علاء غنام: تعميم منظومة التأمين الصحى الشامل سوف يساهم كثيرا في تقليل معاناة المرضى غير القادرين رغم مرور أكثر من خمسة أعوام على اقرار البرلمان لقانون التأمين الصحى الشامل الذى يهدف الى توفير رعاية صحية شاملة ومتكاملة لكل المواطنين, بالاضافة الى تصريحات وزير المالية المستمرة بشأن تنفيذ الحكومة للتكليف الرئاسى بضغط الجدول الزمنى لمد مظلة التأمين الصحى الشامل لكل المحافظات خلال 10 سنوات بدلًا من 15 عامًا؛ الا أن معاناة المرضى ما زالت مستمرة ..فالطوابير أمام المستشفيات الحكومية وعيادات التأمين الصحى والمجالس الطبية لا تنتهى ..والأمراض نهشت أجساد المصريين فى ظل تردى الأوضاع الصحية نتيجة لعدم اهتمام المسئولين بصحة المواطن فى الوقت الذى لا يملك فيه الغالبية العظمى ثمن الدواء وحتى المنتفعين بالتأمين الصحى الحالى من المؤمن عليهم لا يجدون أغلب الأدوية فى عيادات التأمين أما الغالبية العظمى وهم الفقراء غير المؤمن عليهم فكان حتما عليهم الصبر حتى يتم تعميم منظومة التأمين الصحى الشامل.. مرت منظومة التأمين الصحى الشامل بعدة محطات منذ اعداد مشروع القانون، مرورًا بموافقة مجلس النواب عليه، ثم البدء في تنفيذه فى 3 محافظات, ففى اواخر اكتوبر 2017 أحالت الحكومة مشروع قانون التأمين الصحى الشامل لمجلس الدولة تمهيدًا لإقراره من البرلمان, لم يستغرق مشروع القانون طويلًا في مناقشته داخل مجلس النواب، حيث تمت الموافقة عليه فى منتصف ديسمبر 2017, وفى مايو 2018 أصدر مجلس الوزراء، اللائحة التنفيذية لقانون التأمين الصحى الشامل الصادر بالقانون رقم 2 لسنة 2018, ثم جاء دور وزارة الصحة حيث قامت بتجهيز محافظة بورسعيد باعتبارها أولى المحافظات التي يُطبق فيها التأمين الصحي الشامل، سواءً برفع كفاءة وحدات طب الأسرة والمراكز الصحية، فضلًا عن المستشفيات، وتأهيل الكوادر البشرية, وقامت الوزيرة السابقة "هالة زايد" وقتها بالعديد من الجوالات على أرض الواقع والزيارات الميدانية لمتابعة التجهيزات الجارية بمنشآت التأمين الصحي الجديد، ثم دعت الوزارة المواطنين بمحافظة بورسعيد، بسرعة التوجه لأقرب مركز صحة، لعمل الفحص الطبي الشامل مجانًا، والتسجيل وفتح الملف العائلي والتعرف على طبيب الأسرة الخاص، إذ تتيح المنظومة للعائلة العرض على الطبيب للكشف أو المتابعة في أي وقت، أو الاتصال تليفونياً بخدمة العملاء وحجز موعد لتلقي الخدمة الطبية بكل سهولة وجودة عالية. وفى اكتوبر 2018 أعلنت وزارة الصحة، البدء في أولى إجراءات الاستعداد لإطلاق منظومة التأمين الصحي في باقي محافظات المرحلة الأولى من المنظومة، وتشمل: الإسماعيلية، السويس، جنوبسيناء، الأقصر وأسوان. ثم جاء التكليف الرئاسى للحكومة باستكمال تطبيق منظومة التأمين الصحى الشامل بالمحافظات رغم التحديات الاقتصادية العالمية؛ بما يُسهم فى تحقيق حلم كل المصريين بتوفير الرعاية الصحية الشاملة والمتكاملة لجميع أفراد الأسرة المصرية خلال 10 سنوات بدلاً من 15 عامًا، وبعد تطبيق المنظومة بشكل كامل في محافظتي بورسعيد والأقصر، يجري حاليًا الاستعداد لإطلاقها رسميًا في محافظة الإسماعيلية ثم مد مظلتها بباقي محافظات المرحلة الأولى: جنوبسيناء وأسوان والسويس، ثم محافظات المرحلة الثانية: قنا، البحر الأحمر، مرسي مطروح، وغيرها. والغريب انه منذ تولى الوزير الجديدد"خالد عبدالغفار" مهام وزارة الصحة لم يتحدث عن استكمال المنظومة بشتى المحافظات, أو ضرورة مد مظلة التأمين الصحى الشامل لعدد أكبر من غير القادرين، وهل سيتم التنسيق مع وزارة التضامن الاجتماعى فى هذا الشأن من أجل تعزيز مظلة الحماية الاجتماعية، وتخفيف آثار التحديات الاقتصادية العالمية عن المواطنين، بما يصحبها من موجة تضخمية حادة وهل سيتم التنفيذ بشتى المحافظات وفقا للمواعيد المحددة أم أن هناك عقبات تتمثل فى التمويل مثلا ؟! نقص حاد من جانبه أكد د"محمد حسن خليل" مقرر مساعد لجنة الصحة في الحوار الوطني -أن قطاع الصحة بأكمله سواء المستشفيات الحكومية أو عيادات ومستشفيات التأمين الصحى يعانى من نقص الموارد وعدم تناسبها بالاضافة الى أوجه القصور فى مستويات الجودة, فلم يتمكن من مواكبة النمو السكانى, حيث تراجع عدد الأسرة بنسبة 1,7 %, فبلغت نسبة الأسرة الى عدد السكان 1,32 سرير لكل 1000 مريض فى عام 2019 وهى أقل من المتوسط فى البلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الذى يبلغ 1,54 سرير لكل 1000 شخص, ويعانى القطاع الصحى بوجه عام العديد من التحديات من حيث الأداء بسبب تدنى الرواتب ونقص المستلزمات الاساسية, مشيرا الى أن الخدمات المفترض انها تقدم مجانا الا انه غالبا يطلب من المرضى وأسرهم توفير المستلزمات الطبية لعلاجهم على نفقتهم الخاصة بسبب نقص تلك المستلزمات, فضلا عن جمع العاملين فى المجال الطبى بين أكثر من عمل, وتدنى الأجور فى القطاع الطبى الحكومى ..كل هذا يؤدى الى ضعف الاداء. وكشف د "خليل " عن تحدٍ خطير يواجه القطاع الطبى فى مصر وهو هجرة العقول فى معظم المهن الطبية لا سيما بين الأطباء حيث تشير سجلات النقابة العامة لاطباء مصر لعام 2020 أن هناك 212835 طبيبا عاملا مقيدين لدى النقابة بمعدل 2,1 طبيب لكل ألف شخص, ويعمل فى القطاع الحكومى 188535 طبيبا, والباقون فى القطاع الخاص, وهناك نحو 120 ألف طبيب يعملون بالخارج 56% من اجمالى الأطباء المقيدين بالنقابة, فى حين يعمل 62 ألف طبيب فى منشآت تابعة لوزارة الصحة والسكان, حيث استقال من التكليف في الأعوام الثلاثة الماضية أكثر من 11 ألف طبيب. ضعف التمويل وأشار الى أن التمويل على القطاع الصحى يعد منخفضا وفقا للمعايير الدولية وفى تراجع مستمر، فرغم أن الدستور ينص على 4% ويتزايد تدريجيا ليصل الى 6% من الناتج القومى الا أنه لا يزال عند 1,4% مشيرا الى أن هذا الانخفاض بدأ منذ فترة الثمانينيات. فبينما كانت الحكومة تنفق في الستينيات 5% من الناتج القومي الإجمالي على قطاع الصحة انخفض بعد عصر الانفتاح في عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات إلى 1.7% وصل الآن الى 1,4%..وأوضح أن كل هذه الأسباب تجعل النظام الصحى لدينا متدهورا للغاية, والتأمين الصحى ليس بمعزل عن النظام الصحى ككل, فميزانية التأمين الصحى الذى يفنرض انه يغطى 58% من السكان لا تتعدى ال 13 مليار جنيه. أما الأمل فى أن تصلح منظومة التأمين الشامل النظام الحالى فلا أعتقد ذلك، خاصة انه وفقا لمنظومة التأمين الصحي الشامل الذى تم تطبيقه بعد خمس سنوات فى محافظتين فقط أن يتم بيع المستشفيات الحكومية, ومشاركة القطاع الخاص في الإدارة, كما أن هاتين المحافظتين لا تضمان سوى 20 % من السكان, والتأمين بالنظام الجديد ليس اجتماعيا شاملا كما يروج البعض بلى هو نظام اختيارى, مؤكدا أن أكبر خطر يواجه القطاع الصحي حاليا تنصُّل الدولة من المسؤولية عن الصحة وتحويلها على القطاع الخاص في بلد ثلثه تحت خط الفقر, وأوضح ان المحافظات التى تتزايد فيها نسبة الفقر والجهل عند تطبيق القانون الجديد بها لن يشترك المواطنون فى التأمين الصحى حتى لا يلتزموا بدفع اشتراكات, ويصبح الفقراء بلا أى رعاية صحية. تعميم المنظومة من جانبه أكد د"علاء غنام" مدير برنامج الحق فى الصحة بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية -أن منظومة التأمين الصحى الشامل تعثرت قليلا خلال الفترة السابقة نتيجة للظروف القاسية التى مر بها العالم متمثلة فى فيروس كورونا مشيرا الى أننا عشنا 3 سنوات فى ظل الوباء وتأثر القطاع الصحى كثيرا, ثم الأزمة الاقتصادية العالمية كل هذا جعل تنفيذ المشروع أبطأ, وبالتالى لا يمكن الحكم عليه فى ظل هذه الظروف ولا نستطيع أن نقول انه توقف, أو حتى نقيم المشروع لانه لا يزال فى مرحلة التشغيل التجريبى. وأشار الدكتور "علاء غنام" الى أن تعميم منظومة التأمين الصحى الشامل سوف يساهم كثيرا تقليل معاناة المرضى غير القادرين الذين لا يتمتعون بتأمين صحى حاليا وليس لديهم اى تغطية تأمينية, موضحا أن الفئات الأشد فقرا غير المؤمن عليهم طبقا لدراسات الخريطة الاجتماعية المصرية تمثل حوالى 40% من عدد السكان, وأشار الى أن منظومة التأمين الصحى الشامل سوف تقضى على فوضى التأمين الصحى الحالى والعلاج على نفقة الدولة وسيتم توحيد الهياكل الطبية, مطالب بضرورة أن يغطى التأمين الصحى الشامل كل الأمراض, حيث أن المرضى غير القادرين يتوجهون الى العلاج على نفقة الدولة وفى كل مرة يتم توجيه قرار العلاج الى جهة مختلفة مما يسبب للمريض الكثير من المعاناة والمشقة, فى حين أن نظام العلاج السليم يتطلب أن تتوافر للمرضى عيادة منتظمة ويكون لكل مريض ملف طبى بحالته حتى يسهل استمرار العلاج .