نساء في القمة قيادة بالفيسبوك واهتزاز عرش الذكور في وادي السيليكونقالت مجلة الايكونوميست البريطانية العريقة إن النساء لا يمثلن سوي 15% من أعضاء مجالس إدارات الشركات الأمريكية الكبيرة، وتنخفض هذه النسبة لتصبح 10% في أوروبا، واستخدمت المجلة تعبيرا جديدا وهو أن من «يصطادون» المواهب في نصف بحيرة سوف يكونون محظوظين لو اصطادوا في بحيرة بكاملها. ونشرت المجلة نتائج بعض الأبحاث التي تقول إن إدارة الشركات من قبل النساء والرجال معا ثبت أنها أنجح كثيرا من إدارة الرجال وحدهم بما أنه ليست هناك إلا نادرا شركات تديرها النساء وحدهن! وسيرا علي هذا التوجه صدر قانون فرنسي يلزم الشركات بالوصول إلي نسبة 40% من مجالس إداراتها من النساء في عام 2017، وتطبق كل من النرويج وإسبانيا قوانين مشابهة بينما تبحث ألمانيا الأمر، وأعلن البرلمان الأوروبي هذا الشهر أنه لابد من تطبيق هذه النسبة كحصة للنساء في كل بلدان الاتحاد الأوروبي، وقالت «فيفيان ريدنج» مفوضة العدل في الاتحاد إنها تدعو إلي الوصول ل 30% للنساء في مجالس الإدارات مع حلول 2015 و40% مع حلول 2020. ويضع المدافعون عن حصة النساء في الاعتبار مجموعة من الحقائق منها أن رعاية الأطفال كثيرا ما تشكل عائقا أمام ترقي النساء وظيفيا خاصة حين يحصلن علي إجازة لرعاية الأطفال فينقطعن عن العمل، وأحيانا ما يفعلن ذلك من أجل رعاية كبار السن من الأسرة. وبينت دراسة أجريت مؤخرا في أمريكا أن ثلثي العاملات الأمريكيات يعملن لبعض الوقت بدلا من الوقت الكامل حتي يستطعن الموازنة بين أعباء العمل وأعباء الأسرة وهو ما يعوق النساء عن اكتساب ومراكمة الخبرات اللازمة للصعود إلي القمة. وهذا ما يذكرنا بمطالبة بعض المنظمات النسائية المصرية بتنظيم دورات تدريبية خاصة للنساء اللاتي ينقطعن عن العمل لبعض الوقت لرعاية الأطفال وذلك حتي يتمكن من اللحاق بزميلاتهن وزملائهن، ولا تتأخر ترقياتهن أو تضيع الفرص عليهن، مع اعتبار هذا الدور الذي تقوم به المرأة في رعاية الأطفال والمسنين دورا اجتماعيا أساسيا يستحق أن يكافئهن المجتمع عليه. ومن جهة أخري فإن الكثير من الشركات التي تعمل علي الصعيد العالمي تفضل اختيار مديرين أو مديرات يكونون قد عملوا في أكثر من بلد، وبطبيعة الحال فإن مثل هذه الفرص لا تتوفر للنساء بل إنهن غالبا ما يرفضنها لأنها تؤدي إلي تمزيق الأسرة إذا ما اضطرت للسفر وتركت زوجها وأطفالها وهو ما تعاني منه الدبلوماسيات، هذا وتفضل الشركات أن تكون قياداتها العليا صاحبة خبرات مالية وعملية عالية وهي ميادين مازال الرجال يتحكمون فيها غالبا. وحين لجأت النرويج لإدخال نظام حصة النساء في مجالس إدارات الشركات عام 2006 أدي ذلك طبقا لدراسة أجرتها جامعة «مينشجان» إلي تعيين عدد كبير من النساء من غير ذوات الخبرة لاستكمال الحصة وهو ما أفضي إلي تراجع أداء بعض الشركات. وتستخلص «الإيكونوميست» أن الأمر يحتاج لدرجة عالية من المرونة وليس الإجبار، وهو ما يعني أنه علي الشركات التي تريد اجتذاب أفضل المواهب عليها أن تبذل الجهد الأقصي لتصبح هذه الشركات صديقة للأسرة وعلي سبيل المثال يمكن للمديرين أن يلتقوا بالعاملين وجها لوجه كل يوم، ويلعب التطور التكنولوجي دورا كبيرا في جعل مثل هذا اللقاء ممكنا وبسيطا بعيدا عن البارات ونوادي الجولف الذكورية. وهكذا بوسع الشركات الحكيمة أن تزيل الحواجز الكثيرة من أمام النساء ليصعدن إلي القمة. وربما تبقي نسبة النساء في الوظائف العليا وفي القمة أدني كثيرا مما تتمني الحكومات لأن التحيزات وأشكال التمييز ضد النساء وضد عملهن علي نحو خاص تضرب بجذور عميقة في التاريخ والواقع ولكن الشركات التي ستعقد العزم علي التعامل مع هذه القضية بجدية سوف تكسب بجدارة وكفاءة معركة ما أسمته الإيكونوميست «اصطياد» المواهب وتقطف الثمار وتحصل علي الجائزة. فهل يا تري كانت مؤسسة «الفيس بوك» واحدة من هذه الشركات وهي أكبر شركات التواصل الاجتماعي العالمية حين اختارت امرأة هي «شيريل ساندبرج» ذات الاثنتين والأربعين عاما لتحتل المركز الثاني في قمة الهرم القيادي لها؟ وهي المرأة التي قالت عنها مجلة النيويوركر إنها سوف تفكك الثقافة الذكورية في وادي السيلكون، وتنبأت بها مجلة أخري بأن تكون ذات يوم رئيسة للولايات المتحدةالأمريكية.