يبدو أن خطة المعارضة المسلحة السورية (الجيش الحر) الحالية والقريبة هي زيادة فرض الحصار علي دمشق تمهيداً لخوض معركتها الكبري، وقد بدأت المرحلة الأولي من هذه الخطة قبل أسبوعين ومازالت مستمرة، وقد حققت أهدافاً مهمة منها احتلال مطار مرج السلطان في ريف دمشق الشرقي، واحتلال بعض القواعد العسكرية الأخري في الريف نفسه، ومحاصرة مطار دمشق الدولي وإيقاف السفر منه وإليه. ثم التوجه نحو مطار المزة العسكري الملاصق لمدينة دمشق وبدأ قصفه، هذا فضلاً عن احتلالها عشرات من القري في الريف الدمشقي، ولم ينفع هجوم الجيش النظامي المعاكس واستخدامه الطيران والمدفعية والدبابات لقصف هذه القري واستعادتها، وقد اقتنعت السلطة السياسية كما يبدو أن الجيش الحر يمهد لمعركة دمشق ويهيئ الشروط الموضوعية لهذه المعركة، ورداً علي هذه الخطة المحتملة، استقدمت السلطة قطاعات عسكرية من جنوب سورية ومن وسطها وشمالها إلي العاصمة،وفي الوقت نفسه أقامت حوالي ثلاثمائة حاجز في داخل المدينة مهمتها مراقبة السيارات وتفتيشها والتدقيق في البطاقات الشخصية لركابها. ويقال إن السلطة قسمت المدينة بذلك إلي عشرات المربعات القادرة علي الدفاع عن نفسها إذا ما بدأت معركة دمشق. دمشق تمددت يتجاوز عدد سكان مدينة دمشق الآن خمسة ملايين نسمة بسبب لجوء مئات الآلاف إلي المدينة من الريف الذي قصفت مدنه وبلداته وقراه، إضافة إلي أن ضواحي المدينة تسكنها ملايين أخري، وعلي ذلك فإن معركة دمشق، إذا ما حصلت، ستكون ذات نتائج كارثية، خاصة أن القوي النظامية لاتأخذ باعتبارها حياة الناس ومساكنهم وحاجاتهم من خلال تعاملها السابق مع مدن الريف وقراه، حيث هدّمت معظمها بالكامل وهدّمت الباقي جزئياً ولم تسلم منها أية مدينة، وذلك نتيجة قصف الطيران والمدفعية والصواريخ والدبابات، وكانت تتعامل مع هذه البلدات وكأنها جيش معاد يواجهها، وليس كمدنيين آمنين في بلداتهم وقراهم، وإذا ما حصلت معركة دمشق، وخاصة أنها ستكون المعركة الأخيرة بين النظام والمعارضة المسلحة، فإن نتائجها ستكون كارثية، إذ يصعب علي النظام بعد كل الذي جري في سورية أن يستسلم بسهولة حتي لو أدي به الأمر إلي تدمير المدينة، وذلك قياساً علي ما فعله بالبلدات والقري السورية الأخري، مع أنها لم تكن معركته الأخيرة هناك، ولذلك يتوقع المراقبون هنا أن معركة دمشق ستكون مدمرة، وربما ستواجه دمشق أسوأ ما واجهته في تاريخها. الكيماوي إن هذه الاحتمالات دعت المراقبين في الداخل والخارج، كما دعت الدول الأخري، إلي افتراض احتمال أن تستخدم السلطة السورية السلاح الكيماوي إذا ما اقتنعت أن معركة دمشق هي المعركة الأخيرة، ويعتقد المراقبون أن استخدام هذه الأسلحة، إذا ما حصل، سيكون في المرحلة الأولي ضد بعض القري المحيطة بدمشق، والتي يستقر فيها الجيش الحر ويستخدمها كقواعد له، ذلك لأن هذه القري خالية من أهل الموالاة للنظام، ثم يتوسع بعد ذلك ليقصف قري أخري أكبر وأقرب إلي دمشق، ويقول المراقبون إن تأثير السلاح الكيماوي لايتجاوز 2 3 كيلوات متر وبالتالي يمكّن هذا الأمر النظام أن يختار مواقع بعينها ليقصفها ويجتث بذلك قواعد الجيش الحر، ويبقي سؤال محير هو وماذا إذا احتل الجيش الحر بعض الأحياء الدمشقية فهل سيقوم الجيش النظامي بقصفها بالسلاح الكيماوي؟ وفي الحالات كلها ما هو موقف البلدان الأخري وخاصة الدول الكبري إذا استخدم الجيش السوري السلاح الكيماوي؟ هناك افتراض مهم، رغم قلة أنصاره، يقول إن استخدام السلاح الكيماوي، علي عكس ما يعتقد الجميع هو بيد القيادة العسكرية وليس بيد السياسيين أي أنه ليس بيد الرئيس الأسد، وعلي ذلك فمن غير المستبعد استخدامه تنفيذاًَ لحماقة بعض العسكريين المشهودة، التي جرّت النظام إلي استخدام العنف بعد أشهر من الانتفاضة، ومازال هذا العنف يتصاعد إلي أن وصل إلي ما وصل إليه، ولوكان الأمر بيد السياسيين لقبلوا منذ ألأشهر الأولي الحوار مع القوي الأخري والاتفاق علي إصلاحات من شأنها أن ترضي المعارضة والشعب السوري بدلاً مما وصلته الأمور الآن حيث لم يعد ينفع لا الحوار ولا التفاوض، وربما ولا الحل السياسي. علي كل حال، تشير كل التوقعات إلي قرب معركة دمشق، التي قد تكون المعركة الأخيرة بين النظام ومعارضيه، ولكنها قد لا تكون كذلك إذا ما انتقل أهل السلطة إلي بعض المناطق السورية ألأخري وتحصنوا فيها، وفي الوقت نفسه فقد لاتحصل هذه المعركة إذا ما استجدت ظروف مفاجئة أنهت الأزمة قبل بدء المعركة.