حثت جماعة أمريكية بارزة أعضاء الكونجرس الأمريكي أمس علي رفض أي مشروع قرار لفرض عقوبات من جانب منفرد علي إيران مع استمرار تزايد التوتر بشأن البرنامج النووي الإيراني. وقال بيل ريتش رئيس المجلس القومي للتجارة الخارجية: مرة بعد أخري نري أن العقوبات التي تفرضها الولاياتالمتحدة من جانب واحد لا تحقق الغرض منها.. تأتي هذه التصريحات فيما تتوارد أنباء مؤكدة تفيد بأن إيران بدأت في تحويل حساباتها في البنوك الأوروبية إلي بنوك أخري ولكنها لا تتجه للبنوك الاَسيوية. وقال ريتش إن الإجراءات من جانب واحد بما في ذلك مشروعات القوانين المعلقة في الكونجرس الأمريكي ستضر بعلاقتنا مع حلفائنا دون أن تحقق النتائج المرجوة منها. وتسعي الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي إلي أن تعرض الوكالة الدولية للطاقة الذرية في بداية الشهر المقبل الملف الإيراني علي مجلس الأمن الدولي لاحتمال فرض عقوبات عليها تعارضها كل من روسيا والصين حتي الاَن، إلا أن هناك إمكانية لإقناع الطرفين المعارضين في أي وقت في حل ما إذا رفضت إيران كل المقترحات الأخري لحل الأزمة. وقال مدير "يو اس ايه ايجنج" وهي جماعة تجارية أنشئت أساسا لمحاربة العقوبات من جانب واحد إن العقوبات تضر الشركات الأمريكية خصيصا وتفتح الباب لابتلاع الشركات الأوروبية للدول التي توقع عليها عقوبات منفردة من الولاياتالمتحدة. ورأي رئيس ا لجماعة أن الموقف الإيجابي الذي يتعين تطبيقه هو إحالة الأمر إلي مجلس الأمن الدولي. وتشعر "يو اس ايه ايجنج " والمجلس القومي للتجارة الخارجية الذي يمثل الشركات الضخمة متعددة الجنسيات بقلق بالغ إزاء محاولات الكونجرس لتعزيز قانون عقوبات إيران ليبيا الذي سن قبل عشر سنوات ويلزم البيت الأبيض بمعاقبة أي شركة دولية تقوم بنشاط يبلغ أو يتجاوز حد العشرين مليون دولار سواء في مجال البترول أو الغاز. في الوقت نفسه وإزاء هذا التصعيد الدولي ضد إيران وفيما أوشكت أغلب الدول علي الاقتناع بتحويل ملفها إلي مجلس الأمن لتوقيع عقوبات دولية بسبب نشاطها النووي الذي ترفض طهران وقفه أو التفتيش علي منشاَتها الدولية من قبل وكالة الطاقة الدولية. وبدأت إيران في تحويل أموالها الموجودة في حسابات بالخارج لحمايتها من عقوبات محتملة للأمم المتحدة كما استعرضت قوتها في منظمة أوبك مشيرة إلي أن المنظمة سبق أن أعربت عن إمكانية استخدام سلاح البترول لدرء أي قرار دولي بفرض عقوبات دولية علي إيران. وقال مسئول إيراني رفيع المستوي اشترط عدم ذكر اسمه إن بلاده بدأت فعلا في سحب أموال من بنوك أوروبية وتحويلها لبنوك أخري في الخارج. وتؤكد هذه التصريحات ما قاله محافظ البنك المركزي الإيراني في وقت سابق أمس وقال فيها إن إيران بدأت نقل أموالها الموجودة في حسابات بالخارج، إلا أنه تفادي الرد عما إذا كانت هذه الأموال ستذهب لحسابات في بنوك باَسيا أم في مكان اَخر. واعتري التوتر أسواق المال كرد فعل علي الغموض الذي يكتنف الحسابات الخارجية التي تقدر بأكثر من 30 مليار دولار مما ساعد علي ارتفاع سعر البترول إلي أعلي مستوي له منذ أربعة أشهر فوق ال 68 دولارا للبرميل. وهبطت أسعار الأسهم الأمريكية كما تراجع الدولار أمام اليورو والفرنك السويسري الذي يعتبر ملاذا اَمنا، فيما أعتبرت الولاياتالمتحدة هذا التحرك بأنه عمل يدل علي عزلتها الدولية. ورغم أن الدول التي لن تلتزم بتطبيق العقوبات المفروضة من الأممالمتحدة ستخاطر بإدانة دولية قوية فإن بعض الدول