وزير الدفاع السوري يعلن وقفا تاما لإطلاق النار داخل السويداء    وزير النقل يعلن استمرار غلق الإقليمي حتى الأول من أغسطس ويكشف السبب    المديفر: نمو سنوي 30٪ بقطاع التعدين السعودي بدعم البنية والأنظمة    موعد إجازة المولد النبوي 2025 في مصر.. كم يومًا إجازة للموظفين؟    مواعيد مباريات الأهلي الودية استعدادًا للموسم الجديد 2025-2026    نجم الزمالك السابق: محمد عبدالمنعم أصعب مدافع واجهته في مصر    الملك، تدهور الحالة الصحية لأعظم لاعبي كمال الأجسام عبر التاريخ بعد إصابته بعدوى مميتة (صور)    سكت الدي جي وتعالت الصرخات، قصة سيشن الفرح الذي حولته سيارة نقل إلى مأتم بمحور ديروط (فيديو وصور)    مواعيد انطلاق المدارس والجامعات والإجازات الرسمية حسب الخريطة الزمنية للدراسة 2025–2026    القومي للمسرح يواصل نقاشات الوعي الجمالي: الجسد والآلة والفضاء المسرحي في قلب الجدل الفني    4 شهداء وعشرات المصابين في قصف إسرائيلي على خان يونس والنصيرات    رئيسا وزراء النمسا وإيطاليا يبحثان ملف الهجرة غير الشرعية    سعر الذهب اليوم الأربعاء 16 يوليو 2025 بعد الهبوط الكبير وعيار 21 بالمصنعية    «سلاح ذو حدين».. رسالة نجم الزمالك السابق ل الأهلي بشأن عقد إمام عاشور    موعد طرح شقق الإسكان الاجتماعي 2025 والتفاصيل الكاملة ل سكن لكل المصريين 7    ارتفاع كبير ل الدولار الأمريكي اليوم عالميا الأربعاء 16-7-2025.. واستقرار بقية العملات الأجنبية    تنسيق تمريض بعد الإعدادية 2025 .. التفاصيل الكاملة وشروط التقديم    ترامب: إيران تُريد إجراء محادثات بعد أن تم تدمير منشآتها النووية    «مستواه مكنش جيد».. تعليق مثير من مسؤول الأهلي السابق على صفقة حمدي فتحي ل بيراميدز    حارس مرمى ولاعب معتزل وابنتان.. 10 صور وأبرز المعلومات عن عائلة أحمد شوبير    "سيغير حياته".. لاعب منتخب مصر يقترب من الانتقال إلى الكويت الكويتي    صندوق النقد: مصر تستهدف 3 مليارات دولار من بيع الأصول في 2025/2026    "مساجد لها تاريخ".. الأوقاف تطلق أكبر برنامج مرئى عن المساجد التاريخية    المعهد الفني للتمريض والصحي 2025 .. درجات القبول ومزايا الدراسة وفرص التوظيف    زفة على محور الموت.. مصرع 4 وإصابة 21 في حادث زفاف أعلى محور ديروط- صور    "أخو العريس وابن خالته".. مصرع شابين أثناء توجههما لحفل زفاف في البحيرة    محافظ أسيوط يتفقد موقع حادث محور ديروط.. ويُصدر توجيهات عاجلة بشأن المصابين- صور    وسط سخرية روسيا.. ترامب يطلب من كييف عدم مهاجمة موسكو    حتى يصدقوا، كاظم الساهر يخمد نار ترند وفاته برد راق يخرس الألسنة    دعاء في جوف الليل: اللهم اجعلنا لنعمك شاكرين وبقضائك راضين    تامر حسني يحتفل مع الكينج محمد منير بطرح ديو «الذوق العالي» وسط أجواء مبهجة    خبير اقتصادي وصوت وطني يقود العمل التنموي والسياسي بمحافظة الإسكندرية    جدول مواقيت الصلاة في مطروح اليوم الأربعاء 16 يوليو 2025    السبكي وزيادة يبحثان آليات استدامة القطاع الصحي    «تعرف على آلامهم الدفينة» 3 أبراج هي الأكثر حزنًا    لأصحاب الذكاء العبقري.. حدد الخطأ في 8 ثوانٍ    كانوا راجعين من فرح.. مصرع فتاة وإصابة 8 أشخاص سقطت بهم السيارة في ترعة (صور)    كيف أتغلب على الشعور بالخوف؟.. عضو «البحوث الإسلامية» يجيب    «أكبر غلط بيعمله المصريين في الصيف».. خبيرة توضح أخطاء شائعة في التعامل مع الطعام    قانون الإجراءات الجنائية الجديد يحدد ضوابط تفتيش المنازل.. تعرف عليها    مقتل شاب على يد والد زوجته وأشقائها بشبرا الخيمة    د.