توقع مثقفو مصر أن تطور الثقافة من رؤيتها بعد ثورة 25 يناير، حاولت «الأهالي» رصد هذه الرؤي والوقوف علي ملامح خارطة الثقافة المصرية في المرحلة القادمة. يقول الشاعر ياسر الزيات كل ثورة تنتج فنونها فثورة 1919 مثلا أنتجت فنونها الخاصة ثم نضجت تلك الفنون في الأربعينيات وظهرت فنون خاصة بها علي مستوي الشعر وعلي مستوي الفن التشكيلي والمسرح وأيضا حتي علي مستوي النحت.. كما ظهر فن سيد درويش ومحمد عبدالوهاب ليطورا في فن الموسيقي. وبالتالي فكل الثورات تنتج فنونها، والآن نحن نحتاج وقتا حتي يستوعب الوعي الجمعي لمبادئ هذه الثورات.. فما يكتب هذه الأيام عن الثورة لا يمكن أن نعتبره فن ثورة أو أدب ثورة علي الإطلاق، ربما يحمل جزءا من التاريخ ولذلك فلابد أن ننتظر أن تهضم الثورة حتي تخرج في شكل ثقافي وإنتاج جديد من الفنون. ويؤكد الزيات ضرورة النهوض ثقافيا حتي ننعم بحياة ثقافية تعكس الفكر المجتمعي المصري وذلك من خلال وجود استراتيجية واضحة للنهوض بالتعليم ومؤسسات ديمقراطية ودولة مدنية في إطار مدني.. وأيضا وجود وضع صحي واقتصادي جيد.. موضحا أن كل هذا معناه أن تتحول الثقافة إلي عمل أهلي حقيقي خارج عن سيطرة الدولة.. فلا يجب أن تسيطر الدولة علي المنتج الثقافي بل فقط يمكن أن ترعاه.. وهذا معناه الاستغناء عن وزارة حكومية والاستعانة بوزارة ثقافة أهلية حتي نحرر الثقافة من قبضة الدولة لأنها في الأساس عمل أهلي. أما أشرف محمد مهندس بإحدي الشركات فيري أن للثورة الدور الأكبر في خلق الوعي في بناء ثقافة جديدة بدأت بمراجعة ما سبق من ثقافات لإحياء مستقبل ثقافي جديد.. موضحا أن الثقافة هي محصلة عدة عوامل متداخلة بشكل يكاد يوحدها مجموعة أركان وأهم ركن في الثقافة هو حرية التعبير وهو للأسف ما كان الركن المختل قبل الثورة حيث كان يخاف المفكر من عواقب أن تكون هناك حرية تعبير مكفولة وديمقراطية، وأيضا انتقاده للنظام والحاكم وكل أركان الدولة وبناء سياسة وثقافة الحوار واحترام للغير والفكر المخالف وانعدام القمع والسجن علي الفكر وعدم جعل النفاق طريقا للوصول لما نريد، وأيضا توقف أنظمة الحكم عن تسخير الأقلام والإعلام للتهليل وبناء تربية اجتماعية وطنية لخلق شباب ناضج ووضع الكفاءة مقياسا للشعب وخلق ثقافة القراءة والتي تعد معدومة لدي الشباب وتقدير الكتّاب قبل موتهم وتخصيص موازنات لدعم الإنتاج الأدبي وتفريغ المبدعين من المفكرين. ويتساءل أشرف: متي سيتحقق ذلك؟! فهذا هو مربط الفرس فكل الأمور تسير عكس عقارب الثقافة..!! ويتوقع الشاعر جمال بخيت تغيير ملحوظ في الثقافة المصرية مستقبلا مشيرا إلي عدم حدوث أي تغيير في الظروف الحالية وذلك لأننا لانزال نعيش في ظل الحدث، حيث إن الثورة في طور النمو والنضج وتحتاج وقتا طويلا ليشتد عودها، في فترة قد تصل لسنوات وليست عدة أشهر وذلك لتخرج أجمل ما فيها. ويضيف بخيت أن الثقافة مبادئ مستمرة والكاتب دائما علي يسار مجتمعه بمعني أنه دائما نجد ما ينقصه وليس بمعني قيام الثورة أن كل شيء سينصلح حاله ووصولنا لحد «المدينة الفاضلة».. علي العكس تماما فنحن بالفعل نجحنا في هدم النظام السابق القديم ونحاول بناء نظام جديد ولكن هذا سيستغرق وقتا طويلا. حصار الفكر ويؤكد أحمد إبراهيم موظف النظام السابق قد نجح في حصار الفكر المقاوم والمعارض كما نجح في محاولة تغييب العقول ولكن علي الرغم من ذلك لكننا مازلنا نمتلك كما ثقافيا هائل يجعلني متفاءلا بالمستقبل. ويقترح أحمد قيام الفئة المثقفة بالعمل السياسي في المرحلة القادمة فمنهم مثلا فئة الأطباء والاستعانة بمقار العيادات كنواة لشباب الثورة باعتبارها أماكن موجودة بالفعل ومعلومة لكثير من أبناء البلدان والقري المصرية علي حسب مدي شهرة الطبيب.. حيث إن هذه الشريحة من المجتمع أي الأطباء تتمتع بمستوي ثقافي عال وتخالط جميع فئات الشعب. مضيفا لابد من محاولة إحياء الثقافة من الجذور حتي تزدهر وتجني ثمارها وذلك من خلال عودة المكتبات العامة الموجودة في المحافظات لدورها بشكل فعال أكثر من دورها الآن من خلال تطويرها بحيث تتوافر فيها كتب ورقية للهواة كما تم عمل لجان ثقافية في الأندية والساحات الشعبية تقوم هذه اللجان بعمل ندوات ثقافية بشكل أسبوعي. أما د. عمر صابر عبدالجليل بجامعة القاهرة فيقول إننا نفتقد ثقافة الحوار واحترام الرأي والرأي الآخر والخبرات فالكثير منا وإن كان لا يدرك فقد يتبني ثقافة الهدم بتعصبه.. وهذا ما جعلنا نري المشهد الثقافي المصري بوضوح طيلة السنوات الماضية لا يعبر عن نفسه مطلقا فلم يكن هناك حوار.. وما نحتاجه الآن هو التخلي عن هذه السياسة وبداية بناء جديد لمشروع ثقافي. ويؤكد د. صابر ضرورة انتظار نتائج الثورة حتي نجني ثمارها كما طالب بمحاولة اتجاه الثقافة نحو البسطاء بدلا من اقتصار الثقافة علي الاحتفالات والكرنفالات فقط.. لنصل إلي الشارع المصري بهمومه وواقعه المعاش.