أثار فوز بنكي "بلوم" و"عودة" اللبنانيين بصفقتي بنكي مصر رومانيا والقاهرة الشرق الأقصي جدلا واسعا بين المصرفيين.. ففي الوقت الذي يري البعض أن الأول كان البنوك العالمية التي تمثل اضافة للسوق المصرفي المصري، مشيرين إلي خروج بنك الجمال لعدم قدرته علي زيادة رأس المال المطلوبة، وأن ذلك سيوفر "جيبا" لبنانيا في الشارع المصرفي المصري هدفه الاستحواذ علي المستحيل وهو رخصة العمل في مصر وتحقيق الأرباح. وفي المقابل فند عدد من ابرز الخبراء ذلك وأكدوا أن البنوك العربية خاصة اللبنانية لاتقل عن البنوك الأجنبية كفاءة والأهم أنه لا يتم اختيار بنك بعينه، ولكن وفق ما تسفر عنه عروض الشراء فضلا عن أن ذلك يتم تحت اشراف ورقابة وموافقة البنك المصري. ويقدم الاسبوعي في هذه السطور صورة من قريب لذلك الجدل الذي اثاره "عودة" و"بلوم" في السوق المصرفي المصري. يري حمدي عفيفي المدير العام المساعد لإدارة التخطيط والمتابعة بالمصرف الاسلامي الدولي أن المقارنة بين الجهاز المصرفي المصري ونظيره اللبناني واقتصاد كل من البلدين تكشف أن الاقتصاد المصري وجهازه المصرفي أقوي بنسب كبيرة، إلا أن البنوك اللبنانية سبقت البنوك المصرية في اتاحة الفرصة للملكية الخاصة وفقا لاَليات الاقتصاد الحر بضوابط تختلف عن الموجودة في مصر. ويوضح عفيفي أنه يوجد سوء فهم كبير في عملية التملك والاستحواذ للبنوك علي مستوي العالم.. ويري أن مجيء البنوك اللبنانية لمصر له عدة أهداف مثلها مثل أي مستثمر وتتمثل أولا في تحقيق اعلي معدل من الارباح وفي اسرع وقت ممكن وتحويل هذا الربح الذي حصلت عليه إلي مراكزها الرئيسية بالخارج، وهذا هو حقها الطبيعي ويتساءل هنا: ماهي فلسفة بيع البنوك المصرية لبنوك أجنبية ولماذا لا يتم العمل بطرح أسهم البنوك المراد بيعها في البورصة أو جزء منها حتي يشعر الشعب المصري بأنه يمتلك جزءا من بنوكه بما يساعد علي زيادة الولاء والانتماء؟ ويشير حمدي عفيفي إلي مثال ناجح وقوي لأحد البنوك التي تم طرح اسهمها للاكتتاب بالبورصة وهو البنك الوطني المصري حيث استطاع أن يحقق بأرقامه الثانوية صافي ارباح عالية جدا مما جعل أفراد الشعب يكتتبون فيه ويتساءل عفيفي مجددا لماذا لم يتقدم اشهر البنوك اللبنانية وأعرقها وهو البنك العربي المحدود لشراء البنوك المصرية؟ ولماذا جاء "بلوم" و"عودة"؟ ويجيب بقوله إنهما سعيا من أجل الاستحواذ من خلال بنك مصر رومانيا علي رخصة وفروعه خاصة في رومانيا والتي لا يستطيع بنك من البنوك شراء رخصته الباهظة وكذلك الأمر بالنسبة لبنك القاهرة الشرق الأقصي بفروعه في مصر وكوريا. وتتفق مع الرأي السابق عرفات علي مدير عام بنك ليودز "الانجليزي" الاسبق التي تري ان البنوك المصرية بكيانها وامكانيتها لا تقل بحال من الاحوال عن البنوك اللبنانية وخاصة بلوم وعودة، وتوضح انه كان من الممكن دمج البنوك المصرية الضعيفة والتي لا تستطيع رفع رأسمالها في كيان واحد كبير بدلا من اتاحة الفرصة لبنوك من خارج مصر ليست لها ميزة، من أجل الحصول علي الأرباح ونقلها للخارج، وتشير الي ان بنكي بلوم وعودة "عادية" مثلها مثل باقي البنوك في لبنان، ولكنهما نجحا في حصد مميزات لشرائهما البنوك المصرية، وابرزها فروع البنوك بالخارج والداخل والحصول علي رخص هي موقوفة من الاصل من جانب البنك المركزي المصري منذ عدة سنوات، وذلك مقابل سعر للسهم يتراوح بين 11 و 30 دولارا فقط. وفي المقابل يلفت د. كمال سرور العضو المنتدب لبنك مصر الدولي السابق إلي ان المسئول عن هذه القضية هو البنك المركزي المصري لان دوره الرئيسي التأكد من قوة ومركز هذه البنوك، ويطرح رأيه في شقين، الأول يتناول بيع البنوك القوية التي نجحت في تكوين الخبرات وحققت أرباحا سنوية طائلة أما الشق الثاني فهو ان يتم بيع البنوك الضعيفة والصغيرة ولكن بشرط ان يكون المشتري بنوكا قوية، ويتم تأكيد ذلك عن طريق البنك المركزي حتي يستطيع السوق المصرفي المصري الاستفادة من خبراتها وخدماتها المتطورة. ويشير محمد البربري نائب محافظ البنك المركزي الاسبق الي أن خصخصة البنوك في مصر تمثل سياسة اتخذتها الدولة ويلعب البنك المركزي دورا كبيرا في ذلك من خلال التأكد من درجة البنك الذي يتقدم للشراء بحيث تكون درجته "أولي" ومركزه المالي جيدا، وسمعته في وطنه جيدة، ثم يتم تقييم البنوك الراغبة في الشراء من خلال عروضها، وتكون الكلمة في النهاية للبنك المبيع ومجلس ادارته في الموافقة علي افضل العروض المقدمة وارسالها للبنك المركزي، والذي يقوم بدوره بعملية الفحص والتدقيق للبنك الذي تم ارساء العطاء عليه، مشيرا الي ان البنك المركزي لا يتدخل في عملية البيع والشراء أو التقييم للبنك المبيع.