طال حديثنا وامتد عن الامان الوظيفي باعتباره واحدا من الاركان الاساسية في توفير متطلبات النجاح لاي شركة او مؤسسة. والموضوع يستحق الاهتمام والتوقف عنده لثلاثة اسباب رئيسية هي: اولا: ان هناك مفاهيم مغلوطة تحيط بمفهوم الامان الوظيفي واساليب تحقيقه. وقد ارتبطت تلك المفاهيم بما كان سائدا في مرحلة معينة وهو وان كان يصلح لتلك المرحلة الا انه لايصلح بالضرورة لكل المراحل التالية لاسيما ان هناك متغيرات كثيرة قد استجدت في بيئة المال والاعمال.. فلم يعد مقبولا مثلا ان يفهم الامان الوظيفي علي انه عدم قدرة جهة العمل علي الاستغناء عن العامل مهما كانت المبررات وايا كانت الاسباب.. كما انه ليس مقبولا ايضا ان تطلق يد الشركة او المؤسسة في الاستغناء عمن تشاء وكيفما تشاء وايا كانت الاسباب بدون وجود أية ضوابط تحفظ الحقوق وتنظم الواجبات. كما انه من المفاهيم المغلوطة ايضا ان يستند استمرار العامل في عمله في اي موقع وفي اي نشاط الي اعتبارات لاعلاقة لها بكفاءته ومهارته وسلوكياته، ومن هنا فإن ضبط المفاهيم امر لازم وواجب في مجال الامان الوظيفي. ثانيا: ان الامان الوظيفي له عدة جوانب واركان وهي: 1 الركن القانوني او التشريعي الذي ينظم علاقة العمل ويضع الوزن بالقسط بالنسبة لحقوق وواجبات اطراف العمل بشكل متوازن وعادل. 2 الركن الفني المتعلق بتوافر الاشتراطات المهنية والفنية اللازمة لشغل اي وظيفة والاستمرار فيها، ذلك ان الامان الوظيفي في عالم اليوم يستند في المقام الاول الي توافر المهارة والجدارة والكفاءة لدي العامل في اي موقع كان ولدي المدير في اي مستوي يكون.. وهنا فإن علي العامل والمدير ان يعني بالتنمية الذاتية لقدراته كما ان علي جهة العمل ان توفر له التدريب الكافي والمناسب وان تكون تنمية الموارد البشرية احد العناصر الاساسية في اي شركة او مؤسسة وهنا ايضا فإن التوازن بين الامرين واجب ليس باعتباره فضيلة فقط ولكن باعتباره حقا والتزاما علي كل طرف في ان واحد. 3 الركن الاخلاقي المرتبط بالمقومات الشخصية للفرد والابعاد السلوكية.. فلا يفهم في ظل تدهور اخلاقيات العمل وعدم الامانة والفساد والانحراف مثلا ان يكون هناك شعورا بالامان الوظيفي.. والامر هنا مطلوب علي الجانبين جانب الادارة وجانب العاملين فالقيم والاخلاق والوفاء والولاء والاخلاص ليست مطلوبة من احدهما فقط ولكن مطلوبة من الجميع وبدونها ينهار البناء التنظيمي ويضيع الامان الوظيفي.. وليس بمستغرب ما قاله شوقي عن الامم في جميع مراحلها ومختلف تنظيماتها "انما الامم الاخلاق ما بقيت فإن هموا ذهبت اخلاقهم ذهبوا". 4 الركن التقييمي المتعلق بقياس وتقييم الاداء ذلك ان الامان الوظيفي انما يتحقق بالقياس الصحيح والتقييم العادل والموضوعي لاداء، الموارد البشرية في جميع الانشطة وفي مختلف المستويات وهذا يرتبط بكفاءة وعدالة وصدق المقاييس المستخدمة، كما يرتبط بتطبيق تلك المقاييس بالنزاهة والعدل. ثالثا: وهكذا يرتبط الامان الوظيفي بالتوازن في المفاهيم وضبطها وبالاركان والابعاد المتعلقة بمجال الامان الوظيفي وبما يحقق التوازن بين مختلف هذه الابعاد والاركان سواء كانت تشريعية او فنية او اخلاقية او تقييمية.