دم الأمريكيون إقراراتهم الضريبية عن عام 2005 وانتهي الموسم سم الضريبي رسميا يوم 17 ابريل الجاري متأخرا يومين عن موعده لأن يوم 15 ابريل كان يوم سبت أي عطلة رسمية في كل أنحاء الولاياتالمتحدة.. وإذا كان الرئيس الأمريكي جورج بوش قد خفض الضرائب من أجل إنعاش الإنفاق فإنه فشل في تحقيق وعده بجعل النظام الضريبي الأمريكي أكثر بساطة وعدلا ودفعا للنمو الاقتصادي.. ففي السنوات الخمس الماضية من حكم الرئيس بوش صار النظام الضريبي أكثر تعقيدا وأقل تقدمية.. ولا يمكن نسب هذا الخطأ إلي بوش وحده لأن الكونجرس شريك له فيما حدث وإن كان الكونجرس لايزال يعد بعزمه علي تحسين الأمور. وتقول مجلة "الإيكونوميست" إن المنظومة الضريبية الأمريكية مشهورة بتعقيدها وإن الأمريكيين يقضون 5.3 مليار ساعة عمل في إعداد إقراراتهم الضريبية بمعدل 26 ساعة لكل واحد من دافعي الضرائب كما أنهم ينفقون نحو 140 مليار دولار علي إعداد إقراراتهم وأوراقهم الضريبية كل عام وذلك حسب تقديرات خبراء جامعة ميتشجان. صحيح أن الإجراءات الضريبية كانت معقدة قبل مجيء بوش للحكم بفترة طويلة ولكن الوضع خلال سنوات حكمه الخمس صار أكثر سوءا.. فالنظام الضريبي الفيدرالي الذي كان مكتوبا في 46900 صفحة عام 2000 صار حجمه الاَن 66498 صفحة بزيادة 40% عما كان عليه الحال، هذا إلي جانب ارتفاع عدد النماذج الضريبية من 475 نموذجا عام 2000 لتصبح الاَن 582 نموذجا ضريبيا. وسبب زيادة تعقيد النظام الضريبي الأمريكي أن الرئيس بوش وفريقه وكذلك رجال الكونجرس قد استخدموا الضرائب كأداة للسياسة الاجتماعية ولأغراض المحسوبية أيضا وقدموا عددا هائلا من الحوافز الضريبية التي تحابي بعض الجماعات أو الأنشطة وعلي سبيل المثال فقد صار هناك الاَن 16 نوعا من الإعفاءات الضريبية التي تخص تكاليف التعليم بعد أن كانت 7 فقط منذ عشر سنوات.. أما الخصومات التي تخص ضريبة الطاقة فقد تضاعف عددها منذ عام 1995 حتي الاَن. وبغض النظر عن أية تفاصيل فإن السؤال المهم سياسيا هو: هل تعديلات قوانين الضرائب قد جعلت المنظومة الضريبية الأمريكية أكثر أو أقل عدلا؟ إن البيت الأبيض يميل إلي القول بأن عمليات خفض الضرائب قد زادت من تقدمية نظام الضرائب الفيدرالي لأن الأغنياء صاروا يدفعون ضرائب أكثر منذ عام 2001 وحتي الاَن. ولكن "الإيكونوميست" تري أن زيادة نصيب الأغنياء من العبء الضريبي ليس مؤشرا كافيا للتقدمية.. فما يدفعه أصحاب كل شريحة من شرائح الدخل يمكن أن يتنوع لأسباب لا علاقة لها بنص قانون الضرائب.. وعلي سبيل المثال فإن انهيار البورصة عام 2000 أدي إلي انخفاض ما دفعه للضرائب الخمس الأكثر ثراء من الأمريكيين، وعلي المدي الطويل فإن توزيع الدخل القومي الأمريكي يتغير كثيرا.. ففي عام 1979 كان 1% من الأمريكيين الأكثر ثراء يتحصلون علي 9% من إجمالي الدخل القومي، أما الاَن فإن نصيبهم زاد إلي 14% دون أي تغير في المعدلات الضريبية. إن المعيار الحقيقي لتقدمية أي نظام ضريبي هو أن يدفع الناس الأكثر ثراء معدلا ضريبيا أعلي من المعدل الذي يدفعه الفقراء وتقدمية أي خصم ضريبي تقاس بتخفيضه عبء الضريبة علي المستويات الأدني أكثر من المستويات الأعلي من دافعي الضرائب.. وإذا كان النظام الضريبي الأمريكي في مجمله يعد تقدميا لأن معدلات الضريبة المفروضة علي الأزياء أعلي من المعدلات المفروضة علي المستويات الأدني فإن الخفض الضريبي الذي قرره الرئيس بوش لا يتدرج تحت وصف التقدمية لأنها خفضت العبء الضريبي علي الأغنياء أكثر مما خفضته علي الفقراء أو علي المستويات الأدني من الدخل. ومع ذلك يمكن القول بأن قوانين الضرائب الأمريكية علي الدخل قد تحسنت درجة تقدميتها في العشرين عاما الأخيرة، ففي عام 1980 كان ال 60% الأفقر يدفعون 1.15% من جملة الإيرادات الضريبية مقابل 4.17% يدفعها ال 1% الأغني، وفي عام 2003 لم يعد ال 60% الأفقر يدفعون سوي 6.0% من جملة الإيرادات الضريبية علي الدخل.. وأيا ما كان الأمر فإن المجتمع الأمريكي بحاجة إلي إصلاح ضريبي شامل يجعل نظامه الضريبي أبسط وأكثر تقدمية وهو إنجاز لن يستطيع بوش أن يحققه فيما بقي له من سنوات الحكم.