منذ أول ليلة في شهر رمضان، وأنا أتلقي بكل سعادة مكالمات تليفونية شبه يومية من الأستاذ نيازي سلام رئيس مجموعة "أوليمبيك جروب" وهذه المكالمات للعلم، لا تتضمن أي أخبار اقتصادية، أو استحواذ علي شركات أو تفوق علي منافسينا، أو حتي شكاوي من احتكار. هذه المكالمات تتحدث عن حلم يراود الأستاذ نيازي، يكاد يفرغ له الجزء الأكبر من وقته وجهده، حلم يقول باختصار توفير وجبة لكل جائع، بحيث لا يبيت شخص ليلته دون طعام. وقديماً قالوا: "لو كان الفقر رجلاً لقتلته"، وعلي نفس المثال "لو كان الجوع كياناً لوجب علينا محاربته" فالأمر ليس عملاً خيرياً فقط رغم أهمية ذلك وإنما هو واجب وطني أيضاً، ودعامة من دعامات الاستقرار، فالجائع لا قدرة له علي الإنتاج، ولا التفكير، ولا يجب أن ننتظر منه تعقلاً أو استيعاباً للنظام أو مقتضياته والقوانين ومفرداتها. من هنا نشأت فكرة بنك الطعام باعتباره كياناً اجتماعياً خيرياً، هدفه توفير الطعام للمحتاجين من خلال الانتفاع بالأغذية غير المستغلة والفائضة عن طريق جمعها من المصادر المختلفة، ثم إعادة تعبئتها وتوزيعها من خلال شبكة من القنوات لتصل إلي العائلات المحتاجة في ديارها. وترجع تسمية المشروع باسم "بنك" إلي الرغبة في أن تتم إدارته علي شاكلة المؤسسات الاقتصادية، وستتم إدارته بالاحتراف متبعة نفس أسلوب الإدارة المتبع في المؤسسات المالية والبنوك. يقوم علي هذا المشروع مجموعة من شباب ورجال الأعمال المتحمسين لهذه الفكرة، ويتولي كل منهم جانباً من جوانب المشروع، فيقوم أحدهم بالتنسيق فيما يتعلق بالجوانب الإدارية والتنظيمية، فيما يتولي آخر الجوانب اللوجستية من مخازن وثلاجات وسيارات نقل وخلافه، بينما يشرف ثالث علي تلقي التبرعات والمشاركات عينية كانت أم نقدية، وتوزيعها في إطار منظومة متكاملة. ومنذ الإعلان إعلامياً عن تأسيس هذا المشروع الخيري في ليلة الأول من رمضان عبر برنامج "علي الهواء" بقناة أوربت والذي أشرف بتقديمه وحتي الآن، كل يوم تزداد سعادتي بمكالمات الأستاذ نيازي والتي يخبرني فيها بأن التبرعات الخيرة تنهال من كل ناحية. في غضون 48 ساعة فقط تجاوزت التبرعات نقداً أوعينا 2 مليون جنيه مصري وهذه الأرقام تتضاعف عبر متوالية هندسية، فهناك من يتبرع بقطعة أرض، ومن يتبرع بثلاجة لحفظ الأطعمة، وهي جزء أساسي في المشروع، واتصال من الإمارات يثني علي المشروع ويبدي استعداده للتبرع بما يحتاجه، علي أن يكون مركزه مصر، ثم تكون له فروع في مختلف البلدان العربية والإسلامية. أيضاً الأستاذ محمد عشماوي نائب أول رئيس البنك التجاري المصري CIB، بمجرد أن طرحت عليه الفكرة، أبدي تحمساً ورغبة في التعاون مع هذا المشروع في إطار المشروعات الاجتماعية والخيرية التي يقوم بها البنك. وبالفعل تم فتح حساب لبنك الطعام في بنوك الأهلي، والعربي الإفريقي، وفيصل الإسلامي لتلقي التبرعات تحت رقم 888777. أما الطريف في المشروع فانه لن يتوقف عند إمداد المحتاجين بالطعام فقط، وهذا عمل رغم أهميته غير كاف، فكما قيل "أن تعلمني الصيد أفضل من أن تطعمني سمكة"، من هنا برزت أهمية أن ينبثق عن بنك الطعام مجموعة من الشركات والكيانات التي من شأنها أن توفر العديد من فرص العمل والتدريب. تحية للفكرة، وللقائمين عليها ودعوة لكل شخص يشعر أن عليه مسئولية تجاه إخوته في الإنسانية أن يشارك في هذا المشروع بما يستطيع. وكل عام وأنتم بخير..