الاَسيوية بينها أندونيسيا وماليزيا وتايلاند تفتقر إلي اَليات قوية للرقابة المصرفية. كما يمكن لإيران أن تضع احتياطياتها في شركات للتمويه لتتفادي التدخلات الحكومية. وقال محللون إن سويسرا ولبنان تمثلان أيضا وجهة محتملة للأموال الإيرانية. ومن غير المرجح اتخاذ إجراء سريع في مجلس الأمن فيما يتعلق بالملف الإيراني.. وحثت روسيا والصين والهند ولكل منها مصالح تجارية رئيسية في إيران علي عدم التسرع في اتخاذ أي قرارات. كما رفض محمد البرادعي مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية طلبا أوروبيا للإسراع بإصدار تقرير حول أنشطة إيران النووية ليكون جاهزا قبيل اجتماع طاريء لمجلس محافظي الوكالة في الثاني من فبراير.. وقال دبلوماسيون إن سبب رفض البرادعي يرجع إلي أنه وعد الإيرانيين إن أمامهم فرصة حتي انعقاد الجلسة العادية القادمة لمجلس المحافظين في السادس من مارس للوفاء بطلبه في أن تسمح إيران لمفتشي الوكالة بالدخول بشكل أيسر إلي مواقع نووية والاطلاع علي وثائق ترفض حتي الاَن الاطلاع عليها. وتقدم مشرعون بمشروع قرار لمجلس الشيوخ الأمريكي يدعو الوكالة الدولية للطاقة بإحالة ملف إيران لمجلس الأمن ويحث روسيا والصين بدعم المساعي المبذولة في هذا الصدد وتتخذ الهند موقفا متعاطفا مع إيران وحثت علي ضرورة إجراء المزيد من المحادثات بين طهران والدول الأوروبية الثلاث فرنسا وألمانيا وبريطانيا. وكانت الدول الأوروبية الثلاث قد أوقفت الأسبوع الماضي المفاوضات بعد أن فضت إيران أختام الوكالة عن معدات لتخصيب اليورانيوم واستأنفت برنامجا معلقا للأبحاث النووية ويشترط مسئولون أوروبيون وأمريكيون ضرورة أن تتراجع إيران عن هذه الخطوة قبل استئناف التفاوض. ويراهن بعض الخبراء علي أن حزب الله والمتحالف مع إيران الذي يسيطر علي بعض البنوك اللبنانية ربما يكون الوجهة الأرجح والأكثر أمانا لتحويل الأرصدة الإيرانية.. ورحبت بنوك سويسرية بتحويل هذه الأموال. وتعتبر إيران هي رابع قوي بترولية تصديرية في العالم ويخشي مراقبون أن ترد إيران علي العقوبات الدولية المحتملة بحجب صادراتها رغم أن هذا الاحتمال بعيد بل ومستحيل لأن طهران تولد 80% من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي لها من العائدات البترولية. كما تهدد إيران بإمكانية أن تقنع دولا أعضاء في أوبك بتخفيض إنتاج أوبك بمقدار مليون برميل يوميا وهو أمر غير مرجح أيضا لأنه سيغضب الغرب الذي يوجه انتقادات عنيفة بالفعل إلي أوبك ويتهمها بمحاولة السيطرة علي أسعار البترول العالمية وأن المنظمة هي السبب في رفع الأسعار. ونفي نائب محافظ البنك المركزي الإيراني أن بلاده تعتزم نقل أرصدتها الموجودة في الخارج إلي اَسيا. وأضاف أن الاتجاه هو نقل هذه الأرصدة إلي بنوك بالخارج شرقا، وكان عدد من الاقتصاديين قد تكهن بأن إيران قد تفضل نقل أموالها بالخارج إلي حسابات بدول الخليج وغيرها من الدول الإسلامية. وتذكر إيران بمرارة تجميد أموالها في الولاياتالمتحدة بعد فترة وجيزة من قيام ما يسمي بالثورة الإسلامية عام 1979 وكانت التوقعات تشير إلي أن إيران تدرس فتح حسابات في ماليزيا وشنغهاي وسنغافورة وهونج كونج. ويقدر اقتصاديون أن تكون إيران قد كسبت حوالي 40 مليار دولار من عائداتها البترولية بحلول نهاية السنة الفارسية في مارس يوجه 16 مليار دولارمنها إلي الإنفاق الحكومي أما بقية المبلغ الذي لا يعرف علي وجه الدقة فيتم الاحتفاظ به في البنك المركزي الإيراني.