لايزال اسم رولزرويس يرن في أذن الناس باعتباره ماركة للسيارات البريطانية الفاخرة ولكن هذه السيارة بالذات صارت تصنع الاَن في ألمانيا وتقوم بصناعتها شركة BMW أما رولزرويس التي نعنيها فهي شركة صناعية بريطانية متخصصة في إنتاج الموتورات النفاثة وموتورات الغواصات والمولدات التوربينية.. وتقدر أرباحها في النصف الأول من العام الحالي بنحو 200 مليون جنيه استرليني "380 مليون دولار" بزيادة 35% عن أرباح النصف الأول من العام الماضي. وتقول مجلة "الإيكونوميست" إن الحكومة البريطانية كانت هي أكبر زبون لمنتجات رولزرويس حيث تشتري الموتورات النفاثة لطائرات السلاح الجوي الملكي وتشتري المولدات التوربينية للغواصات، أما الاَن فقد صار البنتاجون الأمريكي هو الزبون الأكبر خصوصا أن رولزرويس تحقق حاليا 80% من إجمالي مبيعاتها في الخارج حيث تتنافس مع شركات أخري عملاقة مثل جنرال الكتريك التي يبلغ إجمالي مبيعاتها 150 مليار دولار أو نحو عشرة أضعاف إجمالي مبيعات شركة رولزرويس داخل وخارج بريطانيا. والحقيقة أن شركة رولزرويس قد أعادت اكتشاف نفسها أكثر من مرة واتجهت بقوة نحو عولمة نشاطها بالتركيز علي أربعة مجالات أولها القطاع المدني ثم القطاع العسكري ثم القطاع البحري وأخيرا قطاع إنتاج الكهرباء.. وتعد ف يكل من هذه القطاعات الأربعة واحدة من أكبر وأكفأ ثلاث شركات في العالم. لقد وصلت رولزرويس إلي الحضيض في عام 1971 واضطرت حكومة حزب المحافظين التي كانت قائمة اَنذاك إلي تأميمها بهدف إنقاذها كرمز من رموز الصناعة البريطانية وبعد ذلك بنحو 16 عاما قامت مارجريت تاتشر بخصخصتها مرة أخري رغم أنه لم يكن يستخدم موتورات رولزرويس النفاثة سوي عدد محدود من شركات الطيران. وخلال الخمسة عشر عاما الأخيرة استردت رولزرويس وضعها داخل السوق العالمي خاصة في مجال موتورات الطائرات وأصبحت الاَن 42 شركة من بين أكبر 50 شركة طيران في العالم تستخدم لطائراتها موتورات رولزرويس النفاثة. وارتفع سعر سهم الشركة إلي ذروته وأصبحت أقسام عملها الأربعة كلها أقساما مربحة، وتركز رولزرويس علي خدمات ما بعد البيع وتقديم قطع الغيار لمنتجاتها وهي تعد من موارد الإيرادات المهمة للشركة حيث لا يقل هامش الربح فيها عن 30% وهو الأمر الذي مكن رولزرويس من خفض سعر موتوراتها لكي تزيد من حجم المبيعات. وتقول مجلة الإيكونوميست إن مديري رولزرويس كانوا علي الدوام من المولعين بالهندسة ولكن هذا الأمر تغير عندما تولي رئاستها التنفيذية عام 1996 أحد رجال المصارف وهو سير جون روزي الذي احتفظ برنفاقها السخي علي الأبحاث والتطوير ولكنه أخذها إلي طريق العولمة بالتركز علي قطاعات الإنتاج الأربعة السابق الإشارة إليها.. وفي السنوات الخمس الأخيرة خصصت رولزرويس 5.4 مليار دولار للأبحاث والتطوير أنفقت 60% منها خارج بريطانيا، ويرجع هذا إلي سياسة التوسع المحسوبة التي سار عليها سير جون روزي. وقد بدأ روزي بالسوق الأمريكي حيث قام بشراء شركة ألليسون الأمريكية المتخصصة في صنع الموتورات النفاثة الصغيرة خاصة لطائرات الشركات وهو الأمر الذي حقق لرولزرويس تواجدا جيدا في السوق الأمريكي وأتاح لها أن تزيد مبيعاتها للنتاجون.. ويقول روزي إن الاكتسابات توفر لك طرق جديدة إلي الأسواق ومنتجات جديدة وتكنولوجيا جديدة.. ولذلك لم يتوقف عن شراء ما يراه ضروريا من أصول تدفع شركته إلي الأمام. ورغم أن المبيعات العسكرية لا تمثل سوي أقل من ربع موارد إيرادات رولزرويس فإن السوق الأمريكي أكبر أسواق المعدات العسكرية لا يزال هو أكبر مستخدم لمحركات رولزرويس النفاثة وتخطط شركة لوكهيد لاستخدام هذا النوع من المحركات لطائراتها الجديدة العسكرية من طراز F-35 وينتظر أن يكون عقد موتورات هذه الطائرة أكبر عقد من نوعه في التاريخ. وربما كانت موتورات الطائرات هي مورد الإيرادات الأكبر في رولزرويس حتي الاَن ولكن مولدات الطاقة ومحركات الغواصات هما القسمين الأسرع نموا واللذين ينتظرهما مستقبل جيد.. ومع حاجة العالم إلي ناقلات عملاقة للبترول والغاز تشتد الحاجة لتزويد هذه الناقلات بالموتورات التوربينية التي تنتجها رولزرويس لكي تستطيع أن تؤدي المهمة المطلوبة.. وقد نقلت رولزرويس مقر قيادة قسمها البحري حاليا إلي شنغهاي لإيمانها بأن الصين وكوريا الجنوبية واليابان هي أهم مراكز العالم في بناء السفن التجارية.. بل إن نقل البترول والغاز عبر خطوط الأنابيب سوف يحتاج أيضا إلي مضخات رولزرويس الضاغطة القوية. باختصار، فإن أقسام رولزرويس الأربعة تعمل بقوة وهو الأمر الذي مكن هذه الشركة من استرداد وضعها كأيقونة للصناعة البريطانية من جانب وكشركة عالمية قادرة علي المنافسة في أكثر الأسواق صعوبة من جانب اَخر.