باتت الحوكمة من الموضوعات المثيرة جداً، خاصة بعد أن وجدت الدوائر الأكاديمية والسياسية والاقتصادية العالمية فيها وسيلة فعالة للتدخل باقتصادات الدول النامية تحت عناوين برامج الإصلاح ومتطلبات إعادة الهيكلة والاهتمام بالجودة والبحث عن عوائد اقتصادية مرتفعة علي وفق ما يراه صندوق النقد والبنك الدوليين . وتعتمد إجراءات الحوكمة، علي إظهار شفافية ملموسة في تقديم المعلومات والبيانات عن المؤسسة الاقتصادية الخاضعة لها فهناك العديد من الشركات العملاقة بدأت بمجهود شخصي من فرد واحد استطاع أن يرفع حجم أعماله ويزيد درجة الثقة بين المتعاملين معه في السوق ويورث شركته لأبنائه ثم تبدأ العقبات تقف أمام الشركة في كيفية توسيع أنشطتها وزيادة التمويل مع حلول الجيل الثالث. نتيجة لذلك أثيرت موضوعات عدة في غاية الأهمية خلال الآونة الأخيرة تتعلق بضرورة وضع الاحتياطيات اللازمة التي تعمل علي منع حدوث أي تأثيرات سلبية علي الشركة العائلية مثل "انهيارها واختفائها"و من ضمن هذه الاحتياطيات مناداة البعض بأن يتم إدماج هذا النوع من الشركات مع شركات كبري عملاقة، مع الاحتفاظ بحق الملكية والتصرف الإداري. معايير الافصاح بينما ذهب البعض إلي ضرورة تحويل تلك الشركات إلي شركات مساهمة وهو ما حدث بالفعل في بعض الدول ، إلا أن التجربة لم تكتمل بسبب ضرورة ان يلزم عملية التحويل إلي شركة مساهمة ضرورة تطبيق مبادئ حوكمة الشركات عليها حتي تتم معايير الإفصاح المالي والشفافية والتدقيق السليم بما يسمح بالاستمرارية إلي الجبلين الثاني والثالث. ويؤكد الخبراء أنه مع تطبيق نظام الحوكمة علي الشركات العائلية ينتظر أن يتم تحقيق عدد من النتائج الجيدة، لعل من أهمها إشاعة روح الطمأنينة في أوساط المستثمرين وحملة الأسهم، وتعظيم قيمة الشركة وتدعيم المنافسة في أسواق المال العالمية، ومنع حدوث حالات الفساد المنتشرة في الشركات كنتيجة لتطبيق مبادئ الإفصاح والشفافية بالإضافة إلي توفير مصادر تمويل للشركة في ظل تزايد حركة انتقال التدفقات الرأسمالية. وأوضح د.اسامة الانصاري الخبير الاقتصادي أن أهم ما يميز الشركات العائلية التي تطبق مبادئ الحوكمة هو مدي التزامها بمبدأي الإفصاح والشفافية كمعرفة عدد الأعضاء التنفيذيين وأعضاء مجلس الإدارة، وهل هذا العضو يمتلك مؤهلات خاصة أهلته لتولي المنصب أم أنه تولي المنصب لانه مجرد فرد من أفراد العائلة أو المساهمين. واكد ان تطبيق قواعد الحوكمة يأتي في إطار اهتمام الهيئةالعامه لسوق المال بتطوير السوق ودعم استقراره وتوفير المزيد من الحماية للمستثمرين المتعاملين فيه, وذلك من خلال تطوير آدائها الرقابي من مجرد التحقق من الالتزام بالتشريعات والقواعد الحاكمة لسوق المال ليتضمن بجانب ذلك أسلوب الحد من المخاطر التي تواجه السوق والذي تتبعه العديد من جهات الرقابة المماثلة في الأسواق المتقدمة وتعتبر هذه القواعد جزءا من منظومة تطوير أداء الشركات العاملة في مجال الأوراق المالية والتي شهدت صدور عدد من القرارات التنظيمية بما في ذلك قواعد عضوية شركات الوساطة ببورصتي القاهرة والاسكندرية للأوراق المالية والمتطلبات الجديدة لتأسيس وترخيص الشركات العاملة في مجال الأوراق المالية ومعايير الملاءة المالية لتلك الشركات ومنظومة التراخيص. تحالفات من جانبه طالب حسام ابو شملة خبير سوق المال بضرورة تطبيق قواعد الحوكمة علي جميع الشركات مؤكدا اننا نفتقر إلي وجود قانون لحوكمة الشركات، حتي أنه يتم العمل حتي الان بقانون هيئة سوق المال ودليل حوكمة الشركات الذي قام بوضعه الدكتور ماجد شوقي رئيس بورصتي القاهرة والإسكندرية وهو ما يجعل فان حوكمة الشركات اختيارية وليست اجبارية. ولفت إلي أن معظم الشركات في مصر كانت بمجهود فردي من رب أسرة حتي كبرت الشركة الصغيرة من خلال المجهود والمال الشخصي حتي تستطيع الشركة أن يكون لها مكانتها وسمعتها الطيبة داخل السوق المصري ، بعد ذلك تقفز مشكلة هامة الا وهي كيفية التعاقد علي عقود كبيرة أو الدخول في تحالفات لتوسيع دائرة الشركة العائلية ؟ وحل هذه الإشكالية بسيطة إلي حد ما وذلك من خلال طرح الشركة في البورصة حتي تصبح ملكية عامة. وقال هناك من يتخوف من مسألة الطرح العام في البورصة قائلاً في نفسه لماذا أدخل شركتي التي هي ستورث إلي أبنائي ومن ثم أحفادي في منظومة كبيرة أنا في غني عنها وفي غني عن مشاكلها والتزاماتها إلا انه عاد ليؤكد أن الشركات العائلية ستبدأ تواجهها العقبات سواء في التمويل أو توسيع دائرة نشاطها بعد الجيل الثالث. وأوضح أن القيد في البورصة رغم انه مكلف إلا انه يحمل في طياته العديد من المميزات فالمستثمر يعلن للعالم أجمع عن ميزانيته ويصبح السوق هو المحك والحكم الرئيسي علي عمله . قصور القوانين من جانبه أشار د. علي لطفي استاذ الاقتصاد بجامعه عين شمس إلي أنه بالنظر إلي السوق المصري نجد أن الثلاثين شركة في مؤشر كاس 30 بينها 15 شركة بالأساس كانت عائلية انفتحت حتي أصبحت إقليمية وعالمية. وأضاف أن البعض يقول إن مصر تعاني من قصور في القوانين، وربما يكون ذلك صحيحاً وهذا شيء وارد جداً لأن القوانين تكون دائماً أقل ديناميكية من تطور السوق ، لافتاً إلي أن هذا الشئ لا تعاني منه مصر فحسب وإنما هذا شيء وارد في كل أنحاء العالم . لذلك نجد ان الشركات العائلية دائما ما تشعر وهي علي أبواب طرح عام بالتخوف من فقدان السيطرة إلا أن هذا التخوف بعيد عن الصواب فهناك العديد من البنوك المقيدة بالبورصة قامت بطرح عام قيمته 80% وباقي الملكية بين المؤسسين ومجلس الإدارة إلا أنه لم يحدث أي فقدان لسيطرة البنك . كما أن شركات أخري تقدر فيها إجمالي النسبة العائلية ب 35% من اسهم الشركة ولم تفقد سيطرتها علي الإدارة، إذن فالمسألة تستند علي كيفية الإدارة.