عقد مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان ، بالتعاون مع مؤسسة هيثم المالح للدفاع عن المدافعين عن حقوق الإنسان في سوريا ومحامون من أجل العدالة في ليبيا ومنتدي الشقائق العربي لحقوق الإنسان في اليمن، لقاءًا موازيا -علي هامش فعاليات الدورة الثامنة عشرة لمجلس الأممالمتحدة لحقوق الإنسان في جنيف- حول الوضع في سوريا وليبيا واليمن. ركز اللقاء علي قضايا الجرائم ضد الإنسانية والحاجة إلي إقرار العدالة ، و إنصاف الضحايا في تلك البلدان. أكدت إلهام سعودي -رئيسة محامون من أجل العدالة في ليبيا- أن انتهاكات حقوق الإنسان التي ترقي إلي جرائم ضد الإنسانية قد وقعت بالفعل علي مدار اثنين وأربعين عامًا من حكم القذافي. وعرضت السيدة إلهام سعودي علي الحضور إحصاءات مفزعة تقدر عدد الوفيات بما يقرب من 30.000 حالة، فضلاً عن 50.000 شخص اختفوا قسريا منذ بدء الانتفاضة، مضيفة: أن الوضع مخيف -بصفة خاصة في مناطق مثل طرابلس، التي اكتشفت فيها خلال الأيام الستة المنصرمة فقط ما يزيد علي 13 مقبرة جماعية-، وأضافت إلهام أن "المسألة ليست مسألة أرقام، بل، كيفية التعامل مع هذه الأرقام علي نحو يؤدي إلي المساءلة وتحقيق العدالة"، فقد تم بالفعل الشروع في إنفاذ قدر كبير من تدابير المساءلة في حالة ليبيا، بإصدار المحكمة الجنائية الدولية للائحة اتهام ضد قادة ليبيين سابقين، ورفع دعوي أمام المحكمة الإفريقية، بالإضافة إلي وضع خطط لسبل الإنصاف المحلية، إلا أن العدالة الانتقالية لن تنجح إلا إذا تحقق "تضميد جراح حقيقي" لضحايا الجرائم السابقة للنزاع واللاحقة له، إذ أن قصص الضحايا لا تبدأ أبداً مع الثورة، بل دائماً ما تبدأ قبل ذلك بسنوات". واختتمت إلهام حديثها بإعطاء بصيص من الأمل في الفترة الانتقالية قائلة إن "الشيء الذي نجح فيه القذافي هو توحيد الشعب الليبي". واستعرضت أمل الباشا -مديرة منتدي الشقائق ومن المدافعين عن حقوق الإنسان في اليمن- صورًا للمحتجين السلميين الذين قتلوا مؤخرًا علي أيدي القوات الحكومية في احتجاج سلمي في صنعاء. وطبقًا لما أوردته أمل، فالجرائم ضد الإنسانية في اليمن تتجاوز استهداف المحتجين السلميين، وتمتد لتشمل "سياسة العقاب الجماعي التي كان النظام اليمني يمارسها ضد كل السكان"، كما أدانت أمل أيضًا صمت المجتمع المدني المخزي حول ما يحدث في اليمن، قائلة: إن "كل ما نطلبه من المجلس هو أن يدعو لإنشاء لجنة للتحقيق في الجرائم البشعة التي ارتكبها النظام اليمني ضد الإنسانية". هيثم المالح -المحامي البارز وأحد المدافعين عن حقوق الإنسان في سوريا- أعطي لمحة تاريخية حول جذور القمع في سوريا، مشيرًا إلي أن الدولة البوليسية في سوريا والتي تحميها ترسانة من القوانين القمعية كانت ترتكب جرائم ضد الإنسانية علي مدار عقود، وإنها الآن "لم تفقد مصداقيتها فحسب، بل إنسانيتها أيضاً"، وأوضح أنه منذ بداية الثورة، قُتل واُعتقل الآلاف من الأشخاص مما أدي إلي تكدس السجون السورية ومرافق أخري مثل المدارس والأندية الرياضية؛ وتحولت سوريا إلي "سجن كبير". أضاف المالح أن الحكومة السورية قد أعلنت الحرب علي مواطنيها، مرتكبة جرائم ضد الإنسانية يجب أن تحال إلي المحكمة الجنائية الدولية، ودعا حكومات الدول التي كانت مترددة في تقديم دعم كامل لسوريا بأن تقوم بذلك، وقال "نحن نأمل في أن يوقف المجتمع الدولي إراقة الدماء في سوريا، فلقد دفعنا ثمنًا باهظًا من أجل كرامتنا". واختتم المتحدثون كلماتهم بالتشديد علي الحاجة إلي قيام المجتمع الدولي بممارسة ضغط سياسي كبير، وسلوك نهج إيجابي إزاء حماية حقوق الإنسان في سياق الاحتجاج السلمي. حضر هذا اللقاء ما يزيد علي 40 ممثلاً من وفود الدول المختلفة، والمنظمات غير الحكومية، والمنظمات الإقليمية والدولية.