حماد عبدالله يكتب: فاقد الشىء لا يعطيه !!    عاجل.. ممدوح عباس يتحرك لبحث عودة مصطفى محمد للزمالك    البطريرك يوحنا العاشر: جلسات المجمع المقدس تنطلق 18 أكتوبر لبحث إعلان قداستين    ما حكم اتفاق الزوجين على تأخير الإنجاب؟.. الإفتاء تجيب    مقررة أممية: يجب وقف العلاقات مع إسرائيل ومحاسبة قادتها على جرائم الإبادة في غزة    رائحة الثلاجة مزعجة؟ إليك الحل بمكونات منزلية آمنة    حقائق صادمة عن اللحوم المصنّعة ومكسبات الطعام    المغرب والصين يبحثان تطوير تعاون "ثلاثى الأبعاد" مع الدول الإفريقية فى الصحة    الإعلان عن القائمة القصيرة لجائزة خالد خليفة للرواية في دورتها الأولى    انتهك قانون الإعاقة، الحكومة الإسبانية تفتح تحقيقا عاجلا في احتفالية لامين يامال مع الأقزام    طريقة عمل السينابون زي الجاهز لتحلية مسائية مميزة    الرئيس الإماراتي يبدأ اليوم زيارة لتركيا لبحث التعاون الثنائي والقضايا محل الاهتمام المشترك    ميرنا كرم تحتفل بتخرجها بامتياز بمشروع عن روحانية القداس المسيحي    الأمم المتحدة: سوء التغذية تضاعف في غزة    قصور الثقافة تواصل برنامج "مصر جميلة" بورش تراثية وفنية بشمال سيناء    هل يصل ثواب ختم القرآن كاملًا للمتوفى؟.. أمين الفتوى يجيب    الشيخ خالد الجندي: وصف وجه النبي صلى الله عليه وسلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في ذكري تأسيسها :نقابة الصحفيين.. سبعون عاماً من تاريخ مضيء
نشر في الأهالي يوم 06 - 04 - 2011

يوم الخميس (31 مارس) مر 70 عاما من عمر نقابة الصحفيين.. وهذا اليوم من عام 1941 هو أحد الأيام المشهودة والمجيدة في تاريخ نضال الصحفيين المصريين عندما تكلل كفاحهم الذي استمر 50 عاما حتي انتزعوا حقهم في إنشاء كيانهم النقابي رسميا بصدور المرسوم الملكي رقم 10 بإنشاء نقابة الصحفيين.
اليوم وبعد مرور كل هذه السنين من عمر هذه النقابة وكأننا لا نحتفل بها بل نواجه تحديا صعبا وغير مسبوق فنحن لم نكن في حاجة لمثل هذا الكيان النقابي مثلما نحن في حاجة إليه الآن. فأصداء ثورة 25 يناير المدوية التي هزت أركان مصر ووجدانها نجدها خافتة باهتة وخجولة بين جنبات كياننا النقابي.. ودماء أكثر من ألف شهيد مصري زفوا في عرس الثورة في ميادين وشوارع مصر بصدور عارية وإيمان لا يتزعزع وعزيمة لا تلين كي ينتزعوا لنا الحرية.. مازالت تطالبنا قبل محاسبة قاتليهم أن نحمل شعلة هذه الحرية لنضيء بها سماء وطن عاني علي مدي عقود مرارة القهر والقيود ولعبة توزيع الهوامش علي صحافة محاصرة أو متآمرة وإعلامًا يتم إفساده بالرشوة أو بتعليمات الأمن أو بنصوص القوانين السابقة التجهيز.
