إحراق وتدمير مدرسة ثانوية علي بعد أمتار من وزارة الداخلية وسط حصار قوات وعربات الأمن المركزي ومدرعات الجيش حول وزارة الداخلية ومبني جهاز الأمن الوطني توجد عدة مدارس إعدادية وثانوية وصناعية يعاني أولياء الأمور صعوبات بالغة ومخاوف متزايدة من إرسال أبنائهم لتلقي الدروس والانتظام في الدراسة. الأحداث المتوالية حولت المنطقة المحيطة بوزارة الداخلية إلي ساحة صراع وفي نوفمبر وديسمبر العام الماضي قرر جمال العربي وزير التعليم نقل تلاميذ هذه المدارس إلي مدارس أخري قريبة حرصا علي عدم تعطيل الدراسة وخوفا من تعرض التلاميذ لأي مكروه، وبعد مجزرة بورسعيد وتجدد الاشتباكات حول وزارة الداخلية وبالشوارع المؤدية لمقر الوزارة أطلت من جديد مشكلة كيفية انتظام تلاميذ هذه المدارس في الدراسة مع بدء الفصل الدراسي الثاني يوم «السبت» الماضي. وزير التعليم قام بجولة لتفقد الأوضاع علي الطبيعة بالمدارس التي تقع علي مقربة من وزارة الداخلية لمعرفة ما إذا كان يمكن استئناف الدراسة بها أو إعادة نقل التلاميذ لمدارس أخري، رافق الوزير في الجولة د. رضا مسعد رئيس قطاع التعليم وسعيد عمارة مدير مديرية التعليم بالقاهرة ومدير الأمن بالوزارة. ورغم إقامة حوائط أسمنتية تغلق غالبية الشوارع المؤدية للمدارس تجعل ذهاب التلاميذ في غاية الصعوبة، فإن جميع مديري المدارس التي تفقدها الوزير أكدوا الاستعداد لاستئناف الدراسة بعد إجازة نصف العام، ورفضوا إعادة نقل التلاميذ لمدارس أخري، يبدو أن عملية النقل تسبب مشاكل وعدم راحة للسادة المديرين والمدرسين والعاملين لما يترتب عليها من العمل في الفترات المسائية وفي أماكن ليست أماكنهم ومواقع ومكاتب لم يعتادوا عليها. غير أنه من الصعب علي أولياء الأمور المخاطرة بإرسال أبنائهم لهذه المدارس في ظل موافقة الوزير علي رغبة المديرين بعدم النقل، ولأن جولة الوزير جاءت «السبت» الماضي وهو إجازة لتلاميذ هذه المدارس، لذلك اقترح البعض علي السيد الوزير القيام بجولة أخري بعد بدء الدراسة لمعرفة مدي إقبال التلاميذ علي الذهاب لهذه المدارس وحتي لا تكون الجولات استعراضية واستطلاعية فقط. تخريب المدارس خلال الجولة بمدرسة الحوياتي الثانوية بنات والتي تقع علي بعد عدة أمتار من مقر وزارة الداخلية فوجئ الوزير بحجم الدمار والتخريب الذي أصاب المدرسة من جراء الاعتداءات التي تعرضت لها، أوضحت مديرة المدرسة تيسير حسن تعرض المدرسة لهجوم البلطجية مساء يوم الجمعة 3 فبراير الحالي حيث قاموا بإشعال الحرائق وإلقاء قنابل المولوتوف علي المكتبة وحجرات الأنشطة ومكاتب المدرسين، لدرجة إحراق الأبواب والشبابيك وتحطيم الأثاث لتتحول الحجرات بما فيها إلي كتل من الفحم الأسود، اكد أحمد علام مدرس أول التاريخ بالمدرسة، خلال مصاحبته للوزير أن الثوار والمتظاهرين السلميين لا يمكن أبدا أن يرتكبوا هذا العمل المشين لهدم أحد الصروح التعليمية. تعرض المدارس للاعتداءات ، دفع وزارة التعليم لبحث ودراسة كيفية تأمين المدارس وتوفير الحراسة اللازمة حفاظا علي الممتلكات العامة، يشير سعيد عمارة مدير مديرية التعليم بالقاهرة إلي وجود عجز شديد في وظائف الخدمات المعاونة بالمدارس كافة وتشمل عمال النظافة والأمن والحراسة، لدرجة أن عامل «العهدة» بالمدرسة هو الذي يتولي الحراسة ليلا دون أن يكون مؤهلا للحفاظ علي الأمن وتأمين الأجهزة. يري مدير مديرية التعليم بالقاهرة ضرورة إيجاد حلول