الوطن للجميع.. للمسلمين والأقباط واليهود المصريين أيضاً.. لأهل السنة وللشيعة.. للفقراء والأغنياء.. للرجال والنساء.. لسليمى البنية والأقزام.. ولذوى الاحتياجات الخاصة.. للمرضى والأصحاء.. للفلاحين والعمال والمهنيين وكل الطوائف هكذا كانت مصر، وهكذا يجب أن تكون بلا تمييز وبلا إقصاء حتى تتحقق المواطنة الكاملة ويسير الوطن على طريق المستقبل. هذا الأسبوع.. الشيعة حديث الناس والجميع بمناسبة إحياء ذكري عاشوراء. نعترف بأن الحديث عن الشيعة فى مصر حديث ذو شجون وقد يصيب الباحث وراءه بحالة اللذة العقلية او المتعة النفسية وربما الاحساس بالاختناق والحيرة، وقد يرى ايضا العديد من علامات الاستفهام والتعجب تطارده وتلاحقه ،ولكن فى النهاية يصل الى قرار واحد الا وهو الرغبة فى معرفة المزيد والمزيد من المعلومات والاسرار محاولا فك رموز وطلاسم وشفرات هذا المذهب الذى شئت أم أبيت ..اعترفت ام انكرت موجودا على أرض هذا الوطن بل وأصبح جليا للجميع ان الشيعة والمتشيعون فى مصر قد علا صوتهم مؤخرا وبالاخص بعد وصول تيار الاسلام السياسى الى الحكم . يخبطون على صدورهم ..يضربون انفسهم بالجنازير لتتبعثر دماءهم فى ذكرى وفاة الامام على بن ابى طالب ..يمقتون سيدنا عمر بن الخطاب ومن قبله سيدنا ابو بكر بل ويسبون الصحابة "عينى عينك "..يصلون على حجر ولهم آذانهم الخاص الذى يقولون فيه "الله اكبر الله اكبر اشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله وان علىا ولى الله "…! ايران هى الاب والام بالنسبة اليهم وكيف لاتكون هكذا وهى المصدر الرئيسى للشيعة فى العالم اجمع هدفهم الاوحد هو ان يصبح المذهب الشيعى هو الاساس فى مصر بل ولهم محاولات لتشييع المصريين . تلك هى الصورة الذهنية والمعلوماتية التى قد تتبادر الى ذهن الكثيرين فى مصر ما ان تخترق آذانهم كلمة الشيعة ، وقد لانبالغ عندما نقول ان هذه المعلومات قد تكون سطحية خاصة ان بعض الدراسات الاكاديمية والكتب النظرية قد تصيب قارئيها بحالة من حالات اللخبطة وعدم الفهم بل والشعور فى الغرق فى بحر ليس له نهاية. لذا قررنا ان نخوض غمار هذا الملف ونقوم برحلة نخترق فيها الاسوار التى يقطنون خلفها ،رحلة حاولنا ان نبتعد فيها عن التنظير والمنظرين والاكاديميين –مع كل الاجلال والتقدير لهم – ولكن كان لابد لملفنا ان يكون كما يقولون بالعامية "لحم ودم " يعنى "بشر" وبالادق "بنى آدميين " . ماذا لو قابلنا الاسر الشيعية فى مصر تُرى هل سيخرجون من حالة صمتهم او بمعنى ادق خوفهم ليفتحوا لنا صدورهم ويحدثوننا عن حكايتهم وتفاصيلهم مع المذهب الشيعى ؟وما هى المحطات التى مروا بها مع السلطات المصرية التى القت بهم خلف السجون منذ العهد البائد وحتى الان ؟وماذا عن عاداتهم وموروثاتهم واحتفالاتهم ..؟هل هى مختلفة عن اهل السنة وهم الاغلبية فى مصر أم اننا كلنا مسلمون ؟ ماهى حكاية شيعة مصر مع صلاح الدين الايوبى لماذا يكرهونه كل هذا الكره وما السر فى رغبتهم فى موته آلاف المرات ؟ هل نتقدم أم نتاخر ؟