كارثة العبارة المنكوبة "السلام 98"، ليست الأولي.. ولن تكون الأخيرة - لا قدر الله - اذا لم ندرس ما يحدث.. ونتلافي اوجه القصور في بيزنس النقل البحري في مصر. نقرأ الفاتحة كل مرة ونمسح دموعنا علي موتانا الذين يعيد البحر جثمانهم الينا او الذين استودعناهم البحر واسماكه، وبعد.. تحاول "الأسبوعي" في هذه المتابعة رصد الاسئلة المهمة ليس فقط فيما يتعلق بتلك الكارثة.. ولكن بكل شئون بيزنس النقل البحري، بحيث يأخذ هذا القطاع وضعه الطبيعي في الاقتصاد القومي، ليحصد مكاسبه.. لا ليحصد ارواحنا.. وسمعتها التي دفناها اكثر من مرة في نفس البحر.. البحر الاحمر. تتفاوت ارقام بيزنس النقل البحري في مصر، ويقدرها البعض بنحو 5.11 مليار جنيه منها 450 مليون جنيه للقطاع الخاص، في حين يرتفع ذلك الرقم لدي بعض المصادر الاخري الي 23 مليار جنيه منها استثمارات مصرية وعربية وأجنبية. وكما يقول محمود التهامي خبير النقل البحري، ان البيزنس في ذلك القطاع يضم 220 توكيلا و25 شركة للنقل والتفريغ، و300 شركة خاصة في الخدمات، و22 شركة للنقل البحري تضم 54 سفينة ترفع العلم المصري و54 سفينة تحمل اعلاما اجنبية، ويشير الي ان الشركات الكبري ابرزها البحر الاحمر للملاحة التي تمتلك 7 سفن ضخمة، وشركة الاهلية للملاحة ويتكون اسطولها من 4 سفن تنقل ما بين 8 و20 الف طن بضائع مصرية، وتصل قيمة اكبر سفن الاسطول المصري الي 50 مليون دولار، واصغرها 5 ملايين جنيه. اما فيما يتعلق بالاستثمارات الخاصة في قطاع النقل البحري يوضح التهامي انها تبلغ وفق الارقام الرسمية نحو 450 مليون جنيه، وتمتلك معظمه عائلات مشهورة في مصر مثل عائلات لهيطة ورشيد والشاذلي ومصيلحي، ويعتمد بصفة اساسية علي عوامل الخبرة وال (Know How)، بالاضافة الي رأس المال الضخم. بيزنس قطاع خاص ويلفت اللواء حاتم القاضي رئيس الاتحاد العربي لغرف الملاحة الي ان خبرة الشركات المصرية في تشغيل سفن الركاب تمتد الي سنوات طويلة حيث كانت توجد شركات متعددة تدير هذا النشاط وتم تأميمها ثم عادت اثناء تولي سليمان متولي وزارة النقل حيث تم السماح للقطاع الخاص بالدخول في هذا النشاط، واستفادت من كوادر القطاع العام الذي لم يتبق أي نشاط له في مجال النقل البحري سوي للشركة "الوطنية" بعد ان رفعت الدولة يدها عن ذلك النشاط وتم "تكهين" المراكب المؤممة. ويوضح ان القطاع الخاص يتراوح عدد شركاته مابين 7 و8 شركات يملكها مصريون وسعوديون، وتمثل شركة السلام صاحبة العبارة المنكوبة نسبة 70% من حجم سوق النقل البحري، كما انها من اكثر هذه الشركات توسعا في دخول الموانئ الاجنبية. العلم الأجنبي ويشدد مصطفي الاحول رئيس لجنة النقل بجمعية رجال الاعمال علي ظاهرة رفع العلم الاجنبي علي البواخر التي تمتلكها شركات مصرية، ويقول ان ذلك يترتب عليه مشاكل كثيرة سبق مناقشتها مع العديد من وزراء النقل السابقين وتحتاج الي تشريعات تنظمها والقضاء علي تشوهات عديدة في قانون النقل البحري، وتشمل الزام اصحاب شركات الملاحة بتوثيق عقد المركب بالشهر العقاري، وسداد ما يقرب من 1.5% من قيمته بالقاهرة و5% بالاسكندرية و3% في السويس الي جانب رسوم تسجيل عقد بيع المركب للمالك، واجبار اصحاب الشركات الملاحية بدفع رسوم التأمينات الاجتماعية لمدة عام مقدما. ويشير الي انه يتم اللجوء الي رفع الاعلام الاجنبية ايضا لتحاشي الاصطدام بالقانون المصري الذي يشترط ان يكون عمر المركب اقل من 25 عاما لرفع العلم المصري عليه وتسجليه في مصر، وتقوم الشركات برفع اعلام اخري ويتم سداد رسوم سنويا مقابل ذلك وهي اعلي منها في مصر، موضحا ان هذا النص يهدف الي العمل علي تكوين اسطول بحري جديد. ويضيف اللواء حاتم القاضي ان رفع العلم الاجنبي لا يكون بسبب الرغبة في التهرب من القانون المصري ولكن من الممكن ان تكون الشركة قد اشترت السفينة من بلد ما وتم ترخيصها في هذا البلد فيفضل المالك المصري اختصار الاجراءات والعمل بالعلم الاجنبي واوضح ان الجدل الدائر حول عمر عبارة السلام 98 الغارقة وانه تعدي السن المشترط في القانون المصري 25 سنة اكد علي انه جدل ليس في محله نظرا الي ان بعض العبارات المسموح لها بالعمل لسن اكثر من 25 سنة وذلك حسب حالتها الفنية.