جودة عبدالخالق .. والعدالة الاجتماعية في مساء الخميس الماضي استمعت في التليفزيون المصري لخبر يقول إن المشير محمد حسين طنطاوي رئيس المجلس الأعلي للقوات المسلحة اتصل بدكتور جودة عبدالخالق وزير التضامن والعدالة الاجتماعية ليستفسر منه عن صحة «خبر» اعتزام الوزارة رفع سعر رغيف الخبز المدعم من خمسة قروش إلي عشرة قروش، وأن الوزير نفي صحة هذا الخبر. ثم قرأت الموضوع مفصلا في صحيفة الأهرام صباح الجمعة، تحت عنوان «لا زيادة في سعر الخبز» علي رأس صفحة 3 من الصحيفة، وجاء في خبر الأهرام أن د. جودة نفي رفع سعر الرغيف المدعم «مؤكدا أن السعر ثابت ولا يوجد أي تغيير في أسعار بيع الرغيف.. وأن الحكوم ملتزمة بتوفير الرغيف المدعم بالسعر المحدد من قبل الدولة» مضيفا أنه رفض اقتراح تقدم به مسئولون في الوزارة برفع أسعار بيع الخبز المنتج من خلال المجمع المليوني الجديد لإنتاج الخبز في مدينة الشيخ زايد علي اعتبار أن إنتاج الخبز مميز ويتم بطريقة آلية ويباع معبأ في أكياس بلاستيك، وقال «إن من يروج هذه الشائعات يريد إثارة الفوضي وحرق البلد، ولا يريد لها الخير بأي حال من الأحوال». وما لم يقله د. جودة عبدالخالق إن هناك حملة مدبرة ومتواصلة ضده شخصيا لكونه يساريا وعضوا في المكتب السياسي لحزب التجمع، ويؤمن أن الاشتراكية هي النظام الذي يحقق التقدم والعدل الاجتماعي، وينحاز للطبقات الشعبية من عمال وفلاحين وفئات وسطي منتجة، صحيح أن د. جودة لا يمثل حزب التجمع في الحكومة وتم اختياره بصفة شخصية وقبل دخول الحكومة علي مسئوليته.. إلا أن الإنسان صاحب المبدأ والعقيدة لا يعرف الازدواجية في المواقف، فجودة أستاذ الاقتصاد في الجامعة، هو نفسه عضو المكتب السياسي لحزب التجمع ومسئول لجنته الاقتصادية، وهو نفس الموقف كوزير للتضامن والعدالة الاجتماعية. وقد بدأ د. جودة مشاركته في الحكومة باشتراط تغيير اسم الوزارة لتصبح وزارة التضامن و«العدالة الاجتماعية» في إعلانه للمفهوم التقدمي للجميع الذي سيدير علي أساسه الوزارة، ولم يتجاوز الحقيقة عندما قال في تصريحات منشورة في صحيفة الأهرام يوم الأحد قبل الماضي (6 نوفمبر 2011).. «أخشي أن أكون الطائر الوحيد في دعوتي لاحترام العدالة الاجتماعية داخل الحكومة، إلا أنني كمواطن قبل كوني وزيرا لابد من التمسك بها والحرص عليها». وقراءة هذه التصريحات التي أدلي بها للزميل «شريف جاب الله» توضح بجلاء أسباب الحملة عليه في دوائر «رجال الأعمال» والصحف الناطقة باسمهم. - ف «جودة» يقول بوضوح.. «إذا كان توجه الدولة هو اقتصاد السوق، فأضعف الإيمان أن يتم الاحتكام للعدالة الاجتماعية في كل القرارات، سواء كانت تخصيص الموارد أو توزيع الثروة أو الدخل». - ويضيف د. جودة «.. لقد ذكرت ذلك في مجلس الوزراء ومع صندوق النقد الدولي.. فالحسابات الأكبر حاليا في الحكومة تعطي للاستثمار الأجنبي والمحلي.. وأقول علي عيني ورأسي، إلا أن المعادلة لابد أن تكون قابلة للحل، وقابلية المعادلة للحل لا تكون إلا باحترام العدالة الاجتماعية ومصالح الفئات الاجتماعية المختلفة فلا يجوز أن تطغي فئة علي فئات أخري». - ويكشف الوزير اليساري عن انحياز الحكومة الحالية مشيرا إلي تقليص نفقات الإسكان الاجتماعي والصحة والتعليم في موازنة 2011 - 2012 بسبب رفض فرض ضرائب تصاعدية علي القادرين، وهي الضريبة التي تطبق في كل الدول الرأسمالية الكبري سواء في الولاياتالمتحدة أو الدول الأوروبية جميعا أو دول أمريكا الجنوبية مثل البرازيل، ويؤكد د. جودة أنه «بدون ضرائب تصاعدية ننسي العدالة الاجتماعية». - ويلخص د. جودة عبدالخالق الموقف في النهاية قائلا.. «بدون إقرار سياسة اجتماعية عادلة واضحة وصريحة يكون ما حدث في 25 يناير هوجة.. ما يحدث الآن تراجع عن نقطة البداية والإعلان الدستوري الأول الصادر في مارس الماضي.. فالإعلان يتحدث عن ثلاثة أشكال للملكية، ملكية عامة وخاصة وتعاونية.. ويتحدث عن العدالة الاجتماعية». وما لم تتحرك الأحزاب والقوي السياسية والاجتماعية المؤمنة بالعدل الاجتماعي ودور الدولة في الاستثمار والتنمية وتوفير الحقوق والخدمات الأساسية للطبقات الشعبية والوسطي، لتصحيح وتعديل السياسات الاقتصادية والاجتماعية للحكم الحالي والتي لا تعدو كونها استمرارا لسياسات نظام مبارك خلال العقود الثلاثة الماضية.. فسنجد أنفسنا بعد قليل في حاجة لثورة جديدة.