انتهت أيام الاحتفال بالبابا بنديكت السادس بابا الفاتيكان في بون وكولون علي هامش يوم الشباب العالمي علي خير ما يرام دون أي مشكلة أمنية، وقد احترمت وفود العالم قداسة البابا.. وسعدنا جميعا بهذه الاحتفالات خاصة في تجمع الشباب للقاء البابا ابن ألمانيا التي عقدت في تورنتو ثم في كولون في أكبر وأهم كنائس الكاثوليك وأكثرها عراقة في ألمانيا وهي كنيسة الدوم. والمعروف أن 15% من الشعب الألماني بالمقاطعات الغربية لا يؤمن بالله و70% من المقاطعات الشرقية السابقة لم تشغل بالها يوما بوجود الله لأنها لم تكن مخيرة في اعتناق الشيوعية وحتي بعد تطبيق الوحدة الألمانية لم تكترث هذه المجموعة بالعودة إلي الله وكأنها استسهلت الوضع، وكذلك 15% من الشعب الألماني خارج عن الكنيسة وبالتالي يعفي من الضريبة الكنائسية وقدرها 12% من صافي الدخول، ولذلك فإننا نشك في ذمتهم، هل هم خارجون لأسباب مالية، أم لأنهم غير مغرمين بالدين؟ خاصة أن الكثير منهم يعد من الطوائف المتطرفة المتعصبة أمام الأديان الأخري بل والطوائف الأخري ومن هنا يجب أن نتجنبهم. وقد تركت تغطية زيارة البابا إعلاميا في وكالات الأنباء والإذاعات والتليفزيونات صدي إعلاميا كبيرا، وهنا نقرأ صفحات في أحوال الشباب الذي خرج لاستقبال البابا من جميع أنحاء العالم.. بطبيعة الحال فإن النسبة العظمي منهم ألمان وهم لديهم مشاكل لم يعرفها اَباؤهم من قبل، وتخاف هذه الأغلبية من المستقبل الذي تراه مظلما أمامها.. وعلي سبيل المثال وليس الحصر فرص التعليم انخفضت وميزانيات البحث والاكتشافات اندثرت ناهيك عن فرص العمل التي ماتت نهائيا علي جميع الأصعدة سواء العلماء أو خريجي الجامعات أو المدارس الحرفية الذين امتلأت صفوفهم أمام السفارات الأجنبية ساعين وراء لقمة عيش خارج ألمانيا مما قلب الموازين تماما بعد أن كانت ألمانيا مستهدفة من الأجانب لإيجاد فرصة عمل. وهذه المجموعات تري في البابا النور الأخضر لحل مشاكلهم، ومعظم الشباب ضائع بين حرية تعاطي الخمر والمخدرات وممارسة الجنس في سن مبكرة وبغير علاقات شرعية وحياة أقل ما توصف به أنها اَثمة لا يرضي عنها البابا وقد أعلنها عليهم بالفعل وقال إن ما يزعجه هو عزوف الشباب عن زيارة الكنائس، ودعا الألمان إلي التقرب للدين بشكل أفضل.. وبالطبع فالمستوي الفكري لهؤلاء لا يستطيع الفصل بين البابا رجل الدين والدولة العلمانية البرجماتية. وقد صرخ أحد الشباب الجادين في لقاء كولونيا في وجه رجال الإعلام طالبا أن يصل صوته للمسئولين وقال إن اليوم تحول من يوم الشباب إلي احتفال منقطع النظير بالبابا الألماني ونسي الجميع وأهل الإعلام أن الغرض من هذا اليوم أن يعطي الشباب فرصة للتعبير عن مشاكلهم ونقلها للعناية الالهية، وانتهي صراخ الشاب دون تعليق. وقالت فتاة عمرها 16 عاما: رغم سعادتي باستقبال البابا لكنني كنت أتمني استغلال هذه الاحتفالات من جانب رجال السياسة الألمان وأن يمنحوا الكنيسة هدية بمناسبة وجود البابا وهي عبارة عن خطة مستقبلية لعمل الشباب الذي ينهي تعليمه سواء المهني أو غيره.. ويتحول إلي قوائم البطالة ليرفع عددها إلي 5 ملايين عاطل لتصل بذلك إلي أعلي معدلاتها منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية. والبابا لا يستطيع أن يتدخل في شئون الدولة ولا يستطيع أن يصنع المعجزات والدليل علي ذلك أنه مر مرور الكرام علي الأم التي تحمل ابنها البالغ من العمر 6 سنوات ويهدده المرض الخبيث بإنهاء حياته وتحملت معاناة الازدحام بين الشباب حتي يباركه البابا. أما الطفلة ابنة السبع سنوات التي جاءت أيضا لتتبارك بالبابا فقد سألتها الاَتي: أين الله؟ فقالت: فوق.. مشيرة بيدها إلي السماء.. ماذا يفعل لنا؟ قالت: يحمينا.. فأضفت: ويعطينا ما نتمناه.. فقالت: لا.. هذا غير صحيح فلقد قصدته مرة ولم يفعل.. فقلت لها: إذن فأنت لم تؤدي واجبك نحو الله؟ فقالت: ولكنني صغيرة وليس لدي مال.. فقلت لها: في بلادنا مصر نقول "الله رب الغلابة".. فقالت: اوكي ولكن إذا كان إرضاء البابا وحسن استضافته تكلفت الملايين فكم يتكلف إرضاء الله؟