مناضلات يساريات ثريا أدهم «2» «في أكتوبر 1949 كنت محترفة في منطقة القاهرة وقبض علي وقدمت للمحاكمة وكان القاضي مشهورا بالعداء للشيوعيين هو المستشار حسين طنطاوي، وفيما كان القاضي يحاول إرهابي هاجمته بشدة واتهمته بالعمالة للاستعمار وللقصر الملكي وأدنت الجميع: القاضي والملك والحكومة .. فحكم علي بسنة سجنا وثلاثة اشهر اضافية بتهمة إهانة المحكمة». ثريا أدهم ونعود إلي الطالبة ثريا أدهم لنجدها تسهم بحماس في تأسيس «رابطة فتيات الجامعة والمعاهد العليا» وكانت أول تنظيم نسائي يساري وتقدمي في مصر ومن بين المؤسسات لطيفة الزيات، عائشة راتب، انجي افلاطون، آسيا النمر، سعدية عثمان، فاطمة زكي» واحتشدت مئات الفئات في حوش مدرسة الليسيه بميدان التحرير، حاول البوليس منعهن ولم يستطع واعلن تأسيس الرابطة ، وشكل التنظيم ثلاثة أقسام نسائية: «الطالبات- العاملات- ربات البيوت» وأصبحت عضو لجنة قسم العاملات وتركز نشاطها الحزبي في منطقة شبرا الخيمة وهناك عملت مع قائدات عماليات بارزات حكمت الغزالي- زينب العسكري- خيرية أحمد، وتعود ذكري 21 فبراير في عام 1948 ويصدر التنظيم قرارا بتنظيم مظاهرة نسائية، فقد كانت الضربات البوليسية تتوالي واسماعيل صدقي أغلق كل الاندية والمجلات والروابط التقدمية فتقرر اللجوء إلي الفتيات، تجمعن في ميدان التحرير وسرن باتجاه سليمان باشا وقبض عليهن، وكان أول خطي ثريا نحو السجن قضت ليلة في قسم عابدين، أحد الضباط قال لها: إنها مجرد حفلة تدشين. وبالفعل قبض عليها مرة أخري وتسرع الأم إلي صديق قديم للأب وهو النقراشي باشا رئيس الوزراء ويفرج عنها بعد إلحاح شديد، ويتوالي القبض مرة ثالثة ورابعة . فقرر التنظيم أن تترك عملها كمدرسة لغة انجليزية في مدرسة القبة الفداوية الثانوية .. وقرر أن تحترف. وقبلت علي الفور، إنها أول فتاة تحترف العمل الثوري وتترك منزلها بالطبع. وتختفي وتصبح عضوا بلجنة منطقة القاهرة، وفي أكتوبر 1949 يقبض عليها وتقدم للمحاكمة أمام المستشار حسين طنطاوي ويكون ما روته في مقدمة هذه الكتابة ، ويفرج عنها أواخر 1950 ويصدر قرار التنظيم ان تغادر القاهرة إلي الاسكندرية، وهناك عليها أن تبحث عن عمل لتعيش منه هي ومحترفة أخري (فاطمة زكي) وأن تواصل عملها السري. واتخذت ثريا اسم ليلي فهمي وتجد عملا كسكرتيرة لصاحب فندق سيسل وتكتشف ليلي فهمي أنها في عش الدبابير فبعد فترة من تعيينها (بسبب اجادتها للغة الانجليزية ) بدأت تشعر أن صاحب سيسل احد قادة جهاز المخابرات الانجليزية في مصر. كانت تحضر اجتماعات مثيرة للدهشة يحضرها ممثلو كل الجمعيات والمؤسسات البريطانية في الإسكندرية وكان سيل المعلومات يتدفق عن كل شيء وحول كل شيء وكل معلومة تسجل. ولكن اجتماعا واحدا لم يكن مسموحا لها بحضوره.. مرة كل اسبوع أو كل عشرة أيام يجتمع صاحب الفندق ومدير بنك باركليز وهو انجليزي وقنصل بريطانيا في الاسكندرية في غرفة معزولة ولا يحضر الاجتماع احد سواهم وتدرك انه اجتماع قيادة المخابرات البريطانية في الإسكندرية . ويتواصل عمل «ليلي فهمي» في عش الدبابير، تعرف معلومات هائلة لكنها لا تعرف إلي من تبلغها فنشاطها السري محدود في إطار مجموعة محدودة من الرفاق، فالمسئولون الكبار في الاسكندرية قبض عليهم، لكن قرارا تنظيميا مباغتا يصلها بالعودة إلي القاهرة، وتعود مسرعة فتبلغ بقرار غريب أن تنتقل للاقامة مع الرفيقة «اوديت» وكانت السكرتير العام للتنظيم (م.س.م) والهدف هو حماية أمن اوديت، فثريا عليها أن تنتقل وتنقل التعليمات وتتلقي المعلومات واوديت في مخبئها. وأحست أن كل شيء ممكن وكل قرار واجب النفاذ إلا أن تقيم مع هذه السيدة الشرسة، اعتذرت عن هذه المهمة وصدر قرار بفصلها، رغم الفصل سلمت للمنظمة كل ما تمتلك من مدخرات وميراث وعادت إلي الاسكندرية لتعمل في شركة «فورد» لكن المدير «المصري» كان يضطهد كل العاملين المصريين منحازا للاجانب، صرخت في وجهه قائلة: «لا يمكن أن تكون مصريا» وألقت باستقالتها في وجهه. بعدها اكتشفوا انه جاسوس وأعدم. وعملت في شركة كفر الدوار للحرير الصناعي مسئولة عن الترجمة والمكتبة وكان مكتبها في غرفة مدير الشئون القانونية ، ضابط المباحث المختص كان يلتقي العمال الذين يتجسسون لحسابه في هذا المكتب وعرفتهم جميعا وسربت اسماءهم للقيادات العمالية الشريفة . في 1956 عادت للعمل التنظيمي في إطار تنظيمي جديد (الحزب الشيوعي - الراية - المصري) وهناك نشطت في لجان المقاومة الشعبية ، ثم تصاعد نشاطها وسط العاملات.. وتدريجيا أصبحت جزءا من نشاط حزبي متصاعد في الشركة . ويكتشف الأمن حقيقتها ويأتي ملفها من القاهرة . وفي إحدي زياراتها إلي القاهرة لحضور اجتماع حزبي تلتقي حلمي يسن ويتزوجان وينسجان معا رحلة نضالية متواصلة .. وفي 1959 يقبض عليه في يناير وهي يقبض عليها في مارس. خطاباتها إلي حلمي في فترة الخطوبة كانت الدليل الوحيد في القضية وتقرأ النيابة أمام القضاة العسكريين واحدا من الخطابات «يا حبي الكبير إن العلاقة التي ربطت بيننا ستكون حافزا لنا لمزيد من النضال من أجل القضية التي آمنا بها وهي تحرير البشرية ».. حاكموها من أجل هذه العبارة بالسجن ثلاث سنوات تعقبها فترة اعتقال ويفرج عنها في يوليو 1963 .. وعندما يأتي منبر اليسار تأتي ثريا وحلمي ليكونا من أوائل المؤسسين. وليواصلا في صفوفه رحلة نضال أبدي.