[email protected] التعليم للحياة والعمل علي تطوير حلول تقنية مبتكرة للمشاكل التي يواجهها المجتمع أم من أجل حصول الطالب علي شهادة نجاح في اختبار نهاية العام؟ سؤال بسيط إلا أن الإجابة عليه تمثل المفتاح الرئيسي لمفهوم تطوير خدمة التعليم بصورة عامة سواء الجامعي أو ما قبله حيث يلاحظ أن رغم ارتفاع المستوي العلمي المقدم للطلبة في الكليات والمعاهد المصرية العملية ولاسيما كليات الهندسة وتكنولوجيا المعلومات إلا أن الجانب الأكبر من هذا المحتوي ما زال نظريا بحتا لا يمت إلي طبيعة العمل المستقبلي لطلبة وخريجي هذه الكليات الأمر الذي يؤثر سلبيا علي كفاءة وقدرات هؤلاء الخريجين عند احتكاكهم الحقيقي مع متطلبات سوق العمل وسماعهم عبارة إنسي ما تعلمته في الكلية وابدأ من جديد في التدريب. وخلال مشاركة الوفد المصري مؤخرا في فاعليات معرض سيبت هانوفر 2006 حرص الدكتور طارق كامل وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات علي إجراء زيارة لمعهد هاينز نيكسدورف Heinz Nixdorf Institute التابع لجامعة Paderborn المتخصص في أبحاث التطوير بمجال الميكالكترونيكس Mechatronics والذي يجمع بين مختلف علوم الكمبيوتر والبرمجيات وتصميم الدوائر الالكترونية والميكانيكا حيث يدرس بهذا المعهد نحو 41 طالبا مصريا وفقا لبرنامج تعاون مشترك مع معهد iTi التابع لوزارة الاتصالات الذي يقوم " باختبار الطلبة ومنحهم دورة تأهيل وإعداد لمدة 6 شهور بمصر يعقبه دراسة السفر إلي ألمانيا لاستكمال برنامج الدبلوم لمدة 6 شهور بالمعهد الألماني ويليها دراسة عملية في إحدي الشركات الألمانية لمدة 6 شهور أخري لتطبيق ما تم تعلمه. ورغم عناء هذه الزيارة 5 ساعات تقريبا بالسيارة في جو مثلج ودرجة حرارة لا تزيد علي 10 درجات مئوية إلا أنني لا استطيع إلا أن أبدي اعجابي الشديد بمثل هذا التوجه في مجال تأهيل وإعداد كوادرنا البشرية للوقوف علي أحدث التقنيات في مجال تكنولوجيا المعلومات وذلك بالتعاون مع المؤسسات العالمية ومن خلال الحديث مع بعض هؤلاء الطلبة يتضح لك أن هناك عملية تحول منظم في تفكيرهم تجاه عملية التعليم فلم يعد الهدف التحصيل العلمي لنيل شهادة فقط وإنما بات الأمر يتعلق بتوافر رغبة جادة لدي هؤلاء الطلبة في إيجاد حلول تكنولوجية مبتكرة للمشاكل التي تواجه المجتمع بصورة عامة سواء وخاصة المجتمع الصناعي. وأكد الطلبة ارتفاع مستوي التعليم النظري الذي حصلوا عليه في الجامعات المصرية وانه يضاهي ما يحصل عليه الطالب في الجامعات الألمانية إلا أن هناك فارقا كبيرا جدا في الشق العملي والتدريب الحقيقي الذي يحصل عليه الطالب في البلدين فعلي حين يصل الشق العملي لنحو 60 % من المحتوي التعليمي في الجامعات الألمانية العملية فان هذه النسبة لا تتجاوز 10 أو 20 % فقط في نظيرتها المحلية حتي أن فترة التدريب العملية في المؤسسات الصناعية المصرية للخريجي كليات الهندسة والتكنولوجيا لا تعدو مجرد فترة للمشاهدة فقط دون ممارسة حقيقية للعمل بينما نجد الأمر يختلف تماما مع المؤسسات الألمانية والتي تحاول جاهدة تعظيم الاستفادة من فترة تدريب الطلبة لديها بهدف تطوير منتجاتها أو الوصول لحلول جديدة لبعض المشاكل التي تواجه العملية الإنتاجية بها. كما أشار بعض هؤلاء الطلبه إلي أن أحد أهم الفوارق الملموسة في العملية التعليمية أن الطلبة بالجامعات الوطنية لم يعتادوا علي العمل كفريق موحد لإيجاد حلول مشكلة علي حين أن نظام التعليم في معهد هاينز نيكسدورف يركز علي تأهيل وإعداد الطلبة علي تقسيم العمل فيما بينهم بصورة منظمة لتوفير الحلول التقنية الملائمة لكل مشكلة كذلك ألقي بعض الطلبة باللوم علي غالبية مؤسسات الأعمال المحلية بقطاع الصناعة نظرا لعدم اكتراث هذه المؤسسات بمفهوم البحث والتطوير وتعظيم دوره في زيادة القدرة التنافسية والتصديرية لمنتجاتنا الوطنية من خلال تطوير منتجات جديدة أكثر كفاءة وجودة وأقل تكلفة وهو ما يمثل الدور الأساسي لعلوم الميكالكترونيكس.