ودارت الايام ليعود رمضان الي شهر اكتوبر وتعود ذكري العاشر من رمضان لتصادف الايام الاوائل في شهر اكتوبر وكانت صادفت السادس من اكتوبر سنة 1973 اي منذ 33 سنة بالتمام والكمال.. ويقول علماء الفلك ان دورة كاملة مدتها 33 عاما يدور فيها الزمن ليعود تاريخ محدد بالتقويم الهجري ليقابل نفس التاريخ بالتقويم الميلادي حيث ان الفارق بين السنة الشمسية والسنة القمرية هو احد عشر يوما فالسنة بالتقويم الهجري القمري تنقص احد عشر يوما عن السنة بالتقويم الميلادي "الشمسي" وهكذا يقدر لمن يمتد به الاجل ان يري مصادفة اجتماع التاريخين مرة كل 33 سنة تقريبا. وعودة الي العاشر من رمضان الذي صادف 6 اكتوبر سنة 1973 اذكر انه كان يوما حارا والصيام فيه كان روتينيا يعني كأي يوم من ايام رمضان يصحو الناس ليقابلوا يوما حارا وهم صائمون فينتظرون حلول الظهر فالعصر حتي يحين وقت اذان المغرب فينصرف كل واحد الي افطاره يطفئ عطشه ويسد جوعه.. الافطار في هذا اليوم كان له طعم مختلف وايقاع اليوم تبدل حاله بعد الثانية بعد الظهر وحين جاء صوت المذيع حسني الحديدي وكان رحمه الله صاحب صوت مميز ليذيع بيانا عسكريا مقتضبا عن اعتداء عسكري اسرائيلي تصدت له قواتنا المسلحة. ولم تكن الاثارة التي احدثتها اذاعة البيان تعود الي ادراك لحقيقة ماحدث بقدر ما كانت ترجع الي حالة الركود في الموقف السياسي والعسكري بين مصر واسرائيل وتأزم الوضع الداخلي بصورة ما حول الرئيس الراحل انور السادات بسبب غموض الموقف واستمرار الاحتلال دون وجود اي بادرة سياسية او عسكرية للخروج من حالة اللاسلم واللاحرب التي فرضتها الدول العظمي علي مصر في ذلك الوقت. كان البيان مثيرا لانه اعطي انطباعا بأن حركة ما حدثت في المياه الراكدة ولكن احدا من الذين استمعوا الي البيان الاول لم يتصور ان اليوم الذي يعيشه ليس كأي يوم مر به من قبل وان افطار رمضان في ذلك اليوم كان النغم الذي يطرب فيه هو صوت المذيع الذي كرر البيانات العسكرية المتلاحقة الي جانب صوت المقرئ الرمضاني الشهير الشيح محمد رفعت رحمه الله. اذكر انني في وقت الافطار في ذلك اليوم المجيد كنت حائرا فعلا بين صوتي الشيخ محمد رفعت الذي كانت قراءته قبل المغرب بمثابة اعلان عن اقتراب ساعة الافطار وانتهاء ساعات الصوم في يوم حار.. وبين صوت المذيع الذي يكرر البيانات العسكرية ويضيف في كل بيان جديد معلومة اضافية عن انكسار حالة اللاسلم واللاحرب واقتحام قواتنا لقناة السويس وغيرها من الاخبار التي جعلت موعد الافطار بتوه وسط انباء المعركة. وقتها لم يكن مهما ان نأكل بعض التمر او نشرب شرابا باردا او ساخنا ولكن النفس كانت متعطشة للغاية الي انتصار.