عقوبات «ظالمة» لواضعي أسئلة اللغة استغلال بعد مضي عدة ساعات علي انتهاء أداء الطلاب لامتحان اللغة العربية في أول أيام إجراء الامتحانات التجريبية للثانوية العامة، فوجئ واضعو أسئلة الامتحانات بالعقوبات القاسية تنهال عليهم بدعوي وجود أجزاء من الأسئلة من المقرر بالفصل الدراسي الثاني لم يدرسها الطلاب، العقوبات تضمنت خصم 15 يوما من راتب واضعي الأسئلة لمادة اللغة العربية وعددهم سبعة منهم د. حسن بخيت مستشار اللغة العربية وأربعة من الموجهين العامين بمكتبه واثنان من خبراء المركز القومي للامتحانات الذين شاركوا في وضع الأسئلة، ونقل مستشار المادة إلي القليوبية وإلغاء انتداب الموجهين الأربعة وعودتهم لجهات عملهم الأصلية.. العقوبات التي تقررت بسرعة دون تحقيق ودون شكاوي من الطلاب تثير العديد من علامات الاستفهام وتتقافز حولها الشكوك والريبة، فالطلاب لم تصدر عنهم أي شكاوي من الأسئلة، وحتي لو كان هناك تبرم من بعض أجزاء الأسئلة فإن الصحف التي اعتادت نقل شكاوي الطلاب في اليوم التالي للامتحان لم تكن قد صدرت بعد، حيث تقررت العقوبات في نفس يوم أداء الامتحان، كما أن الفضائيات التي تصلها الشكاوي علي الهواء لم تتلق أي شكوي من الامتحان، حتي أن د. أحمد زكي بدر وزير التعليم فاجأ المذيعة والحاضرين في أحد برامج الفضائيات في مساء نفس يوم الامتحان بأنه قرر توقيع عقوبات علي واضعي الأسئلة لوجود أجزاء لم يدرسها الطلاب، فمن أين وصلت الشكاوي للوزير؟ أم أنه مثل الحكومة يعلم ما لا نعلمه ويعرف «دبة النملة»!!.. إذا تم التأكد من أن جميع الأسئلة من صميم ما درسه الطلاب في النصف الأول للعام الدراسي حتي «يناير» الماضي حسب خطة الدراسة، مع عدم وجود شكاوي حقيقية للطلاب، فإن الأغلب أن الوزير قد وقع ضحية للرغبات والأهداف الخفية لكبار المسئولين بالوزارة للإيقاع بمستشار اللغة العربية مهما كلفهم ذلك من ترتيب وتدبير.. علي الرغم من عدم وجود شكاوي وعدم تشكيل غرفة عمليات لمتابعة الامتحان وتلقي الشكاوي فقد أسرع كبار المسئولين بتكوين لجنة من موجهي اللغة العربية لإعداد تقرير حول أسئلة اللغة العربية!! جاء التقرير الذي تولي كتابته أحد موجهي اللغة العربية ليشير إلي وجود أجزاء من الأسئلة من خارج ما درسه الطلاب بالفصل الدراسي الأول، لذلك عندما سألت الوزير عما اعتمد عليه في توقيع العقوبات علي الرغم من عدم وجود شكاوي؟ أجاب: يوجد «تقرير» يؤكد وجود أجزاء من الأسئلة من الفصل الدراسي الثاني.. واستشهد الوزير بالسيد نبيل الدمرداش رئيس الإدارة المركزية للتعليم الثانوي، قائلا: «ولا إيه يا نبيل؟!» امتقع لون وجه السيد نبيل ورد: «أيوه يا سيادة الوزير»، سألت نبيل الدمرداش: وما هي الأجزاء التي جاءت من خارج ما درسه الطلاب؟ إلا أنه لم يرد والتزم الصمت!! ما لا يعلمه الوزير أن الموجه العام الذي تولي كتابة تقرير الإدانة يعمل بمديرية التعليم التي كان نبيل الدمرداش يتولي رئاستها من قبل وعلي علاقة وثيقة به، وقد سبق لمستشار اللغة العربية بالوزارة تحرير تقرير بالأخطاء الفنية التي ارتكبها الموجه العام في أسئلة امتحان الصف الثالث الابتدائي بمديرية التعليم التي يعمل بها وذلك بناء علي شكاوي من أولياء الأمور، ترتب علي التقرير إحالة الموجه العام للتحقيق، لذلك استدعي نبيل الدمرداش هذا الموجه بالذات لكتابة التقرير ضد مستشار اللغة العربية، يعني العملية من الآخر «تخليص حق»، وفي ذات الوقت استغلال اندفاع الوزير لمواجهة حالة التسيب والإهمال بتهيئة المجال أمامه لممارسة هواية توقيع العقوبات.. نأتي لتفنيد الاتهامات لواضعي الأسئلة بوجود أجزاء في بعض أسئلة الامتحان من الفصل الدراسي الثاني، حيث أشار الأمر التنفيذي بالعقوبات إلي هذه الأجزاء وهي: اسم المكان - المضارع المنصوب - اقتران جواب الشرط بالفاء - سؤال الربط بين جملتين في رقم ه، كلها أجزاء في فرع النحو الذي يعتمد علي المعلومات التراكمية التي سبق ودرسها الطلاب في السنوات الدراسية السابقة، «اسم المكان» سبق تدريسه في أربع صفحات بكتاب القواعد والتدريبات اللغوية للصف الثالث الإعدادي، «المضارع المنصوب» سبق دراسته في خمس صفحات بالفصل الدراسي الأول بالصف الأول الإعدادي، بالنسبة لاقتران جواب الشرط بالفاء فقد سبق للطلاب دراسته في كتاب القواعد للصف الثالث الإعدادي وبه تدريبات عن اقتران جواب الشرط بالفاء كما جاء في كتاب القواعد الأساسية للنحو والصرف للصف الأول الثانوي درس كامل عن أسلوب الشرط واقتران جواب الشرط بالفاء، أما سؤال الربط بين جملتين في رقم ه فقد كان مقررا علي طلاب الصف الثاني الإعدادي «أسلوب الشرط والربط بين الجمل» في ثلاث عشرة صفحة بكتاب القواعد والتدريبات النحوية بالفصل الدراسي الأول، ولا تعليق.. يبقي ما يؤكده د. حسن بخيت مستشار اللغة العربية الذي تلقي عقوبة قاسية بعد خدمة تجاوزت ال 38 عاما وهو يحمل أوراقه مغادرا إلي القليوبية، حيث يقول: لقد التزمنا بتعليمات الوزير بوجود أسئلة للطالب المتميز ليأخذ كل طالب حقه حسب مستواه العلمي وقدرته علي التحصيل والتذكر والابتكار.يعتقد د. حسن كثيرا في شجاعة الوزير عندما يعرف الأخطاء ويكتشف أن هناك ظلما قد وقع دون ذنب.