العشوائية والرواج الثقافي هما المزيج الثنائي الذي اعتاد الناشرون والقراء علي تعاطيه مرة كل عام في معرض القاهرة للكتاب.. فكل عام قد يقع الناشرون في مشكلات تنظيمية مع هيئة المعارض وكأن المشكلات التنظيمية تقليد ثابت في معرض الكتاب إلا أن الناشرين يتحملون مقابل المشاركة في معرض الكتاب الذي يجتذب مئات الآلاف من الزوار المتعطشين والمتطلعين لاقتناص فرصة تجمع ناشري المنطقة في مختلف فروع الثقافة في أرض المعارض بقلب القاهرة، إلا أن نسبة كبيرة من الزوار هذا العام لم يزورا المعرض بسبب انشغالهم بمتابعة أحداث كأس افريقيا لكرة القدم والتي تقام مبارياتها في استادي القاهرة والكلية الحربية القريبين من المعرض.. فقد كان علي سبيل المثال من المقرر اغلاق المعرض في الثالثة ظهراً في أيام مباريات المنتخب المصري ولكن هجر الزوار المعرض تماما أيام المباريات "الاسبوعي" تجولت في معرض الكتاب أول أمس السبت الذي تزامن مع يوم مباراة منتخبي مصر مع ساحل العاج وبدا المشهد العام للمعرض معبراً عن اختطاف هذا الحدث الرياضي لشريحة كبيرة من زوار المعرض خاصة الشباب بداية من خلو ساحات المعرض من حالات التزاحم المعتادة وغياب طوابير الشراء أمام اجنحة التوزيع وخلو الحدائق من التجمعات الاسرية للزوار ولاسيما اننا في اجازة نصف العام. الكتب الدينية لا يستطيع أي مراقب لمعرض الكتاب ان يتجاهل اثناء تقييمه للمعرض الحديث عن الكتاب الديني فهو ومنذ دورات سابقة بدا مهيمنا إلي درجة كبيرة علي المشهد العام للمعرض بدءا من انتشار دور النشر المتخصصة في الكتب الدينية بشكل كبير في جميع انحاء المعرض مرورا بالكتب الدينية التي غالبا ما تستحوذ علي مساحة مهمة من ارفف المكتبات المتنوعة. وقال لنا محمد الخيال مسئول البيع بدار الايمان للنشر ان توزيع الكتب الدينية يعتمد بدرجة كبيرة علي دارسي الفقه الاسلامي ونوعيات الكتب التي ينصح علماء الدين تلاميذهم بشرائها وهو ما يجعلنا نفاجأ كل عام بكتاب ديني يلقي رواجا شديدا علي غير المعتاد ويضيف ان الجديد ايضا ان توزيع احد الكتب الدينية ازداد هذا العام بشكل كبير تأثرا بنصيحة الداعية ذائع الصيت عمرو خالد بقرائته وهو كتاب يتحدث عن وصف الجنة. ويبدو واضحا في سوق الكتب الدينية الاعتماد بشكل كبير علي توزيع الكتب والاقراص المدمجة للدعاة ذائعي الصيت وقال لنا بائع بمكتبة مصر ان موزعا ماهرا نجح في اقناع اكثر من دار نشر بتوزيع كتاب للداعية عمرو خالد وهو ما ساهم في رواجه بشكل كبير وبجوار الكتب الدينية يتم تسويق كتب اخري يهتم بها قراء الثقافة الدينية مثل الكتب التي تتحدث عن اسرائيل والصهيونية او كتب عن صحة المرأة او اسطوانات للاطفال بعضها لتعليمهم اصول الدين بشكل مبسط ويسوق بجوارها اسطوانات للالعاب الالكترونية وعلي قدر حالة الركود التي مست جميع الاصدارات بالمعرض بما فيها النشر الديني إلا أن اعلان وزارة الاوقاف السعودية بجناح المملكة العربية السعودية عن توزيع مصاحف مجانية اجتذب العشرات الذين اصطفوا في طوابير طويلة امام منفذ التوزيع ومواكبة لاحداث الحراك السياسي والانتخابات البرلمانية التي سبقت المعرض ببضعة اسابيع استغلت احدي دور النشر الدينية شعبية شعار جماعة الاخوان المسلمين المحظورة "الاسلام هو الحل" ووضعته في صدارة اعلانها عن اصدراتها الدينية. وفي مقابل اتساع قاعدة النشر الديني بالمعرض لقيت بعض الكتب ذات النظرة التحليلية للفكر الاسلامي رواجا كبيرا ايضا ومن ابرزها كتاب جناية البخاري والشخصية المحمدية وقراءة منهجية للاسلام وقال لنا نديم مروي مسئول البيع بدار النشر التي طبعت الكتاب الاخير ان هذا النمط من الكتابة في الدين له قاعدة عريضة من القراء ويحقق مبيعات جيدة. الاكثر رواجا وعن الكتب الاكثر رواجا ايضا احتلت الكتب السياسية موقعا مهما بينها خاصة الكتب التي تخطت الاسلوب التقليدي في الكتابة السياسية مستغلة سقف الحريات الذي اتيح للكتاب بعد حالة الحراك السياسي الاخيرة. وقال لنا محمد هاشم مدير دار ميريت للنشر ان كتبا مثل ضد الرئيس لعبد الحليم قنديل أو روايات مثيرة للجدل مثل مقتل الرجل الكبير لابراهيم عيسي حققت رواجاً كبيرا وكذلك كتب سايرت الأحداث المحلية والعالمية الأخيرة مثل الاحتلال الامريكي لعبد المنعم سعيد وأزمة معارضة لإبراهيم منصور. وعن الأدب أيضاً لوحظ بوضوح رواج رواية "أولاد حارتنا" للكاتب الكبير نجيب محفوظ بعد رجوعها للضوء مرة أخري عقب الجدل الذي دار قبل بدء المعرض بأيام حول أحقية نشرها واعتراض مفكرين إسلاميين علي مضمونها.