النقابة في الأدبيات هي التي تحمي ظهور أعضائها، وهي المؤسسة التي نلجأ إليها عندما نتعرض للقهر في مؤسسات العمل، لكن عندما ذهب الكثير منا إلي ميدان التحرير تصوروا أن صدي التغيير قد سبقهم إلي مؤسساتهم ونسوا أن ظهورهم لم تكن مؤمنة أو مستورة. عدنا بروح الثورة لنجد التيه ينتظرنا علي باب نقابتنا، وسلالمها التي تغنينا بها ساحة للحرية والتعبير تحاصرها الحسابات الضيقة والعجز المقيم وتعليمات الفلول القديمة وليس جنود الأمن المركزي. جاء الصحفيون من مؤسساتهم إلي نقابتهم باحثين عن إجابات لعشرات من علامات الاستفهام ليستردوا بعض اليقين فوجدوا في انتظارهم مئات الأسئلة الهائمة تطالبهم بحل ألغازها. نجح الوطن في اختبار التغيير وفرض شرعيته الثورية وحاول البعض أن يسجل علينا فشلنا في نقابتنا في هذا الاختبار، علي الرغم من أننا ملكنا ربما لأول مرة حقنا في التغيير بالشرعية الثورية والشرعية الدستورية معا والذي أعطته لنا ثورة وحكم قضائي صادر عن المحكمة الدستورية العليا في 2 يناير من العام الحالي بعدم دستورية القانون 100 الخاص بانتخابات النقابات المهنية والذي يرتب إجراء انتخابات جديدة طبقا لقانون النقابة.
أول صحيفة
فمصر أول بلد عربي عرف الصحافة، حيث صدرت بها أول صحيفة باللغة الفرنسية عام 1798، وأول صحيفة رسمية باللغة العربية «جريدة الوقائع المصرية» عام 1828 وأول صحيفة أهلية «وادي النيل» عام 1867.. وتعتبر «الأهرام» أقدم الصحف القائمة حتي الآن وصدرت عام 1876 وهي أول صحيفة انطلقت منها الدعوة لإنشاء نقابة الصحفيين عام 1891. وتكررت هذه الدعوة علي صفحات جريدة «المؤيد» عام 1909 وتبعتها صحف أخري. وفي عام 1912 قام عدد من أصحاب الصحف بإنشاء نقابة الصحفيين المصريين وانتخبت جمعيتها العمومية «مسيو كانيفيه» صاحب جريدة «لاريفورم» بالإسكندرية نقيبا و«فارس نمر» وأحمد لطفي السيد وكيلين، لكنها انتهت بقيام الحرب العالمية الأولي. وبعد انتهاء الحرب قام خمسة من الصحفيين وهم داود بركات وإسكندر سلامة ومحمد حافظ عوض وجورج طنوس بتكوين رابطة هدفها العمل علي إنشاء نقابة الصحافة. وعقب دستور 1923 أسرع ثلاثة من الصحفيين وهم أمين الرافعي ومحمد حافظ عوض وليون كاسترو لمقابلة رئيس الوزراء وطلبوا منه إصدار قانون لإنشاء نقابة للصحفيين.. ثم اجتمع عدد من أصحاب الصحف ومحرريها وبدأوا في إعداد مشروع النقابة وأعلنوا قيامها عام 1924. وبالرغم من تعدد المحاولات فإن أيا منها لم تنل اعترافا رسميا إلي أن صدر مرسوم باعتماد نظام جمعية الصحافة في 20 أبريل سنة 1936 في عهد وزارة علي ماهر.. إلا أن هذا المرسوم لم يقدر له الانتقال لحيز التطبيق لأن البرلمان لم يعتمد المشروع المقدم.. وفي 27 نوفمبر 1939 تقدم رئيس الوزراء علي ماهر إلي مجلس النواب بمشروع إنشاء نقابة للصحفيين أعده رائد الحريات العامة وحرية التعبير والصحافة محمود عزمي، وظل في حالة جدل إلي أن صدر القانون رقم 10 لسنة 1941 في 31 مارس بإنشاء النقابة.
