المعارضة العمالية قادت التمرد ضد كاميرون وزير الخارجية البريطاني يتلقي هزيمة بسبب احتجاج الرأي العام.. وشبح العراق ألجم الاندفاع نحو دمشق لندن: يسري حسين دفع البرلمان البريطاني ديفيد كاميرون رئيس الوزراء للتراجع عن عملية عسكرية ضد سوريا ، إذ تعدي لها وحرك طائرات حربية إلي قبرص للمشاركة في تنفيذها . وقد جاء قرار البرلمان بأغلبية 13 صوتاً فقط ، رجحت الموقف لصالح حزب العمال المعارض ، الذي أيد أولاً العمل العسكري ثم تراجع مطالباً بتوافق دولي في مجلس الأمن وبضمانات قانونية وأدلة واضحة بأن حكومة دمشق متورطة في استخدام السلاح الكيماوي ضد مواطنيها . أعلن كاميرون في البرلمان استجابته للقرار الذي اتخذه النواب ، حيث تمرد ضده أعضاء من حزب المحافظين ، كما أن شخصيات برلمانية أخري داخل الحزب الليبرالي شاركت في الاعتراض علي موقف الحكومة الائتلافية . كان حزب العمال أعلن قبل انعقاد جلسة البرلمان عن تضامنه مع الحكومة بشأن ضربة عسكرية محتملة ضد سوريا ، غير أن وزير خارجية الظل دوجلاس ألكسندر عاد وطالب بأدلة حكومية واضحة علي أن دمشق متورطة مع موافقة دولية علي القرار البريطاني بشأن العمل العسكري . وقد تطورت الاحداث بسرعة شديدة حيث ظهرت انقسامات حادة داخل حزب العمال المعارض مع طرح لشخصيات بارزة الاستقالة من حكومة الظل وأشهر هؤلاء النائبة العمالية اليسارية ديان أبوت التي تشغل موقعاً في حكومة الظل المعارضة . قالت أبوت لو أن إيد ميليباند زعيم الحزب وقف مع كاميرون والولاياتالمتحدة ، فإنها ستقدم استقالتها احتجاجاً علي هذا الموقف . أظهرت استطلاعات الرأي أن اغلبية البريطانيين رافضة للتدخل العسكري ، وانه لا توجد ثقة في بيانات الحكومة نتيجة خبرة سابقة بشأن الحرب علي العراق ، حيث ادعت حكومة توني بلير العمالية وجود أسلحة دمار شامل واتضح كذب هذه المعلومات . لا يريد الرأي العام التورط في حرب جديدة في الشرق الاوسط قد تقود للمزيد من الصراع في المنطقة ، غير أن الولاياتالمتحدة عازمة علي توجيه ضربة عسكرية عقابية ضد النظام في دمشق . معني القرار البريطاني انسحاب لندن من الحملة العسكرية ضد سوريا والتي قد تخوضها واشنطن مع فرنسا بينما تظل الحكومة في بريطانيا خارج نطاق هذا التحالف . معركة العراق لقد أيد رئيس الوزراء الاسبق توني بلير الذي قاد معركة العراق ، الحملة العسكرية ضد سوريا ، غير أن ديفيد كاميرون فشل في اقناع قيادات بارزة في حزبه بضرورة العمل العسكري . وقد وقف ديفيد ديفيز منافسه علي زعامة الحزب يعارض القرار ويطالب بعدم تورط بريطانيا في الحرب الاهلية السورية . يعد قرار البرلمان ضربة شديدة لوزير الخارجية وليم هيج الذي قاد الحملة وطالب بالذهاب بسرعة إلي المعركة وعدم الانتظار لمجلس الامن ولا أدلة من فريق الاممالمتحدة الموجود في دمشق . تلقي هيج هزيمة قاسية من أعضاء البرلمان حيث دعا كاميرون لانعقاد مجلسي العموم واللوردات لبحث الموقف والحصول علي التأييد لقرار التدخل العسكري . ضغط الرأي العام ولايزال الموضوع العراقي يعرقل القرار البريطاني ، حيث اندفعت القوات نحو الرمال العراقية للبحث عن أسلحة دمار شامل ثبت عدم وجودها علي الاطلاق . وقد ضغط الرأي العام لعدم دخول هذه الحرب واستجاب نواب البرلمان لاستبعاد العمل العسكري أو المشاركة فيه . كان كاميرون علي ثقة بأن البرلمان يقف خلفه ، غير أن تراجع إيد ميليباند زعيم حزب العمال المعارض عن دعم الحكومة ، سمح لمعارضين من مختلف الاحزاب التصويت بالرفض حيث جاءت النتيجة لصالح المعارضة . يطرح الموقف في البرلمان صعوبات أمام كاميرون ووزير الخارجية وليم هيج ، غير أن الجميع ينتظر تقرير فريق تفتيش الاممالمتحدة الذي ذهب للبحث عن أدلة بشأن استخدام السلاح الكيماوي ، وقد يصدر تقريره في القريب العاجل . كانت الاممالمتحدة عبر أمينها العام بانكي مون ، طالبت باعطاء الدبلوماسية فرصة والانتظار لنشر تقرير بعثة التحقيق التي ذهبت إلي دمشق ، في ظل معارضة روسية واضحة مع تهديدات من جانب إيران بإشعال الاوضاع في المنطقة إذ تم تنفيذ عملية عسكرية ضد سوريا . ولدي الخبراء قناعة أن العملية العسكرية قد تضر النظام السوري وترهق قواته العسكرية لمنعها في المستقبل من تنفيذ عمليات أخري باستخدام السلاح الكيماوي . أزمة سياسية أعطي كاميرون الضوء الاخضر لانعقاد البرلمان خلال جلسة طارئة انتهت بالتصويت الذي أفضي إلي قرار واضح وصريح استجابت له الحكومة وأشعل أزمة سياسية واضحة في البلاد تعكس فشل رئيس الوزراء في تجميع الاحزاب وأفراد حزبه حوله . وقد دفعت بريطانيا ثمناً باهظاً في الحرب علي العراق ، وقد أيد النواب رئيس الوزراء آنذاك توني بلير حيث تحدث عن مخاطر مباشرة علي الامن البريطاني نتيجة امتلاك بغداد لأسلحة دمار شامل . وقد تقود الولاياتالمتحدة الحملة العسكرية غير أن بريطانيا خارجها الآن ، إلا إذا حدثت تطورات تعيد طرح الملف مرة أخري علي البرلمان للحصول علي قرار جديد إذا ظهرت أدلة واضحة علي إدانة النظام الموجود في دمشق . بريطانيا في الوقت الحاضر خارج الحملة العسكرية علي سوريا نتيجة اعتراض واضح من الرأي العام الذي لا يصدق حكومته ، إذ وافقها من قبل بشأن العراق وظهرت الحقيقة بأن بغداد لا تملك أسلحة دمار شامل تستدعي التدخل الدولي لتدميرها . قضية عدم تصديق الرأي العام للحكومة في لندن قد تفجر أزمة سياسية داخلية ، غير أن زعيم المعارضة إيد ميليباند انحاز للأغلبية ورفض تورط حزبه في حرب أخري لا توجد أدلة دامغة لتحريك القوات بشأنها . معاقبة النظام السوري كان وزير الدفاع الاسبق المحافظ السير مالكوم ريفكند طالب في البرلمان إيد ميليباند زعيم حزب العمال للانضمام إلي الحكومة واعلان موافقته علي عمل عسكري ضد سوريا ، غير أن العمال صمموا علي موقفهم خشية تكرار سيناريو العراق الباهظ الثمن والذي لن يقود إلي عراق جديد وديمقراطي ، وإنما منح إيران نفوذاً قوياً علي أرضه . وقد جاءت اغلبية الاصوات في صالح الاعتراض علي بنود الحكومة للتحرك العسكري ضد دمشق ، مما أصاب رئيس الوزراء بالاحباط ، غير أن وزير الخارجية وليم هيج هو الاكثر تضرراً لأنه صاحب الحملة المبكرة لضرورة معاقبة النظام السوري وعدم تركه دون مواجهة بعد الاعتداء بالسلاح الكيماوي علي مواطنيه . شرح هيج أن الحكومة لا تحتاج لقرار من مجلس الامن ، لأن روسيا والصين في موقف المؤيد دائماً في دمشق ، كما أن الادلة واضحة في رأيه بأن النظام السوري اعتاد استخدام هذا السلاح لترجيح كافة المعارك لصالحه . وقال كاميرون أن سوريا غير العراق ، وإن علي البريطانيين تجاوز مرحلة بغداد والبصرة التي جرت منذ عشر سنوات ، لكن الرأي العام لا يريد التورط في معركة أخري ويتذكر اخطاء وأكاذيب رافقت الحرب علي العراق . غياب الثقة أمام كاميرون مرحلة صعبة وشاقة ، والظروف المحيطة بحكومته سيئة ، غير أن الانتظار الآن مرتبط بنشر تقرير الاممالمتحدة وما إذا كان سيدين دمشق وتعود الامور مرة أخري للعرض علي البرلمان للحصول علي قرار جديد . وقد تلاحقت الاحداث بسرعة شديدة فبعد توافق معلن من الاحزب وثقة بدعوة البرلمان للانعقاد ، تغيرت الظروف نتيجة الاضطراب وغياب الثقة في أداء الحكومة وعدم موافقة الرأي العام الذي يعاني من صعوبات اقتصادية ويجد حكومته تدعو إلي عمل عسكري ضد دولة أخري بلا أدلة واضحة علي ادانتها . وقف النائب المعارض جورج جالاواي يندد بالحكومة ويسخر منها بمحاولاتها الانفراد بقرار لعقاب دولة أخري دون موافقة دولة ولا اجماع شعبي . عبر جالاواي عن الرأي العام المتشكك في معلومات الحكومة ، غير أن الوضع لم يحسم بعد نهائياً فالانتظار مرتبط بقرار الاممالمتحدة وبياناتها عن الاحوال في سوريا ، غير أن واشنطن قد تتحرك هذه المرة دون لندن الحليف القوي الذي وقف معها في غزو أفغانستان والعراق ، ويتركها بمفردها وهي تستعد لتوجيه ضربة عسكرية إلي دمشق عقاباً علي استخدام السلاح الكيماوي .