سؤال يفرض نفسه امامك عندما يصل الى مسامعك حكاية فتوى الازهر فى الستينيات والتى اعطت اطرافا واديانا اخرى على رأسها المذهب الشيعى الحقوق كافة بينما يفاجئنا الازهر وهو المؤسسة المستنيرة الآن بلجان ترفض بل وتكافح المذهب الشيعى …! ماهى التفاصيل التى تكمن وراء ذلك ؟ ماهى علاقة الشيعة فى مصر بالسياسة …كيف كانت علاقتهم بحكام مصر عبر التاريخ مرورا بالعصر الحديث :عبد الناصر والسادات ومبارك " وهل تم استخدامهم كورقة سياسية ساخنة للعب مع امريكا والسعودية وايران …وهل سيتحول اختلاف المذاهب الاسلامية الى حلبة صراع.. الفترة القادمة تحدد مصائر الشعوب السياسية ؟ اسئلة كثيرة وعلامات استقهام ربما تجد لها اجابة عبر سطورنا المقبلة ولكن قبل الخوض فى عالم الشيعة فى مصر علينا فقط ان نلقى الضوء على كتاب تاريخ "السيوطى " الذى كتب شارحا بجرأة قائلا : "دخل جوهر الصقلى فى مائة الف فارس وبنى امارة المعز وهى المعروفة الان "بالقصيرين "اوبين القصرين وقطع خطبة بنى العباس ولبس السواد والبس الخطباء البياض وامر ان يقال فى الخطبة "اللهم صلى على محمد المصطفى وعلى على المرتضى وعلى فاطمة البتول وعلى الحسن والحسين شبطى الرسول وصلى على الائمة اباء امير المومنين المعز لدين الله وذلك فى شعبان سنة 358هجرية ثم فى ربيع الاخر سنة 359هجرية اذنوا فى مصر بحى على خير العمل وشرعوا فى بناء الجامع الازهر ففرغ منه فى رمضان سنة 361هجرية وبقيت دلوة الفاطميين بمصر اكثر من مائتى سنة "،فى حين يؤكد بعض المؤرخين ان التشيع دخل مصر قبلها بسنوات كثيرة فى العصر العباسى وانه ازدهر فى العصر الفاطمى لان الحكام كانوا شيعة وهى المرة الاولى التى يحكم مصر حكام شيعة وكانت اخر مرة منذ سقوط الدولة الفاطمية على يد صلاح الدين الايوبى. واذا كنا نتكلم عن الشيعة فى مصر فلابد ألا نغفل انهم فى العصر الحديث فى الفترة من الاربعينيات وحتى نهاية السبعينيات خاصة فى فترة وجود نسب بين الملك فاروق وشاه ايران ولكن بعد انتصار الثورة الايرانية سنة 1979 م تعرضوا للمحاصرة وعدم الاعتراف بحقهم فى حرية الاعتقاد ومنهم من اقامة تشكيلاتهم الاجتماعية والدينية واصبحوا منذ اوخر الثمانينيات يتعرضون لملاحقات امنية. والسؤال الذى يطرح نفسه ماهو تعدادهم بالضبط فى مصر ؟والاجابة ببساطة تتلخص بأن النسب والارقام الخاصة بعدد الشيعة فى مصر سواء الرسمية او غير الرسمية والبعض يبرر ذلك بان الدولة لا تريد ذكرهم من الاساس وان الكثير منهم لا يعلن عن مذهبه ويصمت الا ان الاستعانة دائما تكون بتقارير اجنبية عنهم ومنها اخر تقرير بعنوان "الحرية الدينية فى العالم "الصادر عن وزارة الخارجية الامريكية فى 2011 وهو التقرير الاحدث .. حصلت "الاهالى " على نسخة منه يذكر ان 90%من تعداد الشعب المصري ينتمون للمذهب السني في حين أقل من 1%من عدد المصريين أي بما يعادل 700 الف شيعى .فى حين ان البعض يؤكد انهم وصلوا لاكثر من مليون شيعى فى مصر. ولتكن النهاية هى البداية ،وهو ان ما نود ان نقوله قبل الدخول الى هذا العالم فى مصر عبر سطورنا المقبلة هو ان هدفنا الحقيقى يكمن فى توضيح صور عديدة فى الاذهان، فقط نحاول ان نفهم ونرصد ونحلل كيف يفكر الاخرون، ولتكن عبارة المهاتما "غاندى "هى خير بداية لهذا الملف "حيث يوجد الحب يوجد الله".