أحداث الفتنة الطائفية التي شهدتها الاسكندرية مع مسرحية "محرم بك" تحولت بفعل فاعل إلي فتنة سياسية استغلت "المسرح الانتخابي" الحالي وبدأت في عرض مجموعة من "المنشورات" المسموعة والمكتوبة تنعي حظ الأقباط في مقاعد البرلمان. تحاول "الاسبوعي" في هذا التحقيق رصد موقع الأقباط في جميع المجالس النيابية المصرية والاجابة عن الأسباب التي أدت إلي تضاؤل عدد مقاعدهم في مجلس الشعب والتوقعات الخاصة بها في برلمان 2005. وبدون أن نقصد كان كل المتحدثين أقباطاً سواء المرشحين.. أو المحللين والمراقبين.. وذلك لأنها قضيتهم القديمة التي تجددت مع أحداث محرم بك ودفعت بها إلي سطح الحياة السياسية المصرية، خاصة وأن الحزب الوطني لم يرشح منهم سوي اثنين فقط هو د.يوسف بطرس غالي وزير المالية في القاهرة وكمال خلة بالاسكندرية من بين مرشحين ال444 لتمثيل 12 مليون قبطي - علي حسب تقديرهم - في حين دفع تحالف المعارضة ب15 مرشحا وحزب الغد ب17 مرشحا بخلاف 7 مستقلين بإجمالي مرشحين 40 مرشحا في القاهرة والمنيا وأسيوط وقنا. من المحاور الاساسية التي كانت محل اتفاق بين الباحثين في تاريخ مصر الحديث والمعاصر وخاصة المعنيين بالشئون القبطية، أن فترة ما بعد ثورة 1919 هي البداية الحقيقية للتمثيل القبطي في الحياة السياسية واستطاع حزب الوفد خلال هذه الفترة ترسيخ فكر المواطنة وظهر وقتها الشعار التاريخي "لو رشح الوفد حجرا لانتخبناه".. أي أن الأساس هو ترشيح الوفد بغض النظر عن الانتماءات الدينية للمرشح ونجحت هذا الفكرة في تحقيق أكبر تمثيل برلماني للأقباط في تاريخ مصر الحديث حيث بلغ متوسط تمثيلهم في البرلمان من عام 1924 إلي 1950 إلي نحو 13.6% ووصل في بعض الدورات البرلمانية إلي معدلات مرتفعة تقترب من 10% في مجلس 1942 وبدأ انخفاض التمثيل القبطي مع ثورة يوليو حيث بلغ متوسط تمثيلهم في الفترة 1957 إلي 1969 إلي نحو 54.2% ويعتبر المحللون أن نسبة التمثيل المحققة في هذه الفترة غير ممثلة لحقيقة الانخفاض الحاد في التمثيل السياسي للأقباط آنذاك نظرا لبدء تطبيق نظام التعيين بالمجلس وفقا للمادة 49 بدستور 1964 والتي نصت علي حق رئيس الجمهورية في تعيين 10 أعضاء في المجلس والتي مازالت يعمل بها حتي الآن وبالرغم من عدم اشارة هذه المادة إلي الانتماءات الدينية للمعينين إلا أنه جري العرف علي استخدام هذه المادة في تعويض النقص الحاد في تمثيل الاقباط والذي وصل لذروته في دورة 1957 حيث بلغ التمثيل القبطي صفراً% في هذه الدورة ولجأ المشرعون في الدورة التالية لوضع هذه المادة بالدستور واعتمدوا عليها في ضمان وجود نسبة تمثل الاقباط بالبرلمان لتشجيعهم علي الاندماج في الحياة السياسية إلا أن نسبة المعينين ظلت تمثل النسبة الأكبر من الاقباط بالمجلس وهو ما اعتبره المحللون تمثيلا غير "واقعي" لموقف الاقباط من المشاركة السياسية. وتشير الاحصائيات إلي الانخفاض الشديد في عدد الاقباط المنتخبين بشدة وبعد أن كان عدد المنتخبين يتراوح في فترة ما بعد ثورة 1919 ما بين 15 إلي 27 عضوا انخفض في الفترة ما بين 1957 إلي 1969 إلي ما بين واحد واثنين وارتفع في عهد الرئيس السادات خلال الفترة ما بين عام 1971 وعام 1979 ما بين ثلاثة إلي أربعة أعضاء ارتفع معه متوسط نسبة تمثيلهم خلال هذه الفترة إلي 12.53 ثم ارتفعت النسبة بعض الشيء في عهد الرئيس مبارك في الفترة ما بين 1984 إلي 2000 إلي ما بين أربعة إلي ستة أعضاء ولكن متوسط إجمالي تمثيل الاقباط في هذه الفترة انخفض بشكل عام إلي 65.1% وقد حقق برلمان 1995 صفراً% في عدد المنتخبين من الاقباط بالرغم من ضخامة عدد المرشحين آنذاك. وبشكل عام يعتبر المحللون أن فترة حكم الرئيس مبارك كانت بداية لاستعادة فكرة المواطنة التي تبلورت في فترة ما بعد ثورة 19 إلا أن ارقام التمثيل القبطي في فترة ما بعد 1984 تدلل علي أن هناك مشكلات عدة تحول دون استعادة هذه "المواطنة" وتحقيق نسبة تمثيل للاقباط تماثل ما كانت عليه في حكومات الوفد ويأتي علي رأس هذه المشكلات استخدام بعض المرشحين المنافسين لهم للدعاية الدينية ضدهم إضافة إلي سلبية الاقباط في المشاركة بالتصويت نتيجة عدم ثقتهم في تحقق العدالة لهم كأقلية في الحياة السياسية في مصر أو لابتعادهم الذاتي عن هذه المشاركة كسمة سائدة بين المصريين.