واصلت اسعار البترول العالمية خلال هذا الاسبوع التحليق عند مستويات غير مسبوقة اثارت القلق لدي الدول المستهلكة للنفط والمنتجة ايضا، فقد يبدو وللوهلة الاولي ان الارتفاع الاخير تقف وراءه التهديدات الامريكية بشن هجوم علي المواقع النووية الايرانية، الا ان ما كشفت عنه ارقام مخزونات البنزين الامريكية قبل ذروة الموسم الصيفي لقيادة السيارات في امريكا جعلت المحللين يضعون عامل تناقص مخزونات البنزين في المقدمة في الوقت الذي تتصاعد فيه الهجمات ضد منشئات تصدير البترول النيجيرية وهو ما يهدد بوقف صادرات البلاد. ارتفاعات قياسية ... فعلي صعيد السوق وفي لندن حلقت اسعار خام مزيج برنت فوق 72.5 دولار للبرميل امس الاول ليحقق بذلك مستوي قياسي جديد بارتفاع نسبته 1.5% اي 1.05 دولار للبرميل ليغلق علي 72.51 دولار للبرميل بعد ان سجل اثناء الجسة مستوي أكثر ارتفاعا بلغ 72.64 دولار.وواصل ايضا الخام المريكي الخفيف تحطيم مستوياته القياسية بارتفاعه 95 سنتا أي بنسبة 1.3% امس الاول لينهي جلسة التعاملات في بورصة نيويورك التجارية(نايمكس) عند 71.35 دولار للبرميل بعد ان قفز اثناء الجلسة الي 71.60 دولار وهو أعلي مستوي علي الاطلاق منذ بدء تعاملات العقود الاجلة في نايمكس في عام 1983. الاسباب .. ويري الخبراء والمحللون ان السبب الرئيس وراء الزيادة الأخيرة هو وضع البنزين في الولاياتالمتحدة الذي يقود من دون شك ارتفاع الأسعار في الوقت الراهن. ويليه في الأهمية انقطاع الإمدادات من نيجيريا، ناهيك بالانخفاض في مستوي الإنتاج والتصدير من كلٍ من الولاياتالمتحدة والعراق. أما بالنسبة الي تأثير العامل الإيراني في الأسواق، فهو عبارة عن مخاوف من حصول انقطاع في المستقبل، ما يثير اهتمام المستثمرين ومضارباتهم. ولكن لا أثر مباشراً علي مستوي الإمدادات في المستقبل المنظور. الملف الايرانيمما لاشك فيه كان للملف الايراني الاثر البالغ وان كان الموضوع مؤجل مؤقتا. فمن المستبعد أن تبادر واشنطن الي حرب ضد ايران في المستقبل المنظور، علي رغم تزايد القلق في الأسواق في الأسبوع الماضي نتيجة التسريبات الصحافية عن احتمال شن ضربة عسكرية قريباً. المهم في الأمر أن الصراع بين طهرانوواشنطن سيبقي مفتوحاً لفترة ليست قصيرة حتي استنفاد الحل الديبلوماسي، في اقل الأحوال. هذا معناه أن الإمدادات النفطية الإيرانية ستستمر من دون انقطاع. ولكن ستبقي في الوقت نفسه الإشاعات والتسريبات علي حالها، ما سيدفع بالأسعار إلي المزيد من الارتفاع، وهذا بالضبط ما يريده المضاربون. مخزونات البنزين فعلي صعيد مخزونات البنزين اشارت توقعات لمحللين أن بيانات المخزونات البترولية الامريكية تشير الي هبوط قدره 2.2 مليون برميل في مخزونات البنزين في الولاياتالمتحدة في الاسبوع المنتهي في 14 ابريل. واذا تحققت هذه التوقعات فان ذلك سيكون سابع هبوط أسبوعي علي التوالي. وقالت الحكومة الامريكية ان اسعار البنزين في محطات بيع الوقود في الولاياتالمتحدة زادت 10 سنتات الاسبوع الماضي الي 2.78 دولار للجالون لتوسع مكاسبها الي 29 سنتا علي مدي الاسابيع الثلاثة الماضية ولتصبح مرتفعة 55 سنتا عن مستوياتها قبل عام فمع حلول كل موسم صيف، يزداد استهلاك البنزين في الولاياتالمتحدة نتيجة الاستخدام الواسع والمتزايد للسيارات، ويبدأ القلق من احتمال حدوث نقص في الإمدادات. وفي هذا العام تحديداً، نلاحظ استمرار سحب البنزين من المخزون التجاري علي مدي ثلاثة أسابيع متتالية، وبكميات أعلي بكثير من المعتاد في هذا الموسم تحديداً. ويعود السبب في ذلك إلي زيادة الطلب، والصيانة الواسعة النطاق للمصافي التي تأجلت من العام الماضي بسبب إعصار كاترينا، وانخفاض معدل استيراد البنزين من الخارج. وعلي الرغم من ارتفاع كمية المخزون التجاري من النفط الخام في الولاياتالمتحدة، إلا أن المراقبين لا يعيرون اهتماماً كبيراً لهذه الأرقام الآن. والسبب في ذلك هو أنهم يتوقعون استعمال هذه الكميات في المصافي في حال عودتها الي العمل قريباً. فيما يبقي القلق من انخفاض كميات البنزين في المخزون التجاري وتوافر الكميات الوافية لفصل الصيف. هذا هو العامل الأهم وراء هذه الزيادة الأخيرة في الأسعار، والتي رفعت سعر النفط الخام من معدله السابق ما بين 55 - 65 دولاراً للبرميل إلي مستوي جديد هو 70 دولاراً. والجدير ذكره، أن القلق من احتمال نقص البنزين لا يشكل ظاهرة جديدة علي الساحة الأميركية، كما أن تأثيراتها في الأسعار العالمية ليست جديدة. فنحن نشهد هذه الظاهرة سنوياً، من دون أي طريقة لمعالجتها. واللافت أن علي رغم تكرار المخاوف سنة بعد سنة، لم يحدث نقص في الإمدادات، ويتضح أن المستفيد الرئيس هم المضاربون والمستثمرون. وبالفعل، نجد أن عقود النفوط الآجلة في سوق نيويورك ارتفعت خلال سنة تقريباً من 1.2 مليون عقد إلي نحو 1.6 مليون. الامدادات النيجيرية .. وإلي جانب هذا العامل الأساس، هناك أيضاً مشكلة النقص الكبير في الإمدادات النفطية من نيجيريا. ففي الماضي، كان الإنتاج ينقص من أكبر الدول النفطية في أفريقيا بسبب الأعمال التخريبية بمعدل 100 إلي 200 ألف برميل يومياً ولفترة قصيرة جداً لا تتعدي الأسبوع في أحسن الأحوال. أما الآن، وبعد الأعمال العسكرية الواسعة النطاق لحركة تحرير الدلتا، فقد استهدف هؤلاء الثوار المنصات البحرية ومحطات الضخ ومنشآت أخري، لا يمكن استبدالها او تصليحها في يوم أو يومين. كما أنهم بادروا الي خطف الموظفين الأجانب في شركات النفط العالمية العاملة في نيجيريا.