عاجلة لهذه المشكلة التي تفاقمت بسبب سياسات العهد البائد بإيقاف التعيينات بالمدارس في وظائف الخدمات المعاونة، فيما يؤكد ياسر عمر مدير مدرسة الزعفران الإعدادية بإدارة الوايلي التعليمية أن أوضاع الأمن والحراسة والتأمين داخل المدارس في غاية السوء وتحتاج لإعادة نظر لعدم وجود أفراد للقيام بأعمال الأمن والحراسة، لا يوجد بالمدرسة بواب ولا مشرفون للأدوار ولا عمال نظافة. حاليا - كما يقول مدير مدرسة الزعفران - يقوم المدرس بعمل بواب المدرسة والمشرف علي الأدوار والقيام بحفظ الأمن وإمساك دفتر لتسجيل الحضور والانصراف علي باب المدرسة، إلي جانب قيام المدرس بعمله الأصلي في التدريس فإن توليه القيام بهذه الأعمال الإضافية يؤثر علي قدرته وكفاءته التعليمية مما يؤثر سلبيا علي العملية التعليمية ويفرض ضرورة إيجاد حل من أجل النهوض بالعملية التعليمية. أصابع الفلول أما حسام عزب - مدير مدرسة نجيب محفوظ الإعدادية بإدارة الوايلي التعليمية - فيؤكد عدم وجود بنود في ميزانية المدرسة للإنفاق علي توفير الأمن والحراسة في ظل عدم وجود أفراد مختصين لأداء هذه الأعمال ضمن الهيكل الإداري للمدرسة، ووصلت الأوضاع إلي حد الاستعانة بأحد الأشخاص من خارج المدرسة للقيام بأعمال الحراسة ليلا يحصل علي أجره من تبرعات أعضاء مجلس الأمناء بالمدرسة. لا خلاف إطلاقا علي ضرورة تخصيص أفراد للأمن والحراسة والنظافة بالمدارس، إلا أن هذه الحاجة الملحة لتوفير الأمن والتي ظهرت بوضوح في ظل حالة الغياب الأمني بعد الثورة وكشفت عن قصور حاد في توفير الاحتياجات الأمنية والخدمات المعاونة بالمدارس قبل الثورة، دفعت شلة المستفيدين داخل وزارة التعليم من أنصار النظام البائد لمحاولة تحقيق أقصي استفادة من الأزمة، إنهم لا يبحثون عن حلول لتحقيق الصالح العام ومعالجة أوجه القصور لضبط الأوضاع داخل المدارس، إنما يجتهدون لتحقيق مصالح شخصية خلال رحلة البحث عن حلول للأزمات التي تواجه المؤسسة التعليمية، أحدهم اقترح لتأمين وحراسة المدارس إنشاء شركة حراسة خاصة أو الاستعانة بشركة حراسة خاصة لتأمين وحراسة المدارس ومنشآت الوزارة. يبدو أن وزير التعليم لم ينتبه لهذه الالاعيب ، حيث وافق علي تشكيل لجنة من مدير الأمن بالوزارة ومساعد الوزير ومدير صندوق دعم وتمويل المشروعات التعليمية لدراسة إنشاء شركة الحراسة. في حين أن مسئولا كبيرا بوزارة التعليم يؤكد عدم جواز قيام الوزارة بتأسيس شركات قائلا: غياب الأمن في الفترة الحالية امرا استثنائي لا يستعدي كل هذه الضجة، وإذا تعاقدت الوزارة مع احدي شركات الأمن والحراسة فمن الذي سيدفع قيمة هذا التعاقد!! الأمر يحتاج إلي معالجة شاملة للنقص الحاد في العاملين بوظائف الأمن والحراسة والخدمات المعاونة بالمدارس. يمكن رصد احتياجات المدارس والاعلان عن الوظائف الشاغرة لسد العجز مما يتيح للمدرسين التفرغ للعملية التعليمية وفي ذات الوقت اتاحة فرص العمل لآلاف العاطلين. ايضا يمكن التعاقد مع آلاف العاملين بهذه الوظائف بالمدارس حيث يعملون حاليا بنظام «المكافأة» مما يحقق الاستقرار لهم ولأسرهم. كما يحقق انتماء هؤلاء العاملين للمدرسة فاعلية الأداء في الحفاظ علي الأمن وحماية ممتلكات المدارس. وإذا كانوا غير مدربين علي اعمال الحراسة فيمكن تنظيم دورة تدريبية لرفع الكفاءة والقدرة بدلا من التعاقد مع شركات الأمن والحراسة والتورط في شبهات ينبغي الابتعاد عنها بعد ثورة يناير.