النقابة وممارسة السياسة
ربما لا يعرف كثيرون ممن يروجون الآن لتحول الكيان النقابي إلي مجرد نادٍ يقدم بعض فتات الخدمات للزملاء بدلا من دخول معارك مقاومة الفساد والإفساد داخل المؤسسات لحصول الزملاء علي حقوقهم في حياة كريمة وعلي علاقات عمل محترمة والنهوض بالمهنة وإعلاء دور النقابة في دعم الحريات العامة وهموم الوطن.. أن أول جدل في مجلس الشيوخ عند مناقشة مشروع قانون النقابة هو اعتراض النائب يوسف أحمد الجندي الشهير برئيس جمهورية زفتي علي نص كانت لا تخلو منه قوانين النقابات المهنية في ذلك الوقت بحظر الاشتغال بالسياسة وقال: «كيف يحظر علي نقابة الصحفيين الاشتغال بالسياسة لأن تنظيم مهنة الصحافة وتكوين نقابة يستلزم الاشتغال بالسياسة فإذا سنت الحكومة قانونا من شأنه الحد من حرية الصحف مما يستدعي أن تناقشه هيئة النقابة تم منعها بحجة اشتغالها بالأعمال السياسية، مع أن طبيعة تنظيم المهنة تقتضي من النقابة الكلام في السياسة، كما أن العمل علي رفع شأن الصحافة وإعلاء كلمتها يستدعي حتما تعرض النقابة للشئون السياسية». وامتد الجدل، وفي النهاية انتصر منطق وحجة يوسف الجندي وكانت نقابة الصحفيين هي أول نقابة لا يحظر قانونها الاشتغال بالسياسة. واستطاع الوعي الجمعي للصحفيين منذ هذه اللحظة ألا يخلط بين اهتمام النقابة والصحفيين بحكم طبيعة عملهم بالسياسة وبين العمل الحزبي ولم تسمح الجمعية العمومية أو مجالس النقابة التي أبدت رأيها في كثير من أمور السياسة العامة للوطن ومنها علي سبيل المثال قضية حظر التطبيع أن تكون بوقا حزبيا لأي تيار أو جماعة سياسية.
الجهاد الأكبر
اكتشف الصحفيون الذين ناضلوا علي مدي 50 عاما حتي تري نقابتهم النور أنهم قد انتقلوا من الجهاد الأصغر إلي الجهاد الأكبر وفور صدور القانون تم تعيين أول مجلس للنقابة مكون من اثني عشر عضوا، ستة يمثلون أصحاب الصحف وستة من المحررين ومن أصحاب الصحف محمود أبوالفتح باشا الذي اختاره المجلس نقيبا (حيث كان يتم اختيار النقيب من بين أعضاء المجلس) وجبرائيل بشارة تكلا باشا وفارس نمر باشا وعبدالقادر حمزة باشا ومحمد التابعي باشا وإدجار جلاد باشا، ومن المحررين خليل ثابت بك وإبراهيم عبدالقادر المازني ومحمد فكري أباظة ومحمد خالد وحافظ محمود ومصطفي أمين.
والمهمة الأولي لهذا المجلس المعين هي الإعداد لأول جمعية عمومية للصحفيين التي انعقدت في الساعة الثالثة بعد ظهر يوم الجمعة الخامس من ديسمبر 1941 بمحكمة مصر بباب الخلق لاختيار أول مجلس منتخب وكان عدد الأعضاء الذين حضروا الاجتماع الأول 110 أعضاء من 120 عضوا هم كل أعضاء النقابة في سنتها الأولي، سدد كل منهم الاشتراك السنوي وقيمته جنيه واحد. وكان أول خمسة أعضاء تقدموا للنقابة كمؤسسين هم حافظ محمود ومحمد لطفي غيث ومحمد أحمد الحناوي ومصطفي أمين وصالح البهنساوي. وحفلت هذه الجمعية الأولي بنجوم في الفكر والصحافة والسياسة منهم أحمد حسن الزيات وعبدالعزيز الإسلامبولي وفيليب حنين وجلال الدين الحمامصي ونبوية موسي ومصطفي أمين وأحمد قاسم جودة وتوفيق حنا الشمالي وسلامة موسي وعباس محمود العقاد وحسين أبوالفتح وكامل الشناوي ومحمود العزب موسي وفاطمة اليوسف ويوسف جوهر وفاطمة نعمت رشاد وكريم ثابت وأبوالخير نجيب وأنطوان نجيب مصر وإميل وشكري زيدان.
واختارت الجمعية أول مجلس منتخب في تاريخ النقابة وكانت مدته طبقا للقانون عاما واحدا (من ديسمبر 41 إلي ديسمبر 1942).
حكاية مقر
منذ صدور المرسم الملكي بإنشاء النقابة في 31 مارس عام 1941 وحتي عقد أول جمعية عمومية في ديسمبر من العام نفسه لم يكن للنقابة مقر، فكانت تعقد اجتماعات مجلسها المعين المؤقت في دور الصحف وهي الأهرام ثم البلاغ ثم المصري. وبعد انتخاب أول مجلس وبسبب اقتران موافقة الحكومة علي إنشاء النقابة بشرط توفير مقر لها سارع محمود أبوالفتح بالتنازل عن شقة كان يستأجرها بعمارة الإيموبيليا مكونة من غرفتين لتصبح أول مقر لها. وعندما حان موعد عقد اجتماع جمعية عمومية عادية للصحفيين عام 1942، وجد مجلس النقابة أن الصحفيين في أشد الحاجة إلي مكان أكثر اتساعا لعقد جمعيتهم واهتدي المجلس إلي قاعة نقابة المحامين الكبري، وأثناء عقد الاجتماع استرعي انتباه المجلس وجود قطعة أرض فضاء مجاورة لنقابة المحامين عليها بضع خيام.. وفي اليوم التالي توجه محمود أبوالفتح إلي جهات الاختصاص في الدولة وطلب هذه الأرض ليقام عليها مبني النقابة، لكنه علم أنها مملوكة للقوات البريطانية وقد أنشأت عليها خياما يقيم فيها الناقهون من جرحي الحرب العالمية الثانية،وجري رفض الطلب.
إنذار حافظ محمود للقيادة البريطانية!
خلال هذه الفترة سعت النقابة لإيجاد مقر آخر، وفي عام 1944 كان فؤاد سراج الدين وزير الداخلية قد أمر بالاستيلاء علي مبني من طابق واحد بشارع قصر النيل ومصادرته لصالح النقابة بعد أن كان ناديا للعب القمار، وظل هذا المبني مقرا للنقابة وناديا لها تم دعمه بمكتبة قيمة والعديد من الدوريات الصحفية وأصبح يتوافد عليه الزائرون من كبار رجال الدولة والأدباء والفنانين. وعلي الرغم من أن مصطفي النحاس رئيس الوزراء قد أمر بتخصيص قطعة الأرض المجاورة للمحامين ليقام عليها مبني نقابة الصحفيين فإن مساعي فكري أباظة نقيب الصحفيين في ذلك الحين (عام 1944) لم تكلل بالنجاح لتنفيذ أمر رئيس الوزراء، لأن جهات الاختصاص في الدولة لم تكن قادرة علي أن تأمر القوات البريطانية بالجلاء عنها.. ولم ييأس الصحفيون وغامر حافظ محمود وكيل النقابة في ذلك الوقت وقام أثناء غياب فكري أباظة بالخارج بتوجيه إنذار إلي القيادة البريطانية بالقاهرة للجلاء عن هذه الأرض، وكانت المفاجأة أن استجابت علي الفور، لتواجه النقابة مأزقا جديدا، وهو مشكلة تمويل إقامة المبني. وهنا يظهر دور مصطفي القشاشي سكرتير عام النقابة وأحد أشهر من تربعوا علي هذا الموقع لعدة دورات وبذل جهودا مضنية مع محمود فهمي النقراشي رئيس الوزراء آنذاك الذي قرر تمويل التيار وقال في رسالة: أريدكم أن تعرفوا أنني قررت أنه عندما يحضر وفد أجنبي إلي مصر أن أعزمه في نقابة الصحفيين لأنها مرآة صادقة للمجتمع المصري». وقد عهد إلي المهندس الدكتور سيد كريم أن يعد تصميما نموذجيا للنقابة ووضع النقيب محمود أبوالفتح حجر الأساس أول يونيو 1947 وتم افتتاحه رسميا برئاسة النقيب فكري أباظة في 31 مارس 1949 وبلغت تكاليفه 39801.701 جنيه ساهمت الحكومة فيها بمبلغ 35 ألف جنيه دفعتها للنقابة علي خمسة أقساط وغطت النقابة بقية التكاليف من إيراداتها الخاصة!! وبذلك عرف الصحفيون أول مقر حقيقي لنقابتهم.
معارك وقامات
لأننا في حاجة إلي نقابتنا أكثر من أي وقت مضي فعلينا أن نعيد تذكير أنفسنا بالمعارك العظيمة التي خاضتها، والقامات النقابية الكبيرة التي أعطت بلا حساب في سبيل الدفاع عن كرامة الصحفيين والمهنة والوطن ولا يجب أن نسمح لأحد بأن يسرق منا المعني الحقيقي والرئيسي الذي من أجله قامت النقابة والذي بسببه تعيش النقابات وتواصل رسالتها جيلا بعد جيل.
ففور اختيار المجلس الأول للنقابة بدأ يواجه أشد القضايا عبئا، فقد كانت قضية الرقابة علي الصحف تشتد بسبب ظروف الحرب العالمية الثانية وتعددت حالات حبس الصحفيين، كما أدت هذه الظروف إلي تقليل عدد صفحات الجريدة اليومية إلي أربع صفحات مما كان يهدد المحررين بالاستغناء، وواصل هذا المجلس اجتماعاته ولأول مرة يسمع صوت الصحافة تحت قبة البرلمان للمطالبة بتخفيف الرقابة علي الصحف ومعالجة أمر حبس الصحفيين، وعدم الاستغناء عن أي محرر مهما قل عدد صفحات الصحف. وظل أحد الهموم النقابية هو توفير الضمانات اللازمة للصحفي لممارسته مهنته في حرية ورفض نقل الصحفيين إلي أعمال غير صحفية إلي أن صدر القانون النقابي الحالي عام 1970 وتوج نضال الصحفيين بمنع نقل الصحفي إلي عمل غير صحفي. ووضع المجلس في السنة الثانية له أول لائحة استخدام والتي تعرف بعقد العمل الصحفي وكان في مقدمة موادها تقرير مكافأة تعادل راتب شهر عن كل سنة من سني اشتغال الصحفي في حالة انتهاء مدة خدمته.
وواصل الصحفيون نضالهم من أجل حرية الصحافة وحق المواطنين في المعرفة وتوجوا هذا النضال عام 1995 حين تصدوا لقانون اغتيال حرية الصحافة 93 واسقطوه وقرروا الاضراب العام وأصبح يوم 10 يونيه لسنة59 يوما للصحفي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.