صدر كتاب بعنوان «الفلسفة وقضايا البيئة. أخلاق المسئولية . هانزيوناس نموذجا» من تأليف وجدي خيري نسيم. وقدم له د. أنور مغيث ، وقد صدر عن المجلس الأعلي للثقافة. هذا الكتاب يقدم للقارئ العربي عرضا لأهم آراء وأفكار أحد فلاسفة البيئة الألماني هانزيوناس ويقدم تحليلا لنصوصه وما تتضمنه من نتائج فلسفية وسياسية وأخلاقية، وهو دراسة من الفلسفة المعاصرة تحت عنوان «أخلاق المسئولية عند هانزيوناس ويشتمل علي بابين وكل باب يحتوي علي ثلاثة فصول، الباب الأول بعنوان «نقد التراث الفلسفي» والباب الثاني تحت عنوان «نحو أخلاق ملائمة لعصر التقنية». وعي الفلاسفة بالمشكلة لم يخل العالم يوما من الازمات وعاني البشر طوال تاريخهم من الاوبئة والمجاعات والكساد الاقتصادي والاستبداد السياسي، لكن أزمة البيئة جاءت نتيجة لتسارع النشاط الانتاجي للإنسان وتزايده من ناحية. وللتقدم العلمي والتكنولوجي من ناحية أخري. وعبر جان تبنرجن عن هذا المأزق الذي يواجه البشرية بقوله «إن حل مشكلة البيئة علي المستوي العالمي يتطلب أولا تقليل النمو الإنتاجي الذي يستنفد المصادر الطبيعية، بينماتتطلب مشكلة التنمية مواصلة النمو الإنتاجي» هذا وقد طالبت الدول المتقدمة الدول النامية بالحد من خطط التصنيع لأنها تشكل خطرا علي البيئة، كما أن التكنولوجيا المتقدمة التي تحد من التلوث غالية الثمن وصعبة علي الدول النامية امتلاكها وهذا الصراع بين الدول النامية والدول المتقدمة يشكل عقبة في وجه اتفاق جميع الدول المتقدمة علي اتفاق مشترك لحماية البيئة دون الاطاحة بأمل التنمية. هذا وقد وعي الكثير من الفلاسفة هذه المشكلات التي تواجه عصرنا الراهن منهم الفرنسي ميشيل سير الذي رأي ضرورة صياغة عقد طبيعي بين الإنسان والطبيعة. الدين ومشكلة البيئة ولقد قدم يوناس إطارا نظريا لفلسفة البيئة تقوم بنيته الأساسية علي فرض مجموعة من التصورات الأساسية مثل نقده للغنوصية، (والغنوصية ظهرت كحركة دينية في القرنين الثاني والثالث الميلادي، في مدرسة الإسكندرية ، وهي مشتقة من الكلمة اليونانية gnosis أي المعرفة، وهدف هذه المعرفة هو الوصول إلي الحقيقة المحتجبة بوصفها مفتاحا للحصول علي الخلاص). وركز يوناس في نقده للغنوصية علي عدة نقاط أساسية مثل الانفصال بين الله والعالم وهو ما انعكس بدوره علي الانفصال بين الانسان والعالم علي اعتبار أن الإنسان يحتوي علي عنصر إلهي. ولم يعط يوناس للدين دورا حاسما في حل هذه الأزمات بل نظر إلي الدين علي أنه «ترف للعقل» ستؤدي الاستعانة به إلي المزيد من التعصب ولذلك لم يلجأ إليه يوناس في تأسيسه لأخلاق المسئولية، «فالأخلاق التي نحتاجها اليوم يجب أن يتم تأسيسها من دون اللجوء إلي المقولات اللاهوتية لأنه في مثل هذا العالم الدنيوي ستكون الأخلاق المؤسسة علي اللاهوت محدودة ومتعصبة». نقد فلسفتي ديكارت وبيكون ويمتد موقف يوناس النقدي إلي الفلسفة الديكارتية، والتي تقوم في نظره علي الثنائية التعارضية المتطرفة، بين عالم الذات الذي يمثله الإنسان وعالم الموضوعات الذي تمثله الطبيعة، وانتقد ايضا فكرة مركزية الإنسان في الفلسفة الديكارتية التي تنسب الوعي والعقل إلي الانسان وحده. وتعرض كذلك لنقد فلسفة بيكون ومنهجه الذي يهدف إلي معرفة الطبيعة لاستعبادها وترويضها لتحقيق السعادة للبشرية، ومن ناحية أخري تحدث يوناس عن التحديات المعاصرة التي يفرضها علينا الاستخدام المفرط للتكنولوجيا .