 15% من أراضي الدلتا، وقد تم استخدام كل من الإنتاجية والمساحة في ظل هذه السيناريوهات للتنبؤ بالإنتاج الكلي في عام ،2030 هذا بالإضافة إلي تقدير معدلات الاستهلاك الفردي والاستهلاك الكلي لأهم المنتجات الغذائية، ومن ثم التعرف علي الفجوة الغذائية، ونسب الاكتفاء الذاتي، وكذلك تقدير حجم هذه الفجوة. وقال شريف فايض أن نتائج دراسته تشير إلي توقعات قوية بوجود عجز غذائي كبير بسبب التغيرات المناخية المتوقعة حتي عام ،2030 حيث تصل فجوة الحبوب إلي نحو 11،2 مليون طن في السيناريو الأكثر تفاؤلا، بينما تصل في أكثرها تشاؤما إلي نحو 25،3 مليون طن، وبالنسبة للبقوليات والزيوت النباتية والسكر، فتشير النتائج إلي توقع فجوة تقدر بنحو 3،7 مليون طن، وبالنسبة للمنتجات الحيوانية، أشارت الدراسة إلي وجود عجز شديد في جميع المنتجات الحيوانية بحلول عام 2030 وعلي الأخص في كل من اللحوم الحمراء والألبان ومنتجاتها، حيث يصل العجز في أكثر السيناريوهات تفاؤلا إلي نحو 13،5 مليون طن بحلول عام ،2030 عدا في اللحوم البيضاء، حيث يصل الفائض الغذائي بها إلي نحو 0،2 مليون طن. خطر شديد لابد من التأكيد علي أن هناك اقتناعا علميا واسعا بأن المناخ العالمي يتغير نتيجة تضافر الضغوط البشرية الناجمة عن الغازات والدقائق الغبارية والتغيرات في سطح الأرض بسبب الاحتباس الحراري الناجم عن النشاطات الاقتصادية لعدد من الدول الكبري هذا ما قاله د. محمود المدني نائب مدير المختبر المركزي الزراعي للتغيرات المناخية في القاهرة، ووجدت الدراسات المناخية الحديثة أن حرارة الهواء السطحي العالمية زادت منذ 1850 إلي 2005 بمقدار 0،76 درجة مئوية وبالإضافة إلي ذلك، سجل الاتجاه الاحتراري الخطي خلال السنوات الخمسين الماضية زيادة بمقدار 0،13 درجة مئوية في كل عقد، وعلاوة علي ذلك، كانت هناك زيادة في عدد موجات الحر، وانخفاض في تكرار الأحداث المتطرفة وشهدتها في أجزاء كثيرة من العالم. وضاف د. المدني أن الدراسات الحديثة وجدت أن المنطقة العربية خاصة مصر شهدت زيادة متفاوتة في حرارة الهواء السطحي تراوحت بين 0،2 و2،0 درجة مئوية، وقد حدثت منذ عام 1970 إلي عام ،2004 وبالنسبة إلي العقدين المقبلين، يتوقع د. محمود زيادة في درجة الحرارة مقدارها نحو 0،2 درجة مئوية في كل عقد لمجموعة الانبعاثات بحسب السيناريوهات الرسمية، موضحا انه حتي لو بقيت تركيزات جميع غازات الدفيئة والدقائق الغبارية ثابتة عند مستويات عام ،2000 فإن زيادة أخري في الحرارة مقدارها نحو 0،1 درجة مئوية في كل عقد ستكون متوقعة، وقال د. محمود المدني إن مصر تعتبر من البلدان الشديدة التعرض لتأثيرات ارتفاع مستوي البحر، فارتفاع مستوي البحر متر واحد يؤثر في 6 ملايين شخص في مصر، ويؤدي إلي خسارة 12 إلي 15 % من الأراضي الزراعية في منطقة دلتا النيل، وقال انه من المناطق المعرضة لخطر شديد في مصر أجزاء من محافظات الإسكندرية والبحيرة وبورسعيد ودمياط والسويس، مشيرا إلي أنه لو لم تتخذ إجراءات وقائية، فإن القطاع الزراعي سوف يتأثر سلبا بشدة "خسارة أكثر من 90% من مجموع مساحة المحافظات المعرض للخطر"، يليه القطاع الصناعي "خسارة 65%" والقطاع السياحي "خسارة 55%" نتيجة ارتفاع مستوي البحر 0،5 متر، نظرا للتغيرات التي تطرأ في المناخ بسبب التلوث وخلافه.