انعقدت قمة فيشجراد للاحتفال بالذكرى 30 لتأسيس المجموعة، فى مقر الرئيس البولندى أندريه (أنجيه) دودا فى قرية يورات بشبه جزيرة خيل الواقعة على بحر البلطيق، وهو مقر رئاسى بولندى افتتح ويعمل منذ عام 2003، واستضافت فيه بولندا العديد من زعماء العالم مثل الرئيس جورج بوش والمستشارة الألمانية ميركل وملك اسبانيا خوان كارلوس، كما زار المكان حائز نوبل ورئيس التشيك الأسبق فاتسلاف جافل. أى أن مقر انعقاد القمة كان على الأراضى البولندية والاستقبال على أعلى مستوى. تأسست هذه المجموعة أو لنقل هذه المنظمة الإقليمية على مستوى دول وسط أوروبا عام 1991 من أربع دول هى سلوفاكياوالتشيك وبولندا والمجر فى مدينة فيشجراد المجرية الواقعة إلى الشمال من العاصمة بودابست، وكان الهدف منها، بحكم تأسيسها فى 1991، ربما عمل تكتل من دول حلف وارسو السابق، عقب أو قبيل انهيار الاتحاد السوفيتى وحل الحلف، جاء انعقاد القمة هذه المرة بمناسبة الاحتفال بمرور 30 عاماً على تأسيس هذه المجموعة. وتهدف مجموعة الدول إلى توحيد وتنسيق المواقف بينها سواء داخل الاتحاد الأوروبى أو حلف الناتو، من بين هذه الدول الأربع بولندا وهى من الدول التى تبوأت مكانا خاصا بسرعة داخل الاتحاد الأوروبى، ونشاهد كذلك المجر الدولة صاحبة المواقف المستقلة داخل الاتحاد الأوروبى وحلف الناتو، ونجد سلوفاكياوالتشيك وهما دولتان لهما تاريخ قديم مع مصر، فأول صفقة سلاح مصرى من الكتلة الشرقية حينها كانت عن طريق تشيكوسلوفاكيا عندما كانتا دولة واحدة، كما أن البحرية السوفيتية كانت ترتدى زى البحرية البولندية للتغطية على التواجد السوفيتى فى مصر. شاركت مصر فى قمم هذه المجموعة لأول مرة عام 2014 على مستوى وزير الخارجية المصرى، والمرة الثانية شارك فيها الرئيس عبد الفتاح السيسى عام 2017، بدعوة من رئيس الوزراء المجرى فيكتور أوربان. تعتبر دول مجموعة فيشجراد من الدول الداعمة للاستقرار فى مصر، إدراكا منها أن الاستقرار فى مصر كدولة محورية من شأنه أن يحقق الاستقرار فى منطقة الشرق الأوسط مما يحمى أوروبا من موجات الهجرة غير الشرعية التى أرهقت أوروبا على المستوى الاقتصادى والاجتماعى والإنسانى، ولم تنس مجموعة فيشجراد أهمية مصر ودورها فى تحقيق الاستقرار فى ليبيا، التى تعتبر أحد نقاط ارتكاز الهجرة غير الشرعية، إضافة كما قال الرئيس السيسى، مصر تأوى لديها ما يقرب من 6 ملايين لاجئ من أفريقيا ومن دول أخرى مختلفة وهم يعيشون وسط الشعب المصرى، والسلطات المصرية تسعى بكل جهدها لكى تمنع أى موجات هجرة عن طريق الحدود المصرية. وتدرك دول المجموعة دور مصر فى القضاء على التطرف الدينى والإرهاب باعتبارها دولة تكافح التطرف بكل أشكاله، كما حرص رؤساء دول مجموعة الدول الأربع على الترحيب بالرئيس السيسى مجدداً فى القمة، وأكدوا حرصهم على الاستماع لرؤية الرئيس عبد الفتاح السيسى فى معالجة مشاكل المنطقة والدور الذى تقوم به مصر فى استقرار المنطقة، ودور مصر فى معالجة مشاكل المنطقة وفى شمال أفريقيا على وجه الخصوص، والأمن الإقليمى بصفة عامة، وهو ما أكد عليه الرئيس عبد الفتاح السيسى حين قال فى كلمته، إن النزاعات الداخلية فى بعض البلاد والدول التى تؤججها، وما تؤدى له من عدم الاستقرار وموجات النزوح والهجرة غير الشرعية كما حدث فى العراق وسوريا ولبنان، تطرق الرئيس عبد الفتاح السيسى كذلك أمام القمة إلى الأمن المائى لمصر، وأكد تمسك مصر باتفاق قانونى وملزم يضمن لمصر حصتها فى مياه النيل، وأكد كذلك على حل النزاع بالطرق الدبلوماسية والتفاوض وهو النهج الذى تنتهجه مصر منذ الأزمة . وأشار الرئيس السيسى إلى مكافحة الإرهاب باعتبارها على رأس أولويات مصر، لأنه بدون مكافحة الإرهاب لن تحدث تنمية بالمفهوم المتعارف عليه، وأشار الرئيس إلى ما تبذله مصر من مبادرة حياة كريمة التى تهدف إلى تحسين حياة 60 مليون مصرى، على اعتبار أن حقوق الإنسان تبدأ من تحسين ظروف معيشة البشر، وجهت القمة كذلك ضربة قوية إلى إسرائيل عندما لم تدعها للقمة، بسبب مواقف تل أبيب من قضايا عديدة متعلقة بسياساتها الداخلية كدولة احتلال. كان هذا على الجانب السياسى، أما فيما يتعلق بالجوانب الاقتصادية فقد أشارت الأنباء إلى أن وفداً من مجموعة فيشجراد زار منطقة قناة السويس الاقتصادية لبحث سبل التعاون المشترك والاستثمار فى تلك المنطقة الواعدة، كما أن هناك عدة اتفاقيات كانت قد وقعت مع المجر تجرى الآن عملية متابعة. هذا على الجانبين السياسى والاقتصادى ولكن إذا تحدثنا عن مشاركة الرئيس السيسى فى تلك القمة من الناحية الاستراتيجية، نجد أنه أكد على الخط المستقل الذى تنتهجه مصر فيما يتعلق بسياستها الداخلية أولا، ثم الخارجية وهو البارز فى مشاركته فى هذه القمة فهو يشارك فى قمة لدول لها علاقاتها الخارجية الخاصة، بدول لمصر ارتباطات واتفاقيات وشراكات معها، على سبيل المثال علاقة بولندا ببيلاروسياوروسيا المتوترة على خلفية أزمات متعددة منذ أزمة 2014 مع أوكرانيا، وحتى دول مثل التشيكوسلوفاكيا حيث العلاقات متوترة مع روسيا منذ أزمة القرم عام 2014، ومع ذلك استطاع الرئيس السيسى اختراق هذا وبنى علاقات لمصر مع تجمع سياسى واقتصادى مهم فى اوروبا بصرف النظر عن علاقات هذه الدول بشركائها أو شركائنا، أى أن مصر دولة منفتحة على العالم فهى على علاقة متميزة مع روسيا من خلال مشروعات ضخمة عديدة، وعلاقات متميزة بدول ربما تكون علاقاتها بروسيا أو بيلاروسيا ليست على نفس المستوى، لكن بوصلة الرئيس عبد الفتاح السيسى التى تحكم علاقاته بالعالم الخارجى هى مصلحة بلاده وشعبه. كما أن مشاركة مصر ورئيسها كدولة محورية فى شمال أفريقيا والشرق الأوسط يمنح قمة فيشجراد بعدا دوليا يتخطى بعدها الإقليمى كمجموعة لدول حلف وارسو السابق، فى وسط